اخر الاخبار

سيرة وجع عراقي ، محطات في التجربة الإبداعية للشاعر علي الشباني/ كتاب الأستاذ ثامر الحاج أمين – منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق 2020  ، يوثّق الحضور الإبداعي لهذا الشاعر المجدد الذي منح القصيدة الشعبية الحديثة بُعداً فنيّا جمالياً مضافاً لما جاءت به التجربة النوّابية ؛ والكتاب يجيء بعد رحيل الشاعر المُبكّر ليكون ذاكرة محبة ووفاء .

الشباني ، أصدر ثلاث مجاميع شعرشعبي حديث : خطوات على الماء – مشتركة مع الشاعرين عزيز السماوي وطارق ياسين ، أيام الشمس ، هذا التراب المُر حبيبي . كما أصدر ثلاث  مجاميع شعر بالفصحى : النار في المحبّة ، للنار طعم الأرض ، دفاتر عراقية . والشاعر في اللونين يتقدم بصوته الخاص ، إلّا أن صوته في الشعر الشعبي هو الأعلى ، حيث جماليات : اللغة ، الرمز ، البناء ، الصورة الشعرية ، الإحساس العميق بالطاقة الإيحائية الكامنة في مفردات اللهجة الشعبية العراقية .

ضمَّ الكتاب فصولاً متعددة أحاطت بتجربة الشاعر الفكرية والثقافية والنضالية ، وقد أخذت هذه الفصول عناوين رئيسية متبوعة بتفاصيل وتفرعات شاملة تُغني دلالة العناوين : تجربة الشاعر في كتابة المقالة الأدبية والصحفية ، كتابة الآخرين في  وعن تجرية الشاعر الحياتية والإبداعية ، الرسائل والقصص القصيرة ، الحوارات ، نماذج من شعر الشاعر ( الشعر الشعبي والفصيح ) ..، ملحق  صور ، إضافة إلى المقدمة – علي الشباني ، مسيرة لاهثة بالصدق والضوء ومجد الإنسان ، كما ضمَّ الغلاف الخلفي كلمة للشاعر / كاظم غيلان / تفاعلت مع مصداقية عمل المؤلف – جامع محطات تجربة الشاعر الإبداعية .

إن الكتاب ، ورغم الجهد المبذول في إعداده ، ليكون خلاصة  توثيقيّة لتجربة إبداعيّة غنيّة  لشاعر كبير، وهو كذلك ، إلّا أن ملاحظات فنية كان من الممكن تداركها في الإعداد والتصحيح ، منها : الأخطاء الإملائية والطباعية ، ضعف الإخراج الفني للمحتويات والكتاب بصورة عامة ، تكرار بعض فقرات المتون وتداخلها مع بعضها ، قلّة النماذج الشعرية المختارة ، ورغم هذه القلّة فإنها لاتعكس النموذج الأعلى في شعر الشاعر ، كما أنَّ قصيدة مهمة مثل / غركَان / قد نُشرت ناقصة ومقطوعة عن تسلسل بنائها .

وفي المفتتح الأخير من هذه الإشارة ، لابد من التأكيد بأنَّ هذا الكتاب قد وفّرَ أكثر من متاح للآخرين كي يطّلعوا على تجربة شاعر مجدد في القصيدة الشعبية العراقية بعد الحيف الذي لحق به نتيجة التغييب القصدي لصوته في ظل النظام الدكتاتوري ، إلّا أنه تمترس  بصمته وقوّة مقاومته الباسلة ، نضالياً وإبداعياً . كما أنه تعرّض لخسارات متلاحقة ، أوجزها المؤلف بقوله : للأسف ، فقد إنتهى وحيداً ، يائساً ، تخلّى عنه الصحبة والأحبّة ومَن نذرَ / أيام شمسه / لغرسهم ..وهوالذي تمثّل بقيم بالإيثار والتضحية التي شاعت في شعره وتجربته الحياتيّة :

أحط روحي نهر

وأكَعد جرف للناس ...

....،

أموتن

من تصَل بيّه المذلّه إو ما أصيحن لا ...

....،

جرحي يِصَل للكَلب .. بس يستحي ايصيح ....

نعم ، كان الشباني سيرة وجع عراقي ، كشف عنها بوضوح كتاب الأديب ثامر الحاج أمين في إنصات عن قُرب ....

عرض مقالات: