اخر الاخبار

يعاني العراق منذ سنوات من ارتفاع معدلات التلوث البيئي، فيما تتصدر العاصمة بغداد قائمة المحافظات الاكثر تلوثا، نتيجة لسوء التخطيط وتفاقم مشاكل العشوائيات، التي لم تعد مقتصرة على المنازل، انما يشمل ذلك المصانع والمعامل التي لم تراع الشروط البيئية.

غير قانونية

يقول عضو مرصد العراق الاخضر، عمر عبد اللطيف، أن “المرصد تلقى شكاوى كثيرة من قبل سكان مجمع بسماية (جنوب شرقي بغداد)، عن وجود تلوث بيئي كبير يطول مناطقهم، بسبب قرب معامل الطابوق والإسفلت”، مشيراً إلى أن مجمع بسماية يقطنه حوالي 100 ألف نسمة.

ويؤكد عبد اللطيف لـ “طريق الشعب”، أن “العاصمة تشهد تلوثاً كبيرا بالهواء”، عازياَ ذلك لـ “وجود معامل للطابوق والاسفلت في أماكن غير قانونية، وبشكل مخالف للمنهاج الحكومي”.

ويشير الى ان “بغداد في تراجع مستمر بجودة الهواء، وفقا لمؤشر الجودة العالمي، ما جعلها تحتل مرتبة 124 بين دول العالم”.

ويؤكد عبد اللطيف أن المعامل لم تزل تواصل أعمالها على قدم وساق دون مراعاة للشروط البيئية، موضحا أنها تطرح “ثاني أوكسيد الكبريت واكاسيد النيتروجين، ما يزيد من تلوث الهواء العاصمة بصورة كبيرة ويخلق أضرارا مضاعفة”.

ويعتمد مؤشر جودة الهواء على قياس الجسيمات الدقيقة الصلبة أو السائلة المجهرية العالقة في الهواء. ويمكن أن تكون مصادر الجسيمات طبيعية أو بشرية المنشأ نتيجة أنشطتها اليومية، وكذلك حساب وجود المكونات الأخرى بالهواء مثل، الأوزون (O3)، ثاني أوكسيد النيتروجين (NO2)، وثاني أوكسيد الكبريت (SO2)، وأول أوكسيد الكربون (CO).

إهمال

وتستغرب الناشطة البيئية، نجوان علي (فريق نساء ما بين النهرين)، من غياب التحرك الحكومي ازاء حل مشكلة تواجد المعامل والمصانع بالقرب من المدن السكنية، مشيرةً الى أن عملية الزحف السكاني باتجاه أطراف المدن ووسطها وزيادة الكثافة السكانية تتطلب وقفة حقيقية وجادة لإعداد تخطيط جديد للمدينة، والعمل على نقل المصانع الى مساحات خالية من السكان خارج تلك المدن.

وتؤكد علي لمراسل “طريق الشعب”، أن “سبب انتشار امراض السرطان بأنواعها المختلفة، يعود للملوثات التي تطلقها تلك المصانع من مواد سامة وخطرة، والتي لا تملك الحكومة أية حلول جادة لمعالجتها”.

وتؤكد أن “ترك تلك المعامل وتجاهل تداعياتها يعود بأضرار كبيرة على المستوى البيئي والصحي”، مطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الجودة البيئية، وحماية السكان من التأثيرات الضارة لتلك المصانع.

حل أمثل

من جهته، يقول رئيس اتحاد الصناعات السابق، علي الساعدي، أنه “بالرغم من قلة المشاريع الصناعية العاملة في البلاد منذ اكثر من عشرين عاماً بسبب غياب التمثيل الوطني الحقيقي، الا ان وجودها داخل الاحياء السكنية يشكل خطرا كبيرا تجاه السكان”.

ويضيف خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “الحل الأمثل لهذه المشكلة يتمثل بإيجاد مدن صناعية خارج المدن، وهذه الاستراتيجية متبعة باغلب دول العالم”، مبديا أسفه لعدم “اكتمال أي مدينة صناعية في العراق”.

ويؤكد أن بناء مدن صناعية وإعطاء حوافز لهذه المشاريع داخل المدن بأسعار رمزية وإمدادها بالوقود والكهرباء، يساعد في حل المشكلة بشكل جذري.

وتعتبر خطوة توفير المجمعات الصناعية المخططة (المدن الصناعية) في المدن من الاتجاهات الحديثة في التخطيط والتصميم الصناعي وتخطيط المدن وذلك لاعتبارات عديدة من أبرزها تحقيق وضع أفضل لاستخدامات الأرض في المدينة والمحافظة على البيئة المحلية وتطوير القطاع الصناعي من حيث خلق الظروف الملائمة للتكامل والترابط الصناعي من جهة، والتوفير في جهود ونفقات تقديم الخدمات والتطوير الاقتصادي من جهة ثانية، ما يقود الى رفع الكفاءة الإنتاجية للمشاريع وجذب النشاط الاستثماري في المنطقة من خلال تسهيل إجراءات الحصول على جميع الخدمات الأساسية بشكل سريع.

شكوى مواطن

ويشتكي مناف محمد (وهو أحد سكان مجمع بسماية السكني) من “غياب التخطيط الصناعي والسكني والعمراني، وانتشار العشوائيات بشكل كبير، ما يزيد من سوء الوضع البيئي”.

ويقول محمد لـ “طريق الشعب”، إن “التلوث في محافظة بغداد يتطلب موقفا جادا من الحكومة والجهات المعنية”، مشيرا الى ان ان “وجود المصانع بالقرب من المناطق السكنية يثير قلقنا، بخاصة الاطفال وكبار السن الذين يتأثرون بشكل اكبر بالتلوث”.

عاصمة إدارية

المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، قال ان “مشروع العاصمة الادارية موجودة كفكرة على الطاولة ونوقشت من حيث تفاصيلها والمساحة”، مبيناً أن “المكان ربما لم يحدد بشكل دقيق لكننا نتحدث عن مناطق أطراف بغداد، والمكان المرشح الى حد ما هو في جنوب بغداد عند المنطقة المتاخمة لمدينة بسماية”.

وأضاف عبد الزهرة الهنداوي ان “هذا المكان هو مبدئي، لكنه بالتأكيد سيخضع لنقاش وحوار واجراء تعديلات”، لافتا الى أن المساحة التي من المقرر ان يتم انشاء العاصمة الادارية عليها تتراوح بين 50 الى 60 كيلومتراً مربعاً”.

المتحدث باسم الوزارة، رأى أن “الفكرة من انشاء هذا المشروع هو انشاء عاصمة ادارية تنقل اليها المؤسسات الحكومية التي تقع في قلب العاصمة بغداد، وهذا يستهدف أمرين، الاول هو تحقيق التنمية في مناطق الاطراف من خلال انشاء هكذا مشاريع كبيرة وعملاقة وستحدث تغييراً تنموياً كبيراً في المناطق المحيطة بالعاصمة، ولاسيما نحن نتحدث عن مشروع الطريق الحلقي ومشروع طريق التنمية وهذه المشاريع ستراتيجية مهمة”.

ونوّه عبد الزهرة الهنداوي الى أن “الهدف الثاني وهو الاساس من الفكرة، هو تفكيك هذا الاختناق الذي تشهده العاصمة بغداد، المتأثرة بحجم الكتلة السكانية الكبيرة التي تسكن العاصمة، اضافة الى ما يدخل العاصمة من ابناء المحافظات يومياً لأغراض مختلفة، سواء للعمل او الصحة او التعليم او السياحة او زيارة الاقرباء او غيرها”.

عرض مقالات: