اخر الاخبار

ما زال العراق يفتقر إلى التشريعات اللازمة لحماية الأسرة والعناية بها، في ظل ارتفاع حالات زواج القاصرات، وتردي الوضع الاقتصادي، وانتشار تعاطي المخدرات، وسط رفض لتمرير قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس النواب خلال في دوراته السابقة، بسبب اعتراضات بعض القوى، التي ترى في بعض بنوده تعارضا مع التعاليم الدينية.

وتعاني المرأة العراقية من ضغوط اجتماعية كبيرة، إذ أن نسبة كبيرة من النساء لا يملكن حق اختيار الزوج أو إكمال الدراسة أو العمل، بموجب الأعراف والتقاليد السائدة، ما يوقع كثيرا منهن في ظروف عائلية ونفسية صعبة للغاية، تدفعهن أحيانا إلى الهرب بحثا عن حياة أفضل، أو الانتحار.

وبدلا من مكافحة تلك الانواع من العنف، أخذت هذه الظاهرة تتفاقم فظهر ما يعرف

بـ»العنف الرقمي» الذي ينتج عن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقلة الوعي بالمنظومة الالكترونية.

ويبدي حقوقيون قلقا كبيرا من ارتفاع نسب العنف الرقمي، مطالبين بوضع معالجات قانونية لهذه الحالة.

وتعمل الناشطة النسوية مرح إياد في مجال مكافحة العنف ضد النساء وتسعى لذلك من خلال توعية النساء بحقوقهن الدستورية التي ضمنت حمايتهن من أي اعتداء عنيف.

تقول إياد لـ»طريق الشعب»، انها تنظم جلسات نفسية بعضها مغلقة مع النساء المعنفات، لأجل السماع لقصصهن والوصول الى نتائج وحلول، وبعض الجلسات تتضمن توعية بكيفية استخدام وسائل التوصل الاجتماعي بشكل صحيح، وتحذيرهن من فتح الروابط العشوائية او التعاطي مع الصفحات الوهمية.

وتشير الى العديد من القصص التي تطرح خلال هذه الجلسات، والتي تم حل اغلبها قبل وصول المشكلة الى اهل الفتاة.

وتدعو مرح اياد الحكومة والبرلمان وكافة الجهات المعنية الى الدفع باتجاه إقرار قانون العنف الاسري.

نصفهن معنفات

ويتعرض نصف النساء المعنفات الى عنف رقمي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا لرئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي، الذي اكد أن «العنف الرقمي انتشر بشكل كبير في الفترات الاخيرة بسبب اكتساح التكنلوجيا أنحاء العالم. فيما تتعرض 50 في المائة من النساء الى العنف والتنمر والابتزاز».

واستعرض الغراوي في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، نسب أحصتها منظمة انسم الرقمية التي اشارت الى ان تطبيق فيسبوك يحتل المرتبة الاولى بانتشار العنف الرقمي (18 في المائة)، يليه تطبيق انستغرام بنسبة (17 في المائة)، بعدها كانت النسب متقاربة في التطبيقات الأخرى مثل واتساب بنسبة (7 في المائة)، ثم تلغرام وتويتر بنسبة (5.6 في المائة) لكل منهما».

ويشير الغراوي الى انه في بعض الاحيان يؤدي ذلك العنف الى «الاتجار بالبشر»، مؤكدا أن معدلات العنف في البلاد ارتفعت بشكل كبير في عامي 2022 و2023، وهو ارتفاع ينذر بمخاطر.

وطالب الغراوي الحكومة بـ «إطلاق السياسة الوطنية للوقاية من العنف الالكتروني، واعتبار جرائم الابتزاز والتنمر والعنف الالكتروني ضد النساء من الجرائم الخطرة والماسة بأمن المجتمع».

تعزيز الجانب القانوني

من جانبه، يقول الحقوقي مصطفى البياتي إن «حالات العنف التي ترصد من قبل الجهات الحكومية او غير الحكومية تنبئ بوجود خطر على شريحة النساء، ما يتطلب تشريع قانون العنف الاسري وقوانين أخرى تحمي بيانات وملفات المواطنين الالكترونية».

ويؤكد البياتي خلال حديثه مع مراسل طريق الشعب»، أن «الحل الامثل لحماية النساء من أي شكل من اشكال العنف، يكون عن طريق تشريع قوانين تضمن حمايتها ومتابعة تطبيق تلك القوانين بصرامة»، لافتا الى وجود العديد من القوانين الرادعة الا انها غير مفعلة.

وبحسب القانون العراقي النافذ فإن تعرض المرأة للتعنيف من قبل الزوج أو الاب أو الأخ تكون عقوبته السجن لمدة تتراوح من ثلاثة أشهر الى سنة وفي بعض الاحيان تصل الى 15 عاما؛ اذا وصل العنف الى عاهة مستديمة، حسب تفاصيل القضية.

وطلب البياتي من النساء عدم التخوف والخشية من تقديم شكاوى عند تعرضهن لاي عنف، مؤكدا ان ذلك يقع ضمن حقوقهن المكفولة، كما حث البياتي النساء على طلب المساعدة في حال لم يستطعن الشكوى بشكل مباشر.

عرض مقالات: