اخر الاخبار

تعد أزمة السكن من المعضلات المتأصلة في العراق منذ العام 2003، لأن الحكومات المتعاقبة على حكم البلد لم تول الاهتمام لتوفير السكن للمواطن البسيط، لكنها حرصت على بناء مجمعات سكنية فارهة للمتمكنين والقادرين ماليا في بغداد والمحافظات.

ويعاني قطاع السكن من تراكم موروث لأكثر من 3 آلاف عشوائية يسكن فيها قرابة 4 ملايين مواطن، وتنخفض فيها متطلبات العيش اللائق، ويتجمع نصف تلك العشوائيات في أطراف العاصمة بغداد، والنصف الآخر في مدن البلاد الاخرى، وفق مستشار رئيس الوزراء، مظهر محمد صالح.

وكفل الدستور العراقي مجموعة من الحقوق الأساسية والحريات لكل مواطن عراقي، لكنها ظلت حبيسة الدستور، الذي ضربت قوى المحاصصة والفساد بنوده عرض الحائط.

صندوق الإسكان

يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح: ان هناك ما يزيد على 3 الاف عشوائية تغيب عنها أبسط متطلبات العيش الكريم واللائق، ويقطنها قرابة 4 مليون مواطن.

ويضيف صالح في تصريح لـ “طريق الشعب”، أن “هذه العشوائيات تتوزع في أطراف العاصمة بغداد، والنصف الآخر في عدد من محافظات البلاد. بما معناه أننا بحاجة إلى توفير 3 ملايين وحدة سكنية، ضمن سياسة الإسكان الوطني التي تتبناها الحكومة في برنامجها”.

ويتابع صالح، ان صندوق الإسكان “سيتوجه الى شراء الوحدات السكنية الجاهزة، التي سيتولى تنفيذها مستثمرون في مدن جديدة، وستخصص هذه الوحدات للمواطنين بحسب مستويات الدخل، وتُستوفى أقساط مُريحة بالنسبة لهم وتمتد لفترات طويلة، ابتداءً من السكن اللائق الواطئ الكلفة والتدرج صُعوداً”.

ويلفت المستشار إلى أن هذا يتم “بالاستناد إلى المهام التي نصّ عليها نظام صندوق العراق للتنمية الذي يتشكل من 6 صناديق فرعية، أحدها سيُخصص تماماً لمشاريع الإسكان، وسيشمل المشروع العمراني مُحافظات البلاد ويستهدف المواطنين ممن لا يملكون سكن”.

تركة ثقيلة

المهندس المختص في إدارة البلديات، ومرشح الحزب الشيوعي العراقي لانتخابات مجالس المحافظات ضمن تحالف قيم المدني في بابل سلوان الاغا، يقول ان السياسات المتبعة في التعاطي مع ملف السكن، ساهمت بشكل كبير في مفاقمة الازمة بدلا من معالجتها، مشيرا الى ان البلاد كانت بحاجة الى مليوني وحدة سكنية “لكن اليوم نحتاج الى 5 ملايين”.

ويضيف الاغا في حديث مع “طريق الشعب”، أن “ازمة السكن كبيرة جداً، وانها نتيجة تراكمات أكثر من 40 سنة، وهذا يتطلب دراسة واقعية لازمة السكن في البلاد، والعمل على تضافر مختلف الجهود لوضع حلول حقيقية وواقعية للازمة”.

ويشير الاغا الى مشاريع السكن على مستوى المحافظات  ويقول: “بات واضحاً انها غير مجدية، ولا تتلاءم مع حجم الحاجة الفعلية، لأن غالبية تلك المشاريع، لا يوفر أحدها أكثر من 50 _ 100 وحدة سكنية”، مردفا أنها لا تستهدف ايجاد حلول للأزمة “انما توفير فرص استثمارية لصالح المستثمرين المقربين من القوى المتنفذة، والذين يطرحونها باسعار مرتفعة جداً، لا تقل عن 100 ـ 200 مليون دينار”.

ويؤكد الأغا ان “الاستثمار بحاجة الى أرضية مناسبة. هذا أحد اهم الشروط لكنه هو غير متوفر، خصوصاً في المحافظات حيث يشكو المستثمرون من الابتزاز والمساومات”.

ويردف اللاغا بالقول: ان “سلسلة الروتين والتعقيدات، تفسح المجال للفساد والابتزاز، وهذا ما يخلق بيئة طاردة للمستثمر، الذي بات يوظف رؤوس الاموال بعيداً عن قطاع السكن”.

وفيما يتعلق بالاستثمارات في محافظة بابل، يقول ان “الفرص موجودة، لكنها محدودة والمجمعات التي تبنى بسيطة ولا تلبي الحاجة، واسعار الوحدات فيها مبالغ بها جداً، ولا يمكن الحديث ابداً عن معالجة ازمة السكن بهذه الصورة، التي لن تؤديً سوى الى مفاقمة الازمة”.

عجز وفشل المعالجات

عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية، النائب محما خليل، قال ان العقارات أصبحت مشكلة، وتقف خلفها أسباب شكلية وموضوعية أهمها تقاعس الحكومات المتعاقبة عن أداء واجباتها الدستورية تجاه المواطنين كما ينبغي.

واضاف خليل في حديث خص به “طريق الشعب”، انه “تمت قراءة قانون العشوائيات قراءتين، وهو من القوانين المهملة والمتروكة منذ دورتين نيابيتين وأكثر”، موضحا ان تشريع القانون يضمن للمواطن احقية في الاستفادة من قطعة الأرض المتجاوز عليها، بما لا يضر بالدولة، باستثناء المساحات الخضراء والقطع المتميزة واملاك الدولة التي تهم المؤسسات الحكومية، ومُحرّمات الطرق. لكن لم يشرع هذا القانون وأصبح من القوانين المنسية”.

وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار العقارات، يشير خليل الى “وجود مبالغ طائلة من الأموال غير المشروعة التي راكمها الفاسدون وقاموا بضخها في سوق العقارات بهدف تبييضها، ما أدى الى ارتفاع الأسعار الى مستويات جنونية”.

واكد ان العراق بحاجة الى 5 ـ 6 ملايين وحدة سكنية لسد العجز في قطاع السكن، ومن واجب الحكومة معالجة هذه المشكلة، مردفا ان هناك “الكثير من المعرقلات والمعوقات في مجال الاستثمار، فالشركات العالمية الرصينة في قطاع السكن تطلب توفير الأمان لجلب استثمارها”.