اخر الاخبار

تحاول بعض الفتيات ابتكار مصادر رزق جديدة عن طريق استثمار مواقع التواصل الاجتماعي، واللجوء الى العالم الالكتروني لإيجاد فرص عمل مناسبة، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تجهض ـ في الغالب ـ أية مشاريع أو فرص عمل يقدمن عليها.

إذ لا تزال الكثير من النساء يواجهن تحديات اقتصادية نتيجة لوجود قيود اجتماعية تمنعهن من اكمال التعليم، وتحديات أخرى ترتبط بغياب السياسات الاقتصادية وانتشار البطالة وقلة فرص العمل المتاحة أمامهن.

طابعة وورق!

تخرجت اديان احمد من قسم الهندسة الكيميائية عام ٢٠١٩، وبسبب ادراكها أن الجلوس وانتظار الوظيفة الحكومية لن يأتي بنتيجة، قررت فتح متجر “اونلاين” خاص بها.

اطلقت اديان مشروعها التجاري اثناء انتفاضة تشرين ٢٠١٩، وتحديدا من ميدان التحرير.

تقول اديان: إن “الفكرة جاءتني حين طرحت على نفسي سؤالا: كيف بإمكاني دعم هذه الاحتجاجات بشيء احبه، وعلى قدر إمكانيتي”.

وتضيف لـ”طريق الشعب”، “كنت املك جهاز حاسوب وطابعة صغيرة واوراقا، وقررت أن اطبع “ستيكرات” تعكس صوراً وجملاً جرى ترويجها داخل ساحات الاحتجاج”.

وتذكر اديان بعض الجمل التي ظلت في ذاكرتها حد اللحظة: “نريد وطن، ما يبقى بس العراق، عراق مصغر، حرية باللغة المسمارية، وغيرها الكثير من الصور الواقعية والرمزية التي ظهرت خلال تلك الانتفاضة في 2019”.

وتلقت اديان خلال تلك الفترة دعما كبيرا من قبل الاهل والاصادقاء والعديد من الناس الذين احبوا ما صنعت، الامر الذي حفّزها على تطوير متجرها، ليكون اليوم مصدر رزقها وهوايتها التي تمارسها بشغف.

وتوضح، “بدأت المشروع بفكرة وميزانية بسيطة جداً، واليوم بعد مرور ٤ سنوات، املك تعاوناً وشراكة مع اكثر من ١٠٠ عميل”.

تطريز

اما الشابة مريم محمد (١٧ عاماً)، فلم يحالفها الحظ بتلقي الدعم من قبل محيطها، لكنها بالرغم من محاولات الإحباط العديدة، عزمت على اطلاق مشروعها: التطريز اليدوي.

تقول مريم (وهي طالبة في الثانوية)، “وضعنا المادي ضعيف، لذا فكرت في فتح متجر خاص بي، للاعتماد على ذاتي اولا، وضمان استمراري في اكمال الدراسة الجامعية ثانيا، والسبب الثالث مرتبط بشغفي بهواية التطريز”.

وتضيف لـ”طريق الشعب”، قائلة أن “هناك صعوبة بالموازنة بين الدراسة والعمل، لكني أحاول ان امنح دراستي وقتا أكثر”، موضحة أن “أي مشروع تجاري يحتاج نجاحه الى دراسة وتخطيط حتى وان كان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. إذ أن أي عمل يحتاج للمواد الأولية، حتى ان كان بسيطاً”.

وتشير الى وجود أهمية في “فهم سلوك المستهلكين والعملاء ووضع رأسمال مناسب، يليه البحث الدقيق والشامل عن موردين للمواد والبضائع”، مردفة “هذه التعاملات تشوبها تحديات كثيرة”.

رسم على الزجاج

زهراء الموسوي، خريجة علوم بايولوجي منذ العام ٢٠٠٨، تقول لـ”طريق الشعب”، انها “منذ التخرج تسعى وراء وظيفة حكومية، لكن من دون نتيجة”.

الشعور باليأس جعل زهراء تفكر في مشروع “حلويات وكيك”، حيث كانت تصنع مختلف الحلويات لكافة المناسبات، لكن بسبب تعرضها لوعكة صحية اضطرت لترك هذه المشروع.

لم يتوقف شغف زهراء بعد إغلاقها مشروعها الأول، انما انطلقت بمشروعها الاخر “الرسم على الزجاج الأبيض وبيع المواد الخاصة بهذه الحرفة”، مشيرة الى بعض التحديات التي واجهتها تتمثل بـ “صعوبة الوصول الى المتبضعين، وعدم إيجاد توازن بين مسؤولية البيت والعمل.

وعبرت زهراء ـ وهي أم لأربعة أولاد ـ عن رضاها التام لما وصلت اليه اليوم من نجاح لمشروعها، الذي اصبح رزقها وهوايتها.

تقول: إن الربح الذي تحققه يمكّنها من تلبية احتياجاتها الشخصية وعائلتها أيضا ويسدّ مصروفهم اليومي.

واعتمدت زهراء على الترويج المموّل والتواصل مع فتيات مؤثرات يتابعهن الآلاف في مقابل تقديم المنتجات والبضائع لهن مجانا كهدايا”.

انعدام الأمان الوظيفي

تقول الناشطة الاجتماعية، براء محمود إن معظم النساء يسكنّ في مناطق تفتقر إلى الأعمال المتاحة والمناسبة، حيث يواجهن عراقيل كثيرة في سوق العمل، منها طول ساعات الدوام وغياب الحقوق وانعدام الأمان الوظيفي وتدني الأجور؛ وحتى حين تتوفر مثل هذه الأعمال، تعرقلهن القيود العائلية عن مزاولتها، خاصة في المناطق الشعبية جداً.

وتبين محمود في حديثها مع مراسل “طريق الشعب”، أنه “بسبب تلك التحديات الكثيرة تتجه بعض النساء إلى العمل عن طريق الإنترنيت، حيث يبعن منتجات وخدمات بوساطة منصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية، وهذه الأعمال تختلف أرباحها وفائدتها حسب أنماطها”، مبينة أنها تتنوع بين “إدارة صفحات المتاجر الإلكترونية والعمل كمندوبات عبر الإنترنت وتقديم وخدمات الدعم والاستشارة النفسية، وفتح متاجر لصناعة الطعام والإكسسوارات والملابس والشموع وغيرها من الافكار المتنوعة”.

وتؤكد محمود، أن العمل على منصات التواصل الاجتماعي “يجعل النساء يواجهن تحديات ومصاعب مختلفة، منها ما متعلق بالترويج والتسويق الصحيح، وكيفية خلق أفكار جديدة، بالإضافة الى صعوبة خلق توازن بين الحياة اليومية والعمل اونلاين، وعدم وجود مساحة خاصة للعمل”، مشيرة الى وجود العديد من “الطالبات والأرامل وربات المنازل وجدن أرزاقهن في متاجر على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وبالرغم من هذه الجهود والمحاولات المحفوفة بالمصاعب، تمكنت العديد من نساء من تحقيق نجاح ملحوظ في عالم العمل أونلاين، واستطعن تحسين حياتهن وحياة أسرهن، وفقا لحديث براء محمود.