اخر الاخبار

علي رفيق، فنان مسرحي مبدع، ولكنه الآن بعيد عن أضواء المسرح، ولكنه وجد ضالته في التوثيق والعمل السينمائي، والنشاط الثقافي عبر المقهى الثقافي في لندن مع عدد من الناشطين.

وحين التقيناه كنا نريد ان نستجلي تجاربه المسرحية كممثل ومخرج داخل العراق وخارجه، فقال لنا:

تجربتي مجرد قبض ريح.. تعايشت مع خيبات جيلي المتتالية حيث تقاذفتها تقلبات حياة وطني الدراماتيكية.. فالعملية الإبداعية تراكم كمي يؤدي بالضرورة إلى تغيير نوعي.. تجارب تؤدي إلى نتائج. في حالة جيلي لم تكن إلا شرارات حالما تندلع وسرعان ما تخبو بفعل عوامل قسرية يفرضها واقع قهري.. وأنت تريدني أتحدث عن تجربتي فلا يسعني ألا أن أنظر إلى (ماضيي بغضب).

- بعيدا عن (عناقيد غضبك) فما الذي تتذكره عن هذا الماضي؟

أستذكر أني في عام 1965 أخرجت أول عمل لي مسرحية (القاعدة والاستثناء) لبريخت وكانت أول تجربة للمسرح الملحمي في العراق، بعد أن أصدرت بيانا باسم جماعة (المجددون في المسرح العراقي) بمعية زملائي سامي السراج الذي (قدم أول عمل صامت – بانتوميم) وتحسين شعبان الذي (قدم أول عمل لا معقول) وعوني كرومي الذي (قدم أول عمل مسرح دائري).

ثم عملت في المسرح المدرسي عشرة أعوام، أخرجت مسرحيات عديدة منها: المفتش العام لغوغول وطبيب رغم أنفه لموليير، والسر لمحي الدين زنكنه وأغنية على الممر لعلي سالم باكثير وغيرها.

 وخلال هذه الفترة نفسها عملت في الفرق المسرحية منها: مسرح 14 تموز، والمسرح الشعبي ومسرح اليوم، كما مثلت في مسرحيات وتلفزيونيات وإذاعيات عديدة.

-وماذا أيضا؟

درست السينما في الاتحاد السوفييتي /اوكرايينا وأخرجت هناك عدة أفلام منها الروائي (الليلة الثانية بعد الألف) والروائي (كرسي المدير العام) والوثائقي (صمود- السفر الكفاحي للحزب الشيوعي العراقي) وبعد التخرج التحقت بحركة الكفاح المسلح في كردستان وفيها أخرجت مسرحيات: (عند الموقد) لناظم حكمت، و (روح اليانورا) للروسي لوناتشارسكي و(الليالي البيضاء) عن رواية ديستويفسكي، و(كيف تركت السيف؟) لممدوح علوان.. وفي المنفى عملت أفلام وثائقية عديدة منها (سنوات الجمر والرماد) و (نصيرات).

-هنالك أزمة مسرح عراقي، تجلت في قلة المسارح وقلة العروض، والشيء نفسه يقال عن الاعمال المسرحية العراقية في الخارج، فما هي الأسباب؟ وكيف يخرج مسرحنا من عنق الزجاجة هذه؟

-أزمة المسرح العراقي ليست وليدة اليوم فقد تدنى مستواه منذ الثمانينات، وبفعل فاعل، حيث أشاع النظام البدوي- الفاشي آنذاك المسرح التجاري الهابط، فيما عدا محاولات جادة، لم تقو أمام الإنحدار العاصف، والمدعوم، لأن الفاعل أراد توظيف المسرح لغايات لا علاقة بها بوظيفته في بناء الإنسان، أما بعد التغيير في 2003 فقد شمل المسرح التدمير والتخريب المبرمج لكل أدوات الثقافة، حيث عمل المتنفذون من سياسيي الصدفة على غرس آفة الجهل، وحاربوا الفن عموما في الوطن. أما المسرح في خارج الوطن فهو كان ثمرة أعمال منفيين فردية، موسمية، افتقرت إلى الدعم، غابت عنها الاستمرارية.. أما الخروج من عنق الزجاجة فبتقديري يكمن بالسعي إلى إعادة التأسيس واستلهام مسيرة الحركة المسرحية العراقية الأصيلة في هذا المسعى، بالعودة إلى ينابيع المسرح العالمي والعربي والعراقي، باستنهاض المسرح المدرسي، بإشاعة الثقافة المسرحية وتربية الذائقة الفنية.

-هل تعتقد معي ان لدى المسرح اليوم الرسالة نفسها في تحريض الجمهور ومخاطبة العقل النقدي لديه؟

- أعتقد معك بان المسرح فعالية عميقة التأثير لم تفقد قدرتها أبدا في مخاطبة العقل، وأنها في ديناميكيتها تبقى أداة توعية كبيرة الشأن، لأنها تخاطب الوعي في المتلقي وتحرضه على روح التطهير والتي كانت وظيفة المسرح الأساسية من أول عرض مسرحي قدمه ثيسبس في 550 قبل الميلاد.

- غادر عالم مسرحنا العراقي، كوكبة كبيرة من المسرحيين الرواد، فهل هنالك إمكانية لتعويض هذا الجيل؟

- لكل مبدع خصائصه التي لا يمكن ان تتكرر عند غيره، لكن طبيعة التطور البشري لا بد وأن تنتج مبدعين ذوي كفاءات أكثر تطورا ممن سبقوهم، وهذه خاصية إنسانية لا تقف إزاءها ظروف معينة، مهما كانت قاسية فهي لا تحد من الإبداع الإنساني.

- ما هو تأثير هبوط مستوى التعليم على دراسة الفنون بشكل عام وخصوصا المسرح وتأهيل كادره؟

-نعم، هنالك تقارير تقرع نواقيس خط، تنذر بخطورة تدهور العملية التربوية والتعليمية في بلادنا للأسف، ولم تستثن منها حقول الدراسة الأكاديمية الفنية، ومن بينها، المسرح بطبيعة الحال، وليس لنا أن نبحث عميقا في هذه الظاهرة سوى أن نرى ان هناك معاهد فنية للبنين وأخرى للبنات والفن، عالميا وإنسانيا، يعبر عن المجتمع ككل دون فصل جنسي.

عرض مقالات: