اخر الاخبار

سبع سنوات مرّت على تحرير أراضي العراق من دنس تنظيم داعش الارهابي، في حرب دموية حصدت أرواح الالاف من الشباب، وما ان وضعت الحرب اوزارها، حتى صار العنوان الابرز للفترة التي اعقبتها: حل مشكلة النازحين، الذين عانوا الكثير من ويلات النزوح والاضطهاد ونتائج الحرب والإرهاب.

وبرغم تحديد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في الجلسة الاعتيادية الاسبوعية لمجلس الوزراء، يوم 30 حزيران 2024، موعداً لإغلاق المخيمات والإعادة الطوعية للنازحين، فإن الوعد سيكون كما يبدو امتداداً لسلسلة الوعود التي أطلقتها أربع حكومات سبقته، وعجزت عن الوفاء بها.

100 دونم

يقول مدير إعلام وزارة الهجرة والمهجرين، سيف صباح ان وزارته أطلقت استبيانا لمعرفة المعوقات التي تحول دون عودة النازحين. ويشمل الاستبيان الكثير من التفاصيل مثل امتلاك البطاقة الذكية والعوائل التي تسلمت المنحة والعوائل المنشطرة، وان كان دار المواطن مهدما وغيرها من التفاصيل.

ويضيف في حديث مع «طريق الشعب»، انه «بعد إكمال عملية الاستبيان سيتم وضع الخطة، حيث تم الحصول على 100 دونم، مقسمة كالآتي 50 دونما في سنجار و50 دونما في مدينة الموصل لبناء دور واطئة الكلفة، بهدف تأمين بنى تحتية للعائدين بالتعاون بين وزارة الهجرة والوزارات الأخرى، لأن تقديم الخدمات لهذه العوائل يعد أحد اهم التحديات».

ويلفت صباح الانتباه الى ان «وضع اي خطة متكاملة، لا بدّ من استبيان لأخذ عينات تشمل جميع المخيمات. نعم، لدينا صورة لكن الاستبيان سينقل صورة حقيقية اكثر واقعية ودقة. وبناء على هذه المعلومات توضع خطة لغلق المخيمات».

وعن أعداد النازحين قال: ان «اغلب النازحين اليوم هم من سنجار، ويبلغ عدد العوائل النازحة في المخيمات 32 الف عائلة تقريباً».

ويؤشر صباح أبرز المعوقات التي تحول دون عودة النازحين: «البنى التحتية وشح الخدمات»، مردفا أن هناك عملا جاريا بالتنسيق مع عدد من الوزارات من اجل معالجة تلك التحديات، وضمان عودة النازحين الى مدنهم».

ويكشف متحدث الوزارة عن قيام الاخيرة ببناء 2000 - 3000 دار واطئة الكلفة في قضاء سنجار، لتشجيع عودة النازحين لمناطقهم.

ماذا بعد الاغلاق؟

وعقد محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، اخيراً، مؤتمراً صحفياً مع وزيرة الهجرة إيفان فائق جابرو، ناقش إمكانية إنهاء ملف النازحين، مؤكدين أن جميع المخيمات ستغلق نهاية حزيران المقبل كحد أقصى.

وبحسب ما أفاد به الدخيل خلال المؤتمر الصحفي فقد تم «تخصيص 50 دونماً في قضاءي الموصل وسنجار لبناء دور واطئة الكلفة للعائدين من المخيمات»، مستدركا بالقول: «اتخذنا قراراً بمباشرة جميع الدوائر في قضاء سنجار لعودة الحياة الطبيعية إليه».

ويبين في السياق انه تم «تعيين 50 موظفاً في موقع دائرة الهجرة في قضاء سنجار للتسريع في إنهاء ملف العائدين من مخيمات النزوح»، لافتا الى «تأكيد وزيرة الهجرة على زيادة مبلغ منحة العودة إلى 2 مليون دينار، لتشجيع العودة الطوعية للنازحين، اضافة الى صرف مبالغ التعويضات وإعطاء الأولوية لأبناء قضاء سنجار».

من جانبها، كشفت النائبة عن نينوى فيان دخيل، أن وزارة الهجرة والمهجرين قامت بتوزيع سلة صحية «منتهية الصلاحية» على النازحين في المحافظة، مضيفة أن الوزارة قامت أيضاً بتجهيز المخيمات بوقود غير مطابقة للمواصفات المعتمدة.

وقالت دخيل خلال مؤتمر صحفي عقدته بمبنى البرلمان، إن «وزارة الهجرة أرادت توزيع سلة صحية منتهية الصلاحية للنازحين، وبصفتي نائبة عن سنجار ومحافظة نينوى وعضو في اللجنة النزاهة، فإني أؤكد أن هناك مبالغ كبيرة رصدت لوزارة الهجرة والمهجرين على تقوم بواجباتها إلا أنه وللأسف ملفات الفساد في الوزارة كبيرة جداً».

وأضافت «كما أن النفط الأبيض المستخدم للطبخ الذي وزعته وزارة الهجرة على النازحين يحتوي على كمية كبيرة من الكبريت وهو خارج المواصفات المطلوبة، بمعنى أن النفط قابل للاحتراق السريع والتسبب بحالات اختناق جراء استنشاق الغازات المنبعثة منه عن الاحتراق».

وتابعت «توجهنا بالنداء إلى رئيس مجلس الوزراء لتجهيز النازحين بالنفط الأبيض خلال أشهر الشتاء لكن هذه المادة لم تصل إلا بعد دخول فصل الشتاء، كما أن وزارة الهجرة رفضت استبدال النفط بنوعية جيدة».

وأكدت دخيل «جميع هذه الوثائق والمعلومات موثقة لدينا وسيتم إضافتها إلى ملف استجواب وزيرة الهجرة والمهجرين في مجلس النواب».

آلاف العوائل!

مدير دائرة الهجرة في اقليم كردستان، ديانا جعفر حمو يقول: «دخلنا العام العاشر من نزوح أهالي سنجار وسهل نينوى، ولا تزال المعاناة شاخصة برغم ان هناك 4 حكومات تعاقبت، وأطلقت الوعود للنازحين، لكن لم ينفذ من تلك الوعود شيء»، راهناً عودة نازحي سنجار باستتباب الأمن ووجود خدمات وبنى تحتية علاوة على تعويض الأهالي.

وتابع قائلا ان اتفاقية سنجار «التي وقعت بين حكومتي بغداد والإقليم، لم يطبق اي بند من بنودها حتى الآن. وكان من بين البنود سحب مقرات الأحزاب غير الرسمية من مدينة سنجار وقراها، وتعيين 2500 مواطن من اهالي سنجار ضمن قوات الشرطة الاتحادية، ليتولوا مسؤولية حماية مناطقهم والعمل على استتباب الامن. كذلك تعويض الاهالي وتأهيل البنية التحتية».

ويضيف حمو لـ»طريق الشعب»، ان احد اهم البنود «كان تعويض الأهالي، لكن مرت 10 اعوام وبيوت الاهالي مدمرة، وتحتاج الى اعمار، علاوة على ان البنى التحتية متهالكة، وفي هذه الحالة يكون من الصعب على النازحين ان يعودوا ويعيشوا باستقرار، كما كان قبل العام 2014».

ويشدد حمو على ضرورة «تطبيق اتفاقية سنجار، وتوفير الخدمات وتعويضهم، لتشجيعهم على العودة الى مناطقهم وحياتهم الطبيعية وانهاء مسلسل المعاناة المستمر»، مضيفا أنه «قد تكون الحكومة الحالية جادة في معالجة ملف النازحين، لكن القوى المتنفذة تقوم بعرقلة تنفيذ الوعود. وبطبيعة الحال هذا لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها».

ويشير حمو في ختام حديثه إلى «وجود 20 مخيما تضم 25,600 عائلة، اضافة الى 30,800 عائلة تعيش خارج مخيمات النزوح».

عجز وفشل

الصحفي الايزيدي ذياب غانم، يقول في مستهل حديثه ان «الحكومة عاجزة عن ايجاد حلول تنهي معاناة النازحين، وتتأثر بالتدخلات السياسية. بينما الضحايا واصحاب المعاناة لا يزالون مشردين بلا منازل ولا امكانية مادية للعودة. وهذا التعامل السيئ يؤثر في واقع الحال، ويدفع الايزيديين الى الهجرة».

ويسكن غانم الان في مخيم سردشتي على جبل سنجار قادما من مخيم برسفي في محافظة دهوك، وبحسب ما افاد به فهناك مأساة حقيقية في هذا المخيم القاسي، إذ يقول إنّ الحكومة التي تعجز عن توفير وتوزيع مادة النفط الابيض، لا يمكنها ان تنهي معاناة النازحين بشكل سليم وصحيح. وهذا التعامل من قبل الحكومة يمكن وصفه بانه قاس، بينما كل الحكومات المتعاقبة كذبت ولم تفِ باية وعود، حتى صرنا لا نثق بأيٍّ منها».

ويوضح ان هناك «230 عائلة تقطن في مخيم سردشتي على جبل سنجار، وهم بأمس الحاجة الى المساعدات سواء كانت مادية ام معنوية، علماً ان وزارة الهجرة والمهجرين أغلقت هذا المخيم، برغم بقاء عوائل عديدة بحاجة الى المساعدات»، مضيفا ان «العامل الاقتصادي هو ما يصعب الأوضاع؛ فالمدينة مدمرة، كذلك البيوت، إضافة إلى ان البنى التحتية متهالكة ومنهارة».

ويشير إلى أن «الحكومة تتعاطى بشكل طائفي مع ملف التعويضات بالنسبة للايزيديين، ولم نرى تعويضات على ارض الواقع رغم ان قضاء سنجار هو الأكثر تضرراً، وهذا التمييز يفاقم معاناة شعب تمتد جذوره لآلاف السنوات في هذه الأرض».