اخر الاخبار

ليس بين الدول التي ارتقت سلم التطور الاقتصادي والاجتماعي مثل الصين واليابان وماليزيا وسنغافورة في آسيا ناهيك عن دول اوروبا وأمريكا من لا تعتمد على كفاءاتها الخاصة وعلى الكفاءات الوافدة   في تحقيق هذه القفزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي جعلها تتصدر البلدان الاخرى في كل نواحي الحياة، وانطلاقا من هذه التجارب تعد عملية اجتذاب العقول العراقية المهاجرة التزاما على الحكومة العراقية كونها ثروة حقيقية لإعادة بناء القاعدة الاقتصادية.

    والعراق ليس خارج هذه القاعدة التي ينبغي أن  يضع الطاقات البشرية في مقدمة العوامل في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاسيما وأنه في ظل الظروف الراهنة،  حيث تدهور العراق اقتصاديا وتعرض إلى حملة تخريب في قاعدته التحتية من قبل العصابات الإرهابية التي لم تترك معلما تاريخيا وموردا اقتصاديا إلا وسعت إلى تخريبه وإزالته من الوجود مما يلقي على الحكومة مهمة إعادة بناء البنية التحتية المخربة وليس بإمكانها مهما توفرت لها مصادر التمويل دون ان توظف طاقاتها البشرية في عملية إعادة الإعمار وخاصة الكفاءات العراقية المهاجرة والمهجرة والتي سبق ان تعرضت إلى عملية تهجير منظمة إلى دول اللجوء في أوروبا وآسيا وأمريكا، او نتيجة الاغتيال والتهديد والخطف بعد التغيير عام 2003 حيث تم اغتيال 500 طبيب وهجرة 700 نتيجة التهديد .

إن بيانات  وزارة الهجرة والمهجرين الخاصة بالكفاءات العائدة،  تشير إلى أن عدد الكفاءات العائدة قد وصل إلى ما يقارب 3429 في مختلف الاختصاصات الاقتصادية والطبية والعلمية والإنسانية وهي غيض من فيض من عدد المهاجرين العراقيين الذين وصل عددهم إلى أربعة ملايين، وهذا الرقم يشكل ثروة بشرية لا يمكن أن نضع ملفاتهم  في سلة المهملات بل أن من واجب هذه الوزارة متابعة هذه الثروة مع بقية الوزارات وخاصة وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي وغيرهما من الوزارات، وإيجاد فرص العمل التي تتناسب مع اختصاصاتهم لكي تأخذ دورها في تنفيذ الخطط التنموية التي أعدتها وزارة التخطيط والتي لابد من وضعها موضع التنفيذ.

إن تفاقم ظاهرة الهجرة إلى دول المنفى لم تكن نزوة عابرة  بل تقف وراءها عوامل وأسباب ضاغطة يمكن تلخيصها بثلاث مجموعات من العوامل يقف في مقدمتها ضياع الفرص المهنية  الداعمة للاستقرار ما يعكس قيام ذوي المهارات المهنية العالية للبحث عن هذه الفرص في دول أخرى تسعى باستمرار لتوظيف هذه الطاقات في مشاريعها  الاقتصادية الناهضة، لا يجدونها في العراق، والمجموعة الثانية تتعلق بالظروف السياسية والاقتصادية  اللتين تتمظهران في سياسات القمع والحرمان وفقدان حرية التعبير في مراحل سابقة وحالية وتدهور اقتصادي يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وغياب فرص العمل وارتفاع معدلات التضخم،  والمجموعة الثالثة تتمثل في بعوامل اجتماعية وثقافية.

ومن الطبيعي أن يكون النظر إلى الكفاءات عاما وشاملا بحيث يأخذ بالحسبان مخرجات العملية التعليمية في كافة الجامعات العراقية خلال السنين الماضية وخاصة أصحاب الشهادات العليا، ودون ذلك فان المعادلة تبقى ناقصة في أحد أطرافها على الرغم من أن هذه العملية لم تكن متوازنة مع الحاجات الاقتصادية والاجتماعية فعملية الانتاج التي تجري، في غاية البطء. 

  وبناء على ما تفدم فإن إشكالية عودة الكفاءات العلمية والمعرفية تتطلب سلسلة من التدابير الحكومية يمكن اجمالها بما يلي:

  1. إجراء دراسات بحثية مدعومة حكوميا لاعتماد معايير واضحة من الوسائل والأساليب الفاعلة لجذب الكفاءات المهاجرة والمهجرة وإيجاد بنك معلومات خاصة بالكفاءات العراقية خارج الوطن بالتنسيق بين وزارات التخطيط والتعليم العالي والهجرة والمهجرين والخارجية.
  2. الاستفادة من شبكة العلماء العراقيين في الخارج (نيسا) من أجل تقديم الدعم في مجال العلوم والتكنولوجيا وفروع المعرفة الأخرى باعتبارها جزءا من عمليات التنمية والتطور وتبادل الزيارات لتدريب العلماء والفنيين والخبراء.
  3. تشكيل هيئة استشارات ترتبط بدائرة الكفاءات المهاجرة لغرض استطلاع آراء العقول المهاجرة بخصوص استثمار طاقاتهم وابداعاتهم ووضع استراتيجية تستهدف الاستفادة من هذه الكفاءات في مختلف القطاعات.
عرض مقالات: