اخر الاخبار

من الغريب في الحياة الثقافية راهناً، تباهيها في إقامة مهرجانات غنائية ومسرحية ومعارض للكتب يتم وصفها بـ (الدولية).

في حين نعرف جميعاً، ويعرف العالم كله ان العراق يعاني من أزمات حادة تعصف بالمجتمع العراقي، بدءاً من فقدان الامن الى عدم تأمين مستلزمات الحياة اليومية، مروراً بالفساد المالي والإداري والجهل والمرض والبطالة وغياب الخدمات العامة وعقدة السلطة واستلام مقاليد البلاد والعباد!

العراق بات من الدول الخارجة عن اطار الدول الآمنة والمستقرة سياسياً مما جعل العالم ينظر اليه بوصفه البلد الذي تمزقه الصراعات المذهبية والعنصرية والمناطقية ويعلو فيه صوت الرصاص وتثقل عليه إدارات فاسدة، مما يجعله دولة فاشلة.

ومع ذلك يحاول عدد من المتفائلين إيلاء الأمور قدراً من الامل بهدف الخروج من جملة هذه المآزق التي تحكم الواقع العراقي، وذلك بإدامة زخم الحياة والتفاؤل بالمستقبل على الرغم من علمهم ان المستقبل قد تم رهنه في المحيط المالي العالمي المثقل بالديون لأجيال لاحقة.

مع كل هذه الحقائق تمت إقامة مهرجان بابل (الدولي) وبالتأكيد اغدقت عليه الأموال موزعة ما بين الاستحقاق والاستحقاق بعد توقف هذا المهرجان اكثر من عقدين من الزمن.

وعمدت السلطات المحلية في بابل الى اعلان موقفها في الحيلولة دون إقامة حفلات غنائية ورقصات فلكلورية مع ان طبيعة المهرجان قائمة على هذا الجانب اكثر من سواه من الفقرات التي تتضمن الندوات والقاء القصائد وإقامة المعارض الخاصة بالكتب والتشكيل والعروض المسرحية.

وهذا التباين في بلد تقضي حكومته المحلية للحيلولة دون الغناء والرقص والموسيقى وبين خطاب حكومي مركزي (يبيح) للمهرجان تقديم فقراته كافة. هذا هاجس متباين في صراع وتضاد في الرأي حتى يجند البعض الى إقامة تظاهرات ضد المهرجان!

فكيف يكون هناك مهرجان وهناك من يحول دونه؟ وكيف تكون هناك استضافة (دولية) لمهرجان يتقاطع مع السياسة الثقافية في البلاد التي (تحرّم) الفنون مجتمعة؟

اذن ما معنى ان تكون هناك كليات ومعاهد للفنون ومديريات رسمية للمسرح والسينما والتشكيل والازياء والموسيقى ان الثقافة على وفق هذا التوجه لا يمكن ان ترقى الى مستوى العرض ومواجهة الجمهور المحلي، فكيف نواجه العالم وندعوه ونصرح بفنون غنائية عن البلاد أصلاً؟

نعم من حق العراق ان يتفاءل ومن حق اجياله رؤية المستقبل بعيون عسلية، ولكن ان يتحول هذا التفاؤل الى نقمة على العراقيين فهذا ما يراد الانتباه اليه قبل الشروع في الاعداد لأي مهرجان دولي لاحق خاصة وان هذا الشهر سيقام في بغداد مهرجان دولي للمسرح.

انها مهرجانات دولية يغيب عنها العراق اصلاً فيما افراد يمثلون انفسهم يغامرون بالمجئ الى العراق لنقول نحن انه مهرجان (دولي) وما هو بمهرجان اصلاً .. فكيف يكون دولياً؟

عرض مقالات: