في الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، تصدح أصوات النساء ملتقية مع أصوات الرجال الذين يناصرون نضالهن من أجل الحرية ..
وفي مثل هذا اليوم نستذكر، من جديد، المآثر التي اجترحتها نساء بلاد الرافدين .. أولئك اللواتي أرسين الخطوات الأولى .. وأولئك اللواتي تحدين الجلادين وسط سياط التعذيب الوحشي، واللواتي رفعن السلاح في حركة الأنصار المجيدة، واللواتي خضن دروب العمل السري، واللواتي خفقت بأياديهن رايات الاحتجاج ..
نستذكر مآثر النساء في العالم، فهذا عيد تضامن أممي.
وحين تحتفي النساء، اليوم، ومعهن أنصار قضيتهن العادلة، بهذا التاريخ الجليل، فلابد أن عليهن أن لا يتوقفن عند حدود الاستذكار والاحتفال، بل أن يمضين في دروب النضال الشاقة، مستلهمات مآثر الرائدات وأمثولة الشهيدات وتحدي الثائرات، متسلحات بالرؤية الواضحة والاصرار على الوصول الى الغايات الساميات.
ولا حاجة بنا الى استعادة مواقف الحزب الشيوعي العراقي من المرأة وقضيتها منذ تأسيسه. فمثل هذه المواقف باتت جلية منذ زمن بعيد، بل إن تطلع المرأة العراقية نحو التحرر والتغيير الاجتماعي كان، على الدوام، مرتبطا بفكر وسلوك الشيوعيين. فهو حزب للتنوير والحرية والقيم السامية والمطالبة بحقوق المرأة ومساواتها في العمل والتعليم والحقوق الانسانية وفي سائر ميادين الحياة.
وعلى الرغم مما تحقق للمرأة العراقية من انجازات، ارتباطا بكفاحها ودعم المناصرين لها، فان معاناة المرأة في ظل مواصلة القوى المتنفذة واقع ومفاهيم استعباد النساء، لا تزال معاناة مريرة في المجتمع والعائلة والعمل، وما زال التمييز ضدهن صارخا، سواء في التشريعات، أو في الثقافة الذكورية السائدة.
ولا ريب أن هذه المعركة الاجتماعية ستظل محتدمة، إذ هي تعكس جوهر الصراع الاجتماعي بين قوى الظلام والنور .. القوى التي تريد تأبيد ثقافة التخلف والاستعباد، وقوى الحرية والديمقراطية التي تسعى الى تحرير المرأة من أغلالها وضمان حقوقها الانسانية المشروعة.
ومن الطبيعي القول أن المآسي التي تعاني منها المرأة العراقية، وخصوصا النساء الكادحات اللواتي يتعرضن الى أبشع استغلال، والى جرائم العنف الأسري والمجتمعي، لا يمكن معالجتها الا بالعمل المشترك الذي يساهم فيه الرجال والنساء. فقضية المرأة ليست منفصلة عن القضية الاجتماعية، ومن غير الممكن تحقيق العدالة الاجتمااعية من دون ضمان حقوق المرأة في العمل وفي الحياة.
لقد حفل تاريخ المرأة العراقية، في العصر الحديث خصوصا، بأمثلة كفاحية ملهمة ظلت تغتني باستمرار. ولعل الدور البارز الذي مارسته المرأة العراقية في انتفاضة تشرين، وفي مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري، هو الذي جعل منها إيقونة للانتفاضة. وكانت مشاركة المرأة الفاعلة في الانتفاضة دليلا على تحول نوعي في الوعي السياسي للنساء وللمجتمع العراقي. ومن الجلي أن هذه المشاركة المميزة ليست ظاهرة جديدة، فلا تزال ماثلة في الذاكرة تلك المآثر التي اجترحتها النساء العراقيات، اللواتي قدمن، على الدوام، نموذجا ملهما يتواصل اليوم ويتعاظم على طريق التغيير من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي تضمن العدالة الاجتماعية للنساء والرجال.
في الثامن من آذار يتجدد تمرين الكفاح، وفيه توقد النساء الثائرات شموع الأمل، ويمزقن رداء الخنوع، ، ويقرعن الأجراس، وهن يواصلن المسير في دروب الحرية، صوب عالم خالٍ من الاضطهاد الطبقي والاجتماعي.
سلاماً شهيدات الطريق الثوري المضيء ..
سلاماً أمهات الشهداء ..
سلاماً واهبات الحياة !