اخر الاخبار

زياد الشخصية الاكثر جدلا في الوسط الفني اللبناني ليس بطريقته الغريبة التي يعيش بها منعزلا ووحيدا، آراؤه السياسية التي شكلت جدلا انسانيا في الشارع اللبناني، بل ايضا موضوعاته الغنائية التي تلامس الانسان البسيط وتحكي همومه ومخاوفه من الحياة وضيق العيش وضغوط حياته اليومية. 

الفنان المنشق عن طريقة الغناء المتعارف عليها والتي يحظى الوسط الفني الذي يتحدث عن ارصدته البنكية وارصدته الجماهيرية وحفلاته حول العالم.

زياد صاحب المذهب الغنائي المتفرد في الاغنية المحكية التي يرددها المواطن الفقير والكافر بكل السلطة الدينية والسياسية المخادعة يردد:

انا مش كافر

بس الجوع كافر

انا مش كافر بس المرض كافر  

الايمان بحق الرغيف والعلاج والاحتياجات اليوميه للفقير. 

لا بوهيمي لا هبّييز، انه في منطقته الخاصة التي صنعها بنفسة يمجد فيها الانسان نفسه، يعتنق مذهبه الخاص في فهم الحياة ونقد الافكار والطغمه السياسية التي تنتقص من كرامة الانسان!

صديقة لبنانية في فترة التسعينيات قالت لي ، ان هناك مذهب في لبنان اسمه مذهب زياد الرحباني التحرري من المقدسات التي تؤدي للسيادة المطلقة التي يخضع لها المواطن “المعتّر” كي يلتقط حقه من حزب سياسي مخادع.

 

التعاون بين زياد وجوزيف صقر؛ الصوت الاقرب الي دندنات بائع متجول على الارصفة والحانات الذي يغلق متجره مع اخر الزبائن صوت الفلاح البسيط الذي يدندن تحت شجره في بستان ورود.

اغنياته الاكثر شهرة ، الحالة تعبانة يا ليلى في مسرحية “سهراية” التي عرضت عام ١٩٧٣؛

الحالة تعبانه يا ليلى

خطبة ما فيش

وانت غنية ياليلى ونحنا دراويش

انا الل عليك مشتاق

مسرحية “نزل السرور” في عام ١٩٧٤  

“انا اللي عليك مشتاق

مش غيري مشتاق ليكي

واذارجعت من العشاق واعشقتيني شو عليك

يابيييي عليك.. 

لا اشعر بالاشفاق لان زياد تحت رحمة المقارنة بينه وبين عاصي الرحباني لان زياد ينفي ذلك بكل اعماله ، فكلاهما خط لا يلتقيان حتى وان كان بعض الحان زياد للسيدة فيروز تحمل ذات البصمة الربانية في الاغاني التي غنتها من الحان زياد “ سألوني الناس “  زياد الذي يعلم تماما كيف يمكنه التعامل مع خامة صوت فيروز نضجه الحسي  الموسيقى واذنه المرهفة تجعله بكل دقة يلبي احتياج الصوت والجمهور ، زياد لم يكن يوما تحت عباءة الرحابنة فهو لديه مذهب موسيقي مستقل بيانيست له الفرادة، من يشعر بالاشفاق للمقارنة هو ببساطه ، لا يتقن النقد الموسيقى!

هذه المقارنة التي لم تكن يوما منصفة لاي من الطرفين ، المقارنة تكون عادة بين نوعين متشابهين !

عبقرية زياد يمكنك تتبعها عبر كل عمل قام به في مسرحية سهراية حتى اخر البوم غنائي او دويتو كان متفردا بطاقته غير العادية في المسرح الغنائي والموسيقى والكلمات..

اعماله الاقرب للمونولوج ، الحديث العميق مع النفس ،لتظهر كل الهواجس والافكار على شكل قطع موسيقية تجمع بين الامتاع السمعي الموسيقي والكلمات المكتوبة بعناية وجرأة بطريقته الخاصة في فهم الفن ، زاويته التي ينظر اليها بدمج معايير الفن الراقي الذي تاثر به وبين الواقع المريع السياسي الذي تعيشه لبنان منذ سبعينيات القرن، وحنق الطبقة الواعية وتأثيرها في الفن، وفي آخر اعماله فيلم امريكي طويل لم يتم تصويره عام ١٩٨٠

زياد غنى عن الدين الذي اوجد نظام المحاصصة اللبنانية الذي عمق المذهبية.

زياد الذي لا يتعاطى الكحوليات او اي من المزاج لقناعته الخاصة باتقان النكتة والسخرية من كل شيء حوله حتى تصبح مرحا متداولا بين الناس الهزلية النقدية.

زياد تاثر بالمونولج المسرحي الاروبي الاكثر صدقا ، لدية قطع موسيقية جاءت مقدمة لمسرحية “لولو” ، و مسرحية “ميس الريم”.

كما كان ظهوره بالأدوار الاكثر غرابة دور الشرطي في المحطة وميس الريم.

زياد مغني المونولوج واحاديث النفس الصادقة والصارخة في وجه الحياة اليومية لتكون السخرية دليل وعي وجرأة الحضور والعبقرية.

الفوضى الخلاقة في حياة زياد الرحباني مرورا بعلاقته المتوترة بينه وبين والدته والحياة العاطفية والمحيطين لا ينفيه، انما يؤكد على فردية هذه الشخصية الجدلية، انه شكسبير لبنان والوطن العربي.

ـــــــــ

*كاتبة سعودية

عرض مقالات: