اخر الاخبار

لرواية الاستاذ باسم عبد الحميد حمودي رؤى ومداخل ومخرجات تحيل كلها الى فكرة الحيف الذي نال الأُسرة الملكية فجر14تموزعام 1958. ولعله الفجر الذي لم يكن مضيئاً تماماً .

ثمة اشكاليات في العتبات والمتون , وتلك العتبات تتخلل الروي لتجعله قريباً من رواية غير دقيقة لتاريخ جدلي حتى هذه اللحظة .

في منفذ العتبات نجد ان الغلاف اقتصر على صورة الباشا وفيصل والزعيم , مع انهم لم يكونوا المتفردين , لا في الروي ولا في التاريخ الحقيقي للأحداث . اما التلاؤم التشكيلي بين الغلاف والمحتوى فيقدره المختص بالرسم التشكيلي او المصور الحرفي!.

ثمة مشكلة في المقدمة النقدية , إذ لم يُذكر اسم الكاتب سوى على الغلاف الخلفي للكتاب , وجاء النقد يحمل عدداً من الاخطاء الاملائية والنحوية ـ على صغر مساحة المقال , فضلاً عن كاتب المقال مؤيد داوود البصام الذي ظل حائراً في جزم اشكالية (14تموز ـ 1958) , وكأنه لا يعرف ان ما من ثورة على الأرض وفي التاريخ الانساني لم يرافقها سفك دماء منها ما هو برئ  ومنها مذموم مع تحفظي الحضاري على سفك اي دم لأي فرد .                 

ولو عُدًّدنا للمتن في (يوم الجمهورية) , لكان هناك اشكال جديد هو (ان الرواية على مدى يقارب(100) صفحة تساوي أقل من20 ألف كلمة) , لم يتوصل الروائي الى فهم واقعي لتسمية يوم14تموزـ 1958.

اما المتون فإن أول ما يتبادر للذهن هو ان الرواية رؤية تاريخية غير روائية وغير دقيقة , لأنها جاءت بشكل حكايات مجردة من فضائها الوجداني والفلسفي, تقيدت بالزمان والمكان بوصفهما (مكان وزمان) بيئة غير فاعلة بالسرد , عدا كونهما إطاراً تاريخياً , لا يغني عن الحكايات المدونة في المصادر التاريخية . ولو خرج الكاتب قليلاً نحو المعارف الاجتماعية لأنتج لنا رواية مهمة جداً .

اما قدرة الكاتب على الشد والتحكم بمجريات الحدث فقد توجه بها عبر ثلاثة معطيات , المعطى الأول يخص الشخوص , وقد أعطاهم صفة القول والحوار والحركة المحدودة , ولم يزد على دورهم السياسي السابق , انما أسهم بتحويل دور كل منهم الى حكاية منزوعة التفاصيل.

كما عهد الى الحرس الملائكي (السماوي). وأوقف الحركة الى ثلاث , هي: حراسة المستقدمين القدريين من السماء , وانزال الشخوص من السماء ثم تغييبهم القدري بترحيلهم نحو السماء, في الصفحتين الأخيرتين للرواية. بينما المعطى الثالث فقد جعله قسمة بين الراوي العليم والشخوص والتاريخ. لقد اختط الروائي طريقاً مؤثراً لجمع الأحداث التاريخية الى التاريخ الشخصي لكل فرد من أبطاله , وناور بدور كل منهم بتغطية حياته وتاريخه السياسي والروايات التاريخية المتعلقة به. وثمة نسوية متخفية بين سطور الرواية, زينها الكاتب بوجع النساء ومراعاة نبلهن العاطفي على أسى الأُسرة المالكة . اما من الجانب الثيمي فيكاد يكون هذا هَمّة الأكبر والأبعد , فقد أشار بوضوح الى الخطأ التاريخي وخطأ تاريخ الساسة في العراق وصل الى دفة الحكم لا يريد المغادرة إلا بعد سفك الدماء الزكية والمذنبة.

 ان أهم ما أوحت به الرواية ولم تقله, هو:

ـ العنف في البلاد رهين بالقوى الغازية أي كان نوعها وادعاؤها .

ـ الجموع والجماهير وارادة الشعوب لم يعِها ولم يراعِها أي حاكمٍ عراقي لحد الآن!.

ـ ان الثورات والانقلابات لها نتيجة واحدة التغيير غير المحسوبة نتائجه.

ـ ان لم يصحح التاريخ الإنساني عبر المكاشفة الواقعية الصريحة الموثقة لا يمكن الوصول الى اي حسم تاريخي لأي حدث حتى لو كان قريباً .

ـ ان جميع الأنظمة الشمولية هي صفحات من الحكم الدموي مَلكياً كان أو جمهورياً  , حزبياَ كان أم برلمانياً.

ـ ان الرواية تجربة بلد لم يتأثر بالجو الصحيح ولا بالحضارة الحقة حتى هذه اللحظة , وان وجع الأُسرة الملكية هي وجع العراق , من العِرق السومري حتى الغرق الأمريكي!.