اخر الاخبار

تشهد الأسواق العراقية هذه الأيام، حالة ركود غير معهودة. فمقارنة بالأعوام السابقة، التي كانت الأسواق فيها تكتظ بالمتبضعين لشراء الملابس الشتوية مع بداية موجات البرد، فضلاً عن شراء مستلزمات الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، ورغم زخم المارة في الشوارع والأسواق، فإن الحركة التجارية تعاني من الركود وضعف الطلب، وهو ما يؤكده ايضاً، الكثيرون من الباعة عبر وسائل الإعلام.

وأدى التذبذب الحاصل في سعر صرف الدولار خلال السنتين الأخيرتين، إلى ارتفاع أسعار مختلف المواد والبضائع، لا سيما تلك التي يجري استيرادها بالعملة الصعبة، الأمر الذي سبب تراجعاً في القدرة الشرائية للمواطن، وجعله يختزل عملية الانفاق ويجعلها تقتصر على شراء المتطلبات الأساسية كالمواد الغذائية، مستبعداً الاحتياجات غير الضرورية جداً، كالملابس والاكسسوارات والسلع الكمالية وغيرها، مما أدى بدوره إلى اضطراب الحركة التجارية في السوق.

ويحمّل مواطنون، التجار الجشعين مسؤولية ارتفاع الأسعار، حين يرون بأن الكثيرين منهم سواء من تجار الجملة أو باعة المفرد، يستغلون المناسبات وبدايات المواسم، والتي تشهد ازدياد الطلب بما يتناسب مع عادة العراقيين بشراء الجديد في الاعياد، لرفع الأسعار وزيادة أرباحهم، مشيرين إلى أنه وبسبب هذا الجشع وارتفاع الأسعار، تضطر العائلات، خاصة الفقيرة وذات الدخل المحدود، إلى التخلي عن الكثير من تلك المستلزمات، وبالتالي تُحرم من التمتع بأجواء المناسبات. 

البيع متدنٍ  

وتقول ميس علي (26 عاماً)، صاحبة محل لبيع الملابس في محافظة بابل، في حديث صحفي إن “البيع في هذه السنة متدنٍ. إذ لا يوجد إقبال على شراء الملابس، رغم أن الفترة الحالية تعتبر موسماً لبيع البضاعة الشتوية”.

وتؤكد على أن “المحل لم يحقق نسبة مبيعات تكفي لسد الإيجار حتى الآن. ورغم نشر إعلانات عن وجود خصومات في الأسعار وتخفيضات، إضافة إلى العروض المجانية، إلا انه لم يتغير شيء. فلا تزال الملابس مكدّسة في المحل تنتظر أن تُباع”!

الأسعار مرتفعة

من جانبها، تقول المواطنة أم علي (33 عاماً)، وهي من بغداد، “في هذه الأوقات من كل سنة نشتري عادة الملابس الشتوية، لكن هذا الموسم لم يشهد برودة شديدة حتى الآن. لذلك ليست هناك ضرورة لشراء الملابس الشتوية، خاصة أن الشتاء في العراق لا تتعدى ذروة برودته الشهرين”.

أم علي، وهي أم لثلاثة أولاد وبنت، تضيف في حديث صحفي أن “أسعار الملابس هذه السنة مرتفعة بشكل غير طبيعي، ولهذا، يضطر ذوي الأطفال إلى تقليل الإنفاق قدر الإمكان، وأن تقتصر المشتريات على الأشياء الضرورية”، مبينة أن “أصحاب المحال يعزون سبب ارتفاع الأسعار إلى صعود سعر صرف الدولار وتذبذبه، خاصة أن معظم المواد الموجودة في السوق مستورد”.

جشع التجار

ويقول المواطن مشتاق الطباطبائي، في هذا السياق، إن “الأسعار في السوق تشهد اضطرابا مستمرا، خاصة خلال فترات المناسبات. إذ ترتفع الأسعار بصورة مبالغ فيها نظرا لزيادة الطلب. وهذا يأتي في ظل ضعف الرقابة الحكومية على حركة السوق”، مبينا في حديث لـ “طريق الشعب”، أن “هناك تجار يجدون المناسبات فرصة لتحقيق قدر أكبر من الربح على حساب المواطن الفقير”. ويطالب الطباطبائي الجهات الحكومية ذات العلاقة، بـ “التدخل من أجل وضع حد لجشع التجار الذي يتفاقم خلال المناسبات، والذي يثقل كاهل المواطن ويحرمه من شراء الكثير من متطلباته”.

لا دعمَ للسلع الكمالية

ويفيد الباحث الاقتصادي علي عبد الكاظم، بأنه “في الاقتصاد هناك سلع ضرورة وأخرى كمالية. الضرورية تدعمها الحكومة، ومنها المواد الغذائية. لذلك يُلاحظ أن أسعارها لا ترتفع كثيرا. أما السلع الكمالية، مثل الملابس وغيرها، فهذه لا تدعمها الحكومة، وبالتالي يقع الأمر على عاتق القطاع الخاص”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا، إن “تجار القطاع الخاص على نوعين، الأول يستورد بالسعر الرسمي عن طريق منصة البنك المركزي، التي تبيع الدولار بسعر 1320 دينارا، ويبيع بضاعته بسعر مناسب. أما النوع الآخر من التجار، فهؤلاء يستوردون بضاعتهم أيضا بالسعر الرسمي، لكنهم يبيعون وفق سعر السوق الموازي، لذلك تكون أسعار بضاعتهم مرتفعة. وفي النهاية، الأمر يرجع إلى أخلاقيات التاجر نفسه”.