اخر الاخبار

أصدر البنك المركزي العراقي، اخيراً، ضوابط تخص بطاقات توطين رواتب الموظفين والمتقاعدين.

وقرر البنك بحسب ما اوردته الوثيقة، الغاء خاصية Salary من اجهزة POC، اي السحب السريع للراتب، والتي يسحب من خلالها صاحب المنفذ، كامل الراتب داخل البطاقة، وسمح للموظف بسحب جزء من الراتب.

 كما وجه بحجز 20 بالمائة من الحركات المالية خارج الرواتب (المكافآت وغيرها) لغرض استخدامها للشراء فقط، وليس للسحب النقدي. وتضمنت الضوابط أن تكون عمولة السحب النقدي الكترونية بشكل كلي، والغاء اية حالات تجميد او سحب المبالغ من البطاقات.

يفاقم النقمة

وفيما انتقد مختصون هذه القرارات بسبب غياب مستلزمات نجاحها، أكدوا أن ادارة المركزي تستخدم “اسلوب الصدمة” في عملية تنفيذها، معتبرين ذلك يلحق بالموظف اضراراً كبيرة، وستكون له آثار سلبية، وتفاقم من نقمة الناس على النظام السياسي، ولا تسهل عملية البيع والشراء والتعامل التجاري، كما تقلص حجم الكتلة النقدية الموجودة.

إعادة النظر وسحب القرار

الموظفون الرافضون لهذا القرار وتبعاته السلبية عليهم، وجهوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رسالة الى كل من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وعلي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي، اكدوا فيها أن قرار “الاحتفاظ بنسبة 20 بالمئة من المكافآت والحوافز داخل البطاقة الإلكترونية، ومنع سحبها نقدا، قرار مجحف وغير عادل، ويعتبر اعتداءً وتجاوزاً على حرية المواطن وحقه بالتصرف براتبه”.

 واشار الموظفون في رسالتهم الى انه “ليس كل موظف أو متقاعد يملك سيارة ليستخدم المبلغ المحتفظ به لشراء البنزين، ولا يمتلك الجميع القدرة على التسوق الإلكتروني، ومن جهة أخرى فإن أغلب أصحاب الرواتب من الموظفين أو المتقاعدين، هم من أصحاب الرواتب المتدنية وأن نسبة 20 بالمئة، ستؤثر سلباً على التزاماتهم المالية”.

ونبهوا الى وجود منافذ أهلية لم تلتزم بقرار استقطاع العمولة الكترونياً، إنما تقوم باستقطاع مبالغ أخرى إضافية من المواطنين، معربين عن املهم في اعادة النظر بالموضوع والتراجع عن هذا القرار.

تعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني

ولتوضيح تفاصيل القرار وخلفيته، بيّن المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، ان هناك عدم فهم للقرار الذي صدر، وان عدداً من وسائل الاعلام تناولت القرار بطريقة سيئة، مؤكدا ان الغاية من هذه الخطوة هي دفع الناس الى استخدام البطاقة الإلكترونية وتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني.

واكد د. صالح في حديث خص به “طريق الشعب”، ان “رواتب شريحتي المتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية غير مشمولة بهذا القرار. وانما يشمل فقط موظفي الدوائر والمؤسسات والمصارف، الذين يمنحون مكافآت وحوافز ورواتب اضافية وجزءا من الارباح”.

وتابع بالقول، ان “نسبة 20 في المائة من هذه الحوافز ستوضع في الماستر كارد لاستخدامها في الدفع الإلكتروني”، مؤكدا ان “هذه الخطوة تأتي لتعزيز ثقافة التعامل النقدي الإلكتروني، وبالإمكان استعمالها في المولات ومحطات الوقود ودفع اجور الكهرباء وغيرها من التعاملات المالية الإلكترونية، ومع ذلك يستطيع الموظف سحب هذه النسبة بعد 20 يوماً”.

ويجد مستشار رئيس الوزراء، ان هناك ضرورة في ان تحول الدولة مدفوعاتها الكترونياً، كما يجب ان تكون مختلف اشكال الجباية في البلاد الكترونيةً، كجزء من سياسات الدولة في عالم اليوم، فهناك عزم على مغادرة استخدام النقد في التعامل المالي، فنحن ربما من المجتمعات القليلة التي لا تزال تستخدم التعامل النقدي”.

وطمأن صالح بأن العملية ستكون هيكلية، ولا تتم بين ليلة وضحاها، انما سيجري تعزيز هذه الثقافة بشكل تدريجي، مؤكدا انه سيتم نشر اجهزة الدفع الإلكتروني في جميع الأماكن العامة، كي تكون ميسّرة، والا تكون هناك تكاليف عند عملية الدفع، اي ان تكون مجانية”.

خطوة غير صحيحة

الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، يعتقد ان كل خطوة تقدم عليها الحكومة، ينبغي ان يسبقها توفير مستلزمات تطبيقها لنتجنب فشلها، كما ينبغي توفير البنية التحتية التقنية الداعمة لها، وتثقيف المواطنين بذلك.

وأكد المرسومي في حديث مع “طريق الشعب”، انه “من غير الصحيح حجز أرباح وحوافز الساعات الإضافية لعدد مهم من الموظفين بنسبة 20 بالمائة، من اجل حثهم على استعمال الدفع الإلكتروني، في وقت توجد فيه صعوبة في استخدام هذه البطاقات في ظل عدم انتشار اجهزة الدفع الإلكتروني بشكل كاف”.

واضاف ان ما تم حجزه جرى استرجاعه من خلال منافذ التصريف، بعد ان دفع الموظف نسبة 2 في المائة، في حين ان بعض المنافذ استقطعت 5 في المائة من قيمة النسبة المحجوزة في بطاقة الدفع الإلكتروني”.

ونبّه المرسومي الى انه “لم يتحقق اي شيء بعد هذه الخطوة، وان الكتلة النقدية بقيت كما هي، والخاسر الوحيد كان الموظف، الذي أجُبر على دفع جزء من هذه النسبة للحصول عليها”.

ويشير المرسومي الى وجود “طرق اكثر نجاعة تبدأ من الثقافة والبنية التحتية الداعمة، والتدرج في اتخاذ مثل هذه القرارات”.

وتساءل المرسومي: “من اعطى الصلاحية للبنك المركزي في حجز مستحقات الناس؟”، مؤكدا أنه “لا يحق له ولا للمصارف الحكومية التصرف بمقدرات الناس، وبكل تأكيد ينبغي ان يكون الموضوع اختياريا، فالناس عندما تقتنع بأهمية الدفع الإلكتروني ستلجأ له، خاصة عندما تجد ان هناك ارضية ومساحة مناسبة لاستخدام هذه الالية”.