اخر الاخبار
  • ذكريات

تلك السيدةُ العائدة من المقبرة

لم تكن عائدةً من المقبرة

إنها ما زالت فيها.

من الذكريات

ما هو أمضى وقعاً من الحياة.

لقد غادرت المقبرةَ حقاً،

غير أنها لم تغادر.

فهناك في المقبرة

انفرط عِقدَ سنواتِها حوالي قبرٍ زارته.

ومعه انفرطت ذكرياتٌ وشجون،

وهاهما قدماها

تتعثران بسيرِهما الوئيد

وبما تصطدمان به من عواثرِ الذكرى والسنواتِ الآفلة،

ومن شجنٍ تشهقُ به فلا تقوله

بينما عيناها، بين حينٍ وآخر،

تلتفتان إلى ما خلّفته وراءها.

وثمة ريحٌ ليست عاصفةً

لكنها تكفي لتشدَّ سوادَ عباءتِها

وتشدّ آلامَها نحو الخلف،

حيث المقبرة.

تلك السيدة العائدة من المقبرة

لم تعد..

 

  • ذكرى عطرٍ ما

 

حينما لم يكن أحدٌ جاء إلى ذلك المنزل

كانت هي قد جاءت إليه.

كان بريقٌ ما يندُّ من وجيبِ قلبها،

فيسبقها،

ويمضي بخطاها نحو البيت

فيضيء ظلاماً سكنَ الطريقَ إليه.

كان بيتاً مهجوراً،

راكمت الريحُ عليه الترابَ والدخان

وخلّفت حشراتٌ على جدرانِه مساكنَ لها،

وقد انفضّت هي الأخرى عنها

كما انفض الساكنون عن البيت،

وكانت للبيت أبوابُه، وقد أُغلقت منذ سنوات.

كانت يدٌ لا تراها تسبقها إلى الأبواب

فتفتحها لها.

وكان ارتعاشٌ خافتٌ من صوتِها

يخلّف أثراً منه على جدرانٍ يمرّ بها

فإذا هي بيضاء.

كان وردٌ قد تيبّس منذ سنين على الشرفات المطفأة،

وكانت أصابعُ منها تلامسُ ورقَه اليابس،

فيحيا الورقُ.

ويضوعُ من الوردِ عطرٌ

لتنهضَ ذكرى،

ذكرى عطرٍ ما،

في خاطرِ السيدة التي جاءت إلى ذلك البيت

حينما لم يكن أحدٌ جاء إليه،

وظلت حيث هي،

راقدةً هناك،

على أثرٍ من عطرٍ ما

استيقظ فجأة في البيت المهجور.

عرض مقالات: