اخر الاخبار

قالت الكاتبة الفرنسية آني إرنو، حال إبلاغها بخبر حصولها على جائزة نوبل للأداب، بأنها سعيدة وفخورة جداً، وإنها تشعر بالمسؤولية بشكل أكبر لمواصلة دورها في دعم الإنصاف والعدالة في العالم. ووعدت بأن تحضر حفل تسليم الجوائز في العاصمة السويدية، إستوكهولم، يوم 10 كانون الأول القادم، وهو اليوم الذي يُّحتفل فيه بذكرى رحيل مؤسس الجائزة الفريد نوبل. كما وعدت بإلقاء كلمة في الإحتفال.

من جانبها، ذكرت الأكاديمية السويدية أنها وجدت في إسلوب إرنو، البارع والسهل الممتنع والخالي من الخيال والمبالغة والإطناب، وفي شجاعتها على اكتشاف جذور الإغتراب والابتعاد عن القيود الجماعية للذاكرة الشخصية، والدقة السريرية في تشريح الشخصيات، أسباباً لمنحها جائزة نوبل لعام 2022.

مسار إبداعي مشرق.

ولدت إرنو في أيلول 1940، وترعرعت في منطقة نورماندي، شمال فرنسا. درست في جامعة رون أولاً، ومن بعدها في جامعة بوريكس، وتأهلت كمُعلمة، قبل أن تنال أعلى درجة في الأدب الحديث عام 1970. وقد عُرفت روايتها الأولى (الخزائن الفارغة) والتي صدرت عام 1975، بأنها نوع من كتابة السيرة الذاتية، بعيدة عن الخيال، تلك الرواية التي وصفتها الأكاديمية السويدية في قرارها، بأنها أكثر مشاريع إرنو طموحاً، وهو ما أكسبها شهرة دولية، إضافة لمجموعة كبيرة من المتابعين وعشاق الأدب.

في عام 1984 فازت إرنو بجائزة رينو الأدبية عن عملها (المكان) الذي مّثل أيضاً  سيرة ذاتية، عن علاقتها بأبيها وعن نشأتها بعيداً عن الموطن الأصلي لعائلتها. كما وصفت في عملها (العار) إنتقال أبويها من حياة عمالية الى حياة الطبقة المتوسطة، وفي عملها (ذاكرة فتاة) سنوات مراهقتها وبلوغها الجنسي، وفي روايتها (المرأة المجّمدة) زواجها، وفي عملها (غواية شيطانية) حبها وإرتباطها بشاب يصغرها بثلاثين عاما، وفي روايتها (الحالة) ظروف إجهاضها، وفي رواية (لم أخرج من ليلتي) مرض الزهايمر. كما دارت أحداث روايتها (إمرأة) حول فقدانها لوالدتها، وأحداث روايتها (إستخدام الصورة) تفاصيل إصابتها وشفائها من سرطان الثدي.

ترحيب كبير

وقد إستقبلت الأوساط الثقافية السويدية، الحدث بترحاب كبير، حيث أشارت الكاتبة والناقدة إيبا ـ وات براتستروم الى أن من المهم والمفرح أن تفوز بالجائزة، كاتبة تتبنى النسوية، وقادرة على وصف رحلتها الطبقية. كما كتبت رئيس تحرير مجلة (كلمة وصورة)، آن إيغي، بأن حصول إرنو على جائزة نوبل، يعد خبراً مهماً، ليس للكاتبة فحسب، بل وايضاً لكل المهتمين بالأدب القادر على وصف كل ما يتعلق بالكفاح الطبقي وكذلك الخبرة الفردية المتأتية من أن يعيش ويترعرع المرء في عائلة عمالية. وأضافت أن لإرنو الكثير من خفايا وأسرار هذه الحياة، لكنها كانت قادرة بالتأكيد على أن تمتلك أسلوباً مكثفاً في الحديث عنها. لقد إهتمت في كتبها بشكل جاد جداً، بما يمكننا أن نسميه حياة النساء الأوربيات فيما بعد الحرب. وتتفق أيغي مع الكاتب أدورد لويس الذي أعتبرها مصدر إلهامه، مشيرة الى أن ذلك لا يمكن أن يكون مصادفة ابداً.

وتشير الشاعرة والمترجمة ورئيس تحرير مجلة (بين) السويدية، خلود الصغير، الى رغبة إرنو بأن تكون كاتبة سياسية ومصدر إلهام لأدب العمال الحالي، مذ عالجت في السير الذاتية التي كتبتها، هموم الطبقة العاملة، ومشاكل المرأة الشابة، وقضايا التحرر والمتعة والعار والإجهاض وغيرها.

ويعتقد الناقد الأدبي السويدي كريستوفر فولشمار بأن إرنو روائية حادة اجتماعياً، وأديبة واضحة وضوح الشمس، تعمل كتبها كرابطة وصل بين الفرد والمجتمع، وتشهر عليه الأسئلة المتعلقة بالطبقة والجنس والتعليم والمجتمع الاستهلاكي، في تفاصيل مدهشة ودقيقة،و في إيماءات غامضة وإشارات ملموسة، وفي كتابة شعرية أكثر مما هي حكاية.

راسموس لاندستروم ، محرر القسم الثقافي في جريدة المساء السويدية، أعرب عن سعادته بالإختيار وأشار الى أن أدب إرنو بسيط للغاية وخال من الخيال، بحيث يمكن لأي فرد، فهمه والإستمتاع به، إنه الفن الحديث، سهل التكوين، الذي يمكن للجميع، خلق ذات الانطباعات عنه. وإستطرد يقول، إن لها طريقة متميزة في تقييم الشخصيات والأحداث وما تعيشه أو تخلقه من آلام أثناء تواجدها. ويضرب لاندستروم مثلاً في وصفها للرعب الذي شعرت به حين أجهضت طفلها، يوم كان الإجهاض ممنوعاً في ستينات القرن الماضي في فرنسا، أو في حديثها عن أبيها، والذي سجلت فيه كيف كان ثائراً، واصفة عمله الشاق بالتمرد على المجتمع الطبقي. و يقترح لاندستروم بقوة، قراءة روايتي الأب والمرأة كخطوة أولى للتعرف على إبداع إرنو، لأنهما تكشفان قدرة إرنو على إخفاء نواياها وعلى منح قارئها الفرصة ليتمكن من بلورة رأيه الخاص بثيمة الرواية.

بقي أن نشير الى أن لإنرو موقف مؤيد للقضية الفلسطينية، حيث كانت من الكتاب القلائل الذين انضموا إلى حملة مقاطعة المنتجات الزراعية الإسرائيلية التي تمت زراعتها في الأراضي العربية المحتلة.

عرض مقالات: