اخر الاخبار

اعدم ضمن قائمة طويلة من العُشاق عام 1983

لم يُفَكِر بوطـنٍ بديلٍ، مهما كان مؤقتـا على الرغـم من كل الاغراءات , والتحذيرات، في آخرِ

يومٍ من حريتهِ المُلغمةِ في شـارع الرشـيد؛ تقول ابنةُ أخيهِ : حيثُ تتوجَهُ الى عملِها الوظيفي

وهو يتوجهُ الى معملِ النِجارَةِ محطة أخرى من منافيه داخل الوطن قال : حتى الموتُ هُنا أحلى

مؤشرا الى شارعِ الرشـيدِ تارِكا باقاتٍ من ابتساماتٍ لا تُنسى...

يَسْتيقظُ الليلُ

يَتَلبَسُ عباءَةَ خَوفِهِ

يُشهرُ حُلمَهُ الخَشَبِيَّ

يَنْسى على بابِ ابتِسامتِهِ ألفَ قَلَقِ

يَتَنَفسُ رائحةَ كِتابٍ

بين نَبضِكَ وقميصِكَ الداخِليِّ يَغفو

على أغنيةٍ،

تَحُثُّ خُطى نورِكَ،

في جوفِ عُتْمَةِ قلقِهِ عليكَ،

تُطارِدُ بِحُنْكَةِ صَيّادٍ كِلابَهُم...

في تلك العُتمةِ؛

خلفَ نَخلةٍ يَتسمَّرُ عاشِقٌ،

تَسْتهْدي اليهِ بِنبضِهِ،

يُجيدُ نَبْضُكُمُا الغَزلَ الوطنِي َّ؛

تُخرجان كتابيكُما من صدريكُما؛

كَمَنْ يُخرِجُ قلبينِ لِلتَبادُلِ،

بِهَمْسٍ تقولُ له : في النَهارِ لا أعرِفُكَ

يَردُ بِشَهقَةِ ابتِسامَةٍ مَخنوقَةٍ في الظلامِ؛

في النهارِ لا ( نَعرِفُنا )

يُطارِدُهُ المُخبرُ السِرِّي بِقلقٍ مُزمِنٍ؛

يَكتُبُ :

في الخامسةِ صباحاً يُمارسُ رياضتهُ الصباحيَّةَ؛

بين البساتين،

يَعْشَقُ القِداحَ،

والنهرَ؛

يَتَحدَّثُ الى الماءِ طويلا...

ويضيفُ المُخبِرُ :

(يشلعُ قلوبنا بالركضِ خلفَهُ؛ لهُ عِلاقَةٌ حميمَة بِكُلِّ الأشياءِ)

في السادِسَةِ على نهرِ جَزمانَ يُعلمُهم الصَيْدَ،

يَرْمِي سِنارتَهُ في النهرِ،

ويَطِشُّ في وجوهِهِم خمسَ عَشرَةَ ابتسامَةً،

ويَحصِدُ وَطَنَاً سَعيدَاً....

في السابِعةِ والنِصفِ يَصْطَفونَ،

يَقرأ لهم النشيدَ الوطني تِلاوَةً

ورأسُهُ مرفوعٌ كعلمٍ،

جاء في تقرير المُخبرِ أيضا؛

(كُلُهم ينظرونَ اليه؛

أنصحُ بإلغاء فقرة النشيد الوطني)

في الثامِنَةِ يَغرَقُ في رِذاذ طبشورِه؛

يقولُ لهُم : لا شيءَ أنقى أن نتعلمَ،

فيرسُمَ حُلمَ فيثاغورَس على السبورةِ،

أحلَموا...أحلَموا...الحُلُمُ هو البابُ السريُّ..

في العاشِرَةِ مع فريق كُرةِ السلةِ،

أنتَظِرُ تَصفيقَهُم؛

حينَ يَضَعُ الكُرةَ في سَلَةِ انتِظارِهم؛

وهو يشرَحُ...

بِرَشاقةٍ قَواعِدَ اللُّعبَةِ...

في الحادِيَةِ عشرةَ يُوزعُ التغذيةَ الصباحيَّةَ،

ويَحصِدُ ابتساماتِ وطنٍ آتٍ لا مُحال..

حين علمَهُم الصيدَ،

بأناقةٍ صنعَ (شناطاتِ) صيْدٍ؛

لا تقتلُ طائرا...

قالَ لَهُم : الصَيْدُ لذيذٌ يا أبنائي؛

لكنَّ الألذَّ هو مَنْحُ الحُريَّةِ؛

وهو يُطلِقُ صَراحَ البُلبُلِ،

وينتظِرُ تغريدَهُ على أقربِ غُصنٍ..

(أتسمعونَ الحُريَّةَ أنها تُغرِّدُ اليكُم )

في المَنفى الاختباري في الشحيميَّة

جاءَ في التقريرِ الأوَّلِ لِمُخبِره الجديد :

حَصَلَ انقلابٌ في المدرَسَةِ؛

المُعلمون يُعقمونَ الماءَ الآسنَ،

استحدَثَ الرياضةَ الصباحيَّةَ،

رَمَمَ النشيدَ الوطنيَّ؛

بالموسيقى،

بالحَماسِ....

صَنعَ بجدارةِ نجارٍ سَلةً،

وهدفين في ساحةِ كُرةِ القدَمِ،

استحدثَ المَرْسمَ المُهمَلَ،

رسمَ لوحاتٍ جميلةٍ؛

لِنِساءٍ يَبْتَسِمْنَ للشمسِ،

جَمَّلَ بها الرِواقَ القَبيحَ بابتسامَةِ طِفلَةٍ

ملاحظة عوقِبَ المُخبرُ السِرِّيُ حزبيا؛

بتُهمَةِ كيل المديحِ لِشيوعيٍّ...

****

في السِجنِ؛

أنهكَ جلاديهِ؛

بِصَمْتِهِ الجبار،

قال لهم : قابيلُ لم يقتُل هابيلَ،

بل أُريدَ لهُ ذلك...

لا تقتلوا أنفسَكُم،

قالَ لَهم؛

كانَ يُمْكِنُ لشكسبير أنْ يَمنعَ هاملتْ من قتلِ أبيهِ..

في السِجن كانَ يتذكرُ فصولَ؛

(رجالٌ تحتَ أعواد المشانِق)...

في السِجنِ...

كانَ يترُكُ الليلَ مُسْتيقِظَاً

يسرِدُ لهُ قُصصَ الحُبَّ،

أشهى من ألفِ ليلةٍ وليلةٍ..

صباحَ الإعدامِ

أوقفهُم جَمِيعاً،

أنشدوا النشيدَ؛

وَدَعَهُم؛

لِكُلِ جبينٍ قُبْلَةً...

عامِرُ الأعرجي لم يَمُتْ

سَيَبْقى عامِرا،

أراهُ الآنَ؛

بَيْنَنا يَسمَعُ نصيَّ؛

يُصَفِقُ أكثرَ مِنْكُم...

وَيَضحَكُ سَعيداً،

كَمَنْ يَقطِفُ ثمراً منْ شجرَةِ حُلمِهِ؛

ويُصحِحُ مُبتَسِماً أخطائي،

اشُمُّ رائحةَ قِداحِهِ،

أسمَعُ وَقعَ خُطاهُ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*القصيدة القيت في الحفل المركزي للحزب الشيوعي العراقي ببغداد يوم 21/ 3/ 2023.

عرض مقالات: