اخر الاخبار

بعد عقدين من الفساد والفشل في النهوض بواقع بغداد، وفي ظل سطوة أصحاب النفوذ ممن وظفوا الخدمات لمصالحهم الشخصية، باتت العاصمة بحاجة لمشاريع كبيرة، يترك غيابها أثراً سلبياً في جميع مفاصل الحياة.

ووفق أصحاب الاختصاص، فأن بغدادنا، التي كانت على مر الازمان والحقب، مثالاً ومنارة للحضارة والتقدم، خصوصا العمراني منه، صارت بحاجة ماسة الى التوسعة نحو حدودها الخارجية على المدى البعيد، وفق مخطط متكامل ومدروس وبعيد عن العشوائية.

وطرح معماريون ثلاثة حلول لمعالجة المشاكل.

حل مشكلة النفايات

يقول أمين بغداد المعمار علاء معن، إن مشكلة النفايات “جزء من المشاكل المتراكمة في المدينة، والتي تشمل ايضاً ضعف البنى التحتية وضعف هيبة القانون، ما أدى لحدوث تجاوزات ومخالفات في البناء وإقامة العشوائيات التي امتدت لتصل الى ١١٠٠ منطقة، والى انتشار الباعة الجوالين، وبالتالي فإن من أولويات مشروع نهضة بغداد، معالجة النفايات عبر آليات عمل تتضمن توعية المواطن ومحاسبة المخالفين وتطوير المدينة بمشاريع إكساء الشوارع والأزقة والمحلات السكنية”.

ويضيف المعمار معن، ان “أمانة بغداد استوردت قبل سنوات معملين لتدوير النفايات، تبلغ طاقة الواحد منهما (١٠٠٠) طن، لكن الإجراءات البيروقراطية وعدم تهيئة مواقع مناسبة لهما، ادت لتأخر تنفيذ ونصب المشروعين”، مشيرا الى العمل “على إيجاد الحلول المناسبة للأمر. ما يتم تنفيذه الآن في قطاع النظافة لا يعدو ان يكون معالجة وقتية تشكل نسبة نجاح بين ٥٠-٦٠٪، انما الحل الوحيد لمعالجة النفايات هو تدويرها كما هو الحال في المدن المتحضرة”.

ويلفت أمين بغداد إلى أن “المؤشرات العالمية تشخص العراق في مقدمة الدول الاكثر فسادا، وامانة بغداد مؤسسة خدمية لها تماس مباشر مع المواطن، لذلك لا تخلو من الفساد الذي نسعى لمحاربته”، مؤكدا مساعيهم “للحد من الفساد عبر مشروعين مهمين؛ الأول: ادارة النفايات وتدويرها وسيحسم خلال الشهرين القادمين. والثاني: هو الحوكمة الالكترونية والاتمتة والجباية الإلكترونية التي ستؤدي الى تقليل التعامل المباشر بين الموظف والمواطن”.

إكمال المشاريع الحيوية

رئيس اللجنة المالية النيابية عطوان العطواني، اكد ضرورة الاسراع في استكمال تنفيذ المشاريع الحيوية، مشيرا الى ان مناطق أطراف العاصمة وشرق القناة تحتاج إلى جهد خدمي مضاعف.

وعبّر العطواني في بيان له عن تقديره “لسرعة استجابة رئيس الوزراء، لدعوتنا التي اطلقناها قبل أيام، حيث طالبنا بتدخله شخصيا لإزالة المعوقات وتذليل العقبات التي تؤخر موضوع إحالة مشاريع البنية التحتية الخمسة في محافظة بغداد، الخاصة بإنشاء شبكة مجارٍ متكاملة لمناطق (النهروان، ناحية الوحدة، ناحية سبع البور، قضاء أبو غريب، الراشدية)”.

وأكد ان “مناطق أطراف العاصمة بغداد ومناطق شرق القناة تحتاج إلى جهد خدمي مضاعف ومتابعة متواصلة لإجل الإسراع بإحالة المشاريع الخدمية التي خصصنا لها الأموال اللازمة في موازنة 2023”.

تطوير التصميم الأساس

من جانبه، رأى المتخصص في إدارة البلديات، المهندس سلوان ظافر الاغا، ان نوعية المشاريع التي تحتاج اليها العاصمة بغداد، تتمحور حول تطوير مراكز الجذب فيها ومراكز الادارة والوزارات والاماكن الترفيهية والتجارية، وان يتم ابتكار وايجاد مناطق جديدة تكون مراكز للجذب، خاصة مع تنامي الكثافة السكانية، مشددا على ضرورة ان تُنشأ تلك المراكز خارج حدود العاصمة.

وأشار الى ان “كل العالم يقود تحولات نحو مشاريع تدفع بالمدينة الى الخارج، وتحول مراكز الجذب بعيدا عن مركزها”.

وبيّن في حديث مع “طريق الشعب”، ان الحلول الراهنة في البلاد لا تتجاوز تقويض الجزرات الوسطية، وانشاء المساحات الخضراء والارصفة المزروعة، وحتى بالنسبة للمتنزهات والمناطق الترفيهية، فهي الأخرى من الممكن مستقبلاً قضمها تدريجيا، وتتحول من مناطق خضراء الى أبنية ومنشآت”.

واكد ان “هذا يمكن ملاحظته في مشاريع التقاطعات حالياً والمجسرات والاستدارات وغيرها، فبرغم ان بعضها فعلاً يحل مشكلة، لكن جزءاً كبيراً منها يتم على حساب الجمالية، ويُفقد المدينة طابعها وثيمتها”.

وفيما اذا كانت تحتاج الى توسيع، شدد الاغا على ضرورة توسعة بغداد، قائلاً ان “العاصمة تحتاج أيضا الى تطوير التصميم الأساسي بهدف التوسعة نحو الخارج مستقبلا. ومن المهم ان يكون التحرك لمديات بعيدة، كي يتحقق الغرض الذي وضعت من اجله التوسعة وأن يفي بمتطلباتها”.

وخلص الى القول ان هناك ثلاثة حلول “أولها حلول انية سريعة تتعلق بفتح الشوارع المغلقة من قبل الوزارات والمؤسسات بالكتل الكونكريتية، على أن يشمل كافة شوارع العاصمة. وثاني هذه الحلول هو ايجاد بعض الممرات والمجسرات لبعض المناطق وتغيير حركة السير في بعض الشوارع على المدى المتوسط. ويتمثل الحل الثالث بفتح الشوارع الحولية، واستكمال الطرق الشريانية”.

غياب الرؤى والتخطيط

من جانبه، قال المهندس المعماري، بلال سمير “ان سياسة الحلول الترقيعية وغياب الرؤى والتخطيط السليم على البعدين القريب والبعيد، هو ما أدى الى تدهور وضع العاصمة بغداد، التي كانت على مر الأزمنة، مثالاً للحضارة والعمران والتمدن”.

وتابع في حديث لـ“طريق الشعب”، ان هناك “طروحات تشوبها الكثير من السلبيات، وهذا بالفعل ما عانت منه الكثير من الدول الغربية، وتسعى اليوم الى معالجتها، بينما نحن لا نعالج جذر المشكلة وسببها الرئيسي”، مردفا “نعم، قد يكون توسيع الشوارع وتوفير المساحات حلولاً مناسبة، لكنها ليست جذرية، ما دامت اعداد السيارات في تفاقم لا تستطيع العاصمة استيعابه، وبالإمكان تطوير النقل العام ودعمه فهو واحد من بين حلول عديدة ناجعة”.

ومن وجهة نظر سمير فإن احد اهم المشاريع التي يجب ان تحظى باهتمام المعنيين، “هو مشروع تطوير النقل العام، وتوسيع العاصمة بغداد على ان يكون توسعاً مخططاً له، إضافة الى توفير مساحات خضراء”.

واشار المهندس الى ان “سوء التخطيط وغيابه، هو أحد السلبيات التي نعاني منها، حتى في ما يخص الاستثمار، فالهيئة المعنية تمنح اجازات غير مدروسة ذات طابع اقتصادي ربحي. وهذا انعكس أيضا في اختيار أماكن هذه الاستثمارات، فهي على الأغلب امكان غير مناسبة، تخلق مشكلة”، مؤكدا ان هذه التوجهات “شوهت المدينة وطمست معالمها وغيبت هويتها، ولا اعتقد ان البغداديين سعداء بأوضاع العاصمة اليوم”.