اخر الاخبار

الى من روت دماؤوهم ثرى أم الربيعين الخالدة.

رغم إن هناك متسع من الوقت إلا إن الاستحضارات على أشدها لاحتفالية عيد ميلاده، المرأة الاربعينية في أوج نشاطها والرجل منهمك في اعداد بطاقات المدعوين والمحتفى به على وشك الوصول، تناثرت الورود والهدايا في غرف البيت واتصالات النقال لم تهدأ لحظة، مسحة حزن تبدو على جبين الوالدة وهي تتفقد الأغراض وآلاف(السيناريوهات) تدور في مخيلتها، والوالد يراقب بقلق عواجل الفضائيات عن آخر اخبار القتال الذي اشتد وطيسه في الساعات الأخيرة.

اقتربت من زوجها

- هل اتصل ماهر

-نعم سيصل بعد ساعات

راحت تتخيله طفلا يحبو في الصالة بظفيرتين شقراويتين ومشاكساته والغيرة المفرطة من اخيه الكبير وشريط الزمن راح بعيدا فهاهو يجتاز الابتدائية بتفوق فالمتوسطة حتى انهى الاعدادية ويحقق رغبته الجامحة، ضابطاً في الجيش في زمن الحروب التي لاتنتهي على ما يبدو، قطع سيل افكارها صوت الجرس، نهضت صائحة

-جبار.. هذه رنة ماهر، انه هو ها قد وصل

وامتلأ فضاء الدار بالزعاريد، وها هو يصل أخيرا...

يومان تفصلهما عن عيد مولده وهذه السنة سيكون ميلادا مميزا على مايبدو، تفحص الهدايا، وشعورا ينبئه بأن احتفالية عيد الميلاد ستكون في مكان آخر قد يكون بعيدا جدا جدا

تحدث لوالديه عن المعارك وكان حريصا على أن لا يخبرهما بالحقيقة المرعبة عن قطع الرقاب وفظاعة جرائم الاوباش هناك في الموصل، وصلت الدعوات الى الأقارب ، نسف كل هذه الجهود والاستحضارات والمكالمة التي وردت الى ماهر بالالتحاق فورا وقطع اجازته، هذا ماكان يتمناه وقد جربه مرارا في بعض الأحيان يكون الإتصال اختبارا سرعان مايعود وهذا الأمر جربه مرات عده ،عمت الدهشة والحيرة، وبسرعة كان قد استعد للذهاب داسا في جيبه شموعا صغيرة من دون ادنى شعور منه.

يبدو ان الدعوة هذة المرة كانت حقيقة بعد المعركة التي استفذ فيها العدو خيرة مقاتلي النخبة من رفاقه المقاتلين

وهاهي الموصل التي تغيرت ملامحها كثيرا، أزيز الطائرات لايهدا للحظة، أعمدة الدخان تتصاعد ،سوداء داكنة، وهاهو وجها لوجه أمام عدوه ،اقبل الليل سريعا، مزمجرا، هذه ليلة ميلاده ورفاقه يعلمون بالأمر جيدا، قاتلوا في الازقةالضيقة ووسط البيوت المدمرة، كر وفر، تحصنوا في دار نصف مدمرة، أكتشف موقعهم، فجر البيت، وسط الظلمة والدخان الكثيف استشهد ماهر، وصياح وزعيق الاعداء يسمع بوضوح، حبسوا انفاسهم بانتظار الدعم الذي وصل اخيرا، تلمس عباس جثمان زميله الشهيد والليل في هزيعه الاخير، ياللهول هذه شموع في جيب ماهر...

اوقدوا الشموع حول جثمانه وراحوا يغنون

اغنية الميلاد...

*القصة حقيقية رواها لي ولدي المقاتل في جهاز مكافحة الارهاب  اثناء معارك تحرير الموصل واضفت لها مايصلح للسرد والبناء...

عرض مقالات: