اخر الاخبار

فتح تدفق عشرات الألوف من خريجي الدراسة الثانوية، سنويا نحو الدراسة الأكاديمية، شهية الاستثمار التعليمي، لاستيعاب آلاف ممن تغلق أمامهم أبواب الجامعات الحكومية لاسباب مختلفة.

إذ أن تزايد أعداد خريجي الدراسة الإعدادية سنويا، شكل صعوبة أمام قدرات قطاع التعليم الجامعي الحكومي المحدودة، الأمر الذي حفز القطاع الخاص على الاستفادة من ميزات قانون التعليم العالي الأهلي العراقي رقم 25 لسنة 2016، وبالتالي تأسيس جامعات وكليات أهلية معترف بها داخل البلاد وخارجها.

وبلغ عدد الجامعات والكليات الأهلية في عموم البلاد، أكثر من 70 جامعة وكلية مقابل 36 جامعة حكومية – حسب ما مدرج في قائمة الجامعات على الموقع الالكتروني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وبفضل المساحات المتوفرة لهذه الجامعات في المناطق غير السكنية، بدأت تلك المشاريع الاستثمارية بالتوسع سنوياً في فتح كليات جديدة، متخذة من مواقع مهمة في مراكز المدن، أماكن لإقامة مقراتها، دون مراعاة التخطيط العمراني الأساسي، الأمر الذي سبب أزمات مرورية وأربك حركة السير في الكثير من الشوارع.

ففي تموز الماضي، توفيت طالبة في إحدى الكليات الأهلية اثناء عبورها طريقا سريعا جنوبي بغداد إلى الجهة المقابلة لكليتها. إذ دهستها سيارة يتجاوز سائقها حدود السرعة المسموح بها، ما أثار الرعب في نفوس زملاء الطالبة.   

ولم يكن هذا الحادث الأول، ولن يكون الأخير في ظل تهالك الشوارع الرئيسة وعدم وجود أماكن مخصصة لعبور المارة. فقد سبقه تسجيل حادث دهس خلّف كسوراً لطالب آخر في الكلية ذاتها، التي لم تُنشئ جسر مشاة يعبر من خلاله الطلبة الشارع، ولم تراعِ في الأساس التخطيطات العمرانية أثناء إقامتها مقرها.

عبء إضافي

في تقرير صحفي سابق لوكالة انباء، تابعته “طريق الشعب”،  جاء في تصريح عن الضابط في مديرية مرور الكرخ مروان حسين، قوله إن “الجامعات الأهلية أضافت عبئاً جديداً إلى عمل المرور، بسبب مواقعها التي تؤثر على انسيابية الحركة المرورية في أثناء دخول الطلبة إلى كلياتهم وخروجهم منها”، مشيرا إلى أن “رجال المرور يقفون أحياناً عاجزين عن تنظيم حركة السير، خصوصاً أمام الكليات التي تقع على الطرق السريعة”.

ويلفت حسين إلى أن “هناك جامعات شُيدت أخيراً على الطريق السريع لمطار المثنى وسط بغداد، وعلى الطريق السريع لمطار بغداد الدولي، وعلى طريق الدورة، وهو المخرج الجنوبي للعاصمة، وكلها فاقمت الاختناقات المرورية في بغداد”، مضيفا أنه “كان من المفترض أن تشيد هذه الجامعات خارج العاصمة، من أجل تخفيف الزحام. كذلك أن غالبية الكليات الأهلية لم تضع جسوراً للمشاة، الأمر الذي يسبب وقوع حوادث دهس”.

عشوائية منح الفرص الاستثمارية

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، أن “هناك عشوائية كبيرة في منح الفرص الاستثمارية على مستوى الجامعات الأهلية، وحتى مشاريع المجمعات السكنية والمولات والمراكز التجارية”، مبينا في حديث صحفي سابق أن “هذه المشكلة يترتب عليها ارتباك كبير في شكل المدينة، وفي تخطيطها العمراني، إضافة إلى الضغط على البنية التحتية في تلك المناطق، التي غالباً ما تكون متدهورة، ولم تخضع لأي عملية تطوير منذ سنوات”.

ويرى الخبير الاقتصادي أن “إتاحة إنشاء الجامعات الأهلية على الطرق السريعة خطأ كبير، ما يتطلب من الحكومة إعادة النظر في ما يتماشى مع حاجة المواطنين، ونقل تلك المؤسسات إلى خارج حدود العاصمة لتخفيف الأعباء الحاصلة بسببها”.

إزعاج السكان

محدودية قدرات التعليم الحكومي لم تفسح المجال فقط لإنشاء جامعات وكليات أهلية، إنما تعدى الأمر إلى افتتاح أعداد كبيرة من المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية ورياض الأطفال، خاصة داخل الأحياء السكنية. وبسبب عدم توفر أراض شاغرة في مثل هذه الأحياء، تضطر الجهات الاستثمارية إلى استئجار أو شراء منازل وتحويلها إلى مقرات تعليمية، ما يشوّه التخطيط العمراني ويزعج السكان.

وعن ذلك يقول المواطن محمد علي شهاب لـ “طريق الشعب”، إنه “يكاد لا يخلو حي سكني، لا سيما في مراكز المدن، من وجود مدرسة أهلية أو روضة أطفال”، مضيفا أن “هذه المدارس، باعتبارها تتخذ من المنازل مقرات لها، صارت تخنق الأحياء السكنية وتزعج المواطنين”.

ويوضح المواطن، وهو من سكان محافظة واسط، أن “حيّنا السكني وحده يضم نحو 3 مدارس أهلية، تتوافد عليها يوميا أعداد كبيرة من الطلبة، ما يثير الضوضاء ويزعج السكان. ناهيك عن السيارات التي تنقل الطلبة من وإلى مدارسهم، والتي تشل حركتنا وتثير قلقنا على أطفالنا عند خروجهم إلى الشارع. فأحياؤنا في الأساس غير مصممة لاستيعاب هذا العدد الكبير من السيارات”.