اخر الاخبار

في البدء تمَّ التحفظ على موضوع (إنتفاضة تشرين ) التي إندلعتْ شرارتها في 1/ 10/ 2019 ثم إتساع حركاتها الإحتجاجية في محافظات الوسط والجنوب مع إرتفاع أعداد الشهداء والجرحى والمصابين جرّاء العنف المفرط في التصدي لها في تلك المرحلة ... تمَّ التحفظ درامياً على هذه (الموضوعة) السياسية وطابعها الإجتماعي الغاضب،ونأتْ العديد من القنوات الفضائية بنفسها عن التصدي درامياً لتلك الإنتفاضة،أو تبنّي منطلقاتها ومبادئها بإستثناء حلقة واحدة من سلسلة ( كمامات وطن) للممثل: أياد راضي ومخرجها: سامر حكمت والتي قُدَّمَتْ قبل عام، وحظيتْ بتعاطف جماهيري واسع.

لكن في الموسم الدرامي في العام الماضي أصبحتْ قضية التظاهرات موضوعة درامية عامة حيث شاهدنا أكثر من عمل درامي يتبنى تلك الظاهرة أو يتعاطف معها أو يلامس موضوعها، وأبرزها مسلسل ( العدلين) لمخرجهِ: حسن حسني وتأليف (ورشة الكتابة الدرامية)،وكذلك طَرَحَ موضوعها مسلسل( المنطقة الحمراء)لمحرر السيناريو: مهند حيال وتمثيل: باسم قهار، وفي نهاية العام الماضي عادتْ موضوعة التظاهرات الى شاشة التلفزيون من جديد  في مسلسل ( ضربة زاوية) لمؤلفه: محمد خماس ومخرجه: علاء الانصاري وتمثيل أحمد نسيم وأساور عزة وأياد الطائي وذو الفقار خضر ..

لقد أصبحتْ مثل هذه الأعمال الدرامية تحملُ بصمة ًوطنية ًواضحة ً بالدرجة الأساس حيث تمثّلُ واحدة من الواجهات الثقافية التي تم طرحها وتجسيدها فنياً على الشاشة، خاصة وأنَّ الموقف من هذه الإنتفاضة أصبح يمثل موقفاً وطنياً لا لبسَ فيه ولا غموض،فكل شيء أصبحَ واضحاً والإصطفاف الجماهيري بصبغته الوطنية باتَ الموقف منه واضحاً ايضاً لدى الجميع .

ومن هنا أصبحتْ وظيفة العمل الدرامي المتصدي للواقع العراقي الملتهب والمضطرب وظيفة حساسة ومهمة جداً حيث باتت تنطوي على الوعي والمعرفة والموقف الوطني والإنساني  وذلك من أجل السعي لتقديم خطاب عراقي وطني مسؤول.

لقد أصبحَتْ للعمل الدرامي العراقي الجديد بدمائهِ الشابة في التأليف والتمثيل والإخراج القدرة على التأثير والوصول السلس إلى المتلقي ودفعه من أجل البحث عن الحقيقة ومن ثم تحريضه على إعلان موقفه الوطني والإنساني الملتزم بعيداً عن النظرة القاصرة واللحظة الإنفعالية الآنية والمعالجة الخاطئة التي قادتْ إلى إزهاق أرواح الشهداء وإستباحة دماء الجرحى والمصابين في الساحات والشوارع  والإستهانة بالتأريخ الوطني والقيم الإخلاقية ،فثمّة جيل جديد  كَسَرَ طوق الرتابة والتحفظ والقيم والإعتبارت التقليدية وضخَّ دماءً جديدةً في شرايين الدراما العراقية التي أُصيبَتْ منذ سنوات بالتكلّس والإنسداد . 

عرض مقالات: