اخر الاخبار

يُعد ملف الغاز واحداً من اهم وأبرز الملفات التي تشغل حيزاً واسعاً من النقاش على كافة المستويات، خصوصا مع اقتراب حلول فصل الصيف، الذي دائما ما تسجل معه المناطق العراقية الدرجة المئوية الأعلى عالميا، في ظل استمرار أزمة الكهرباء التي تقف خلفها أزمات كثيرة، أبرزها ملف الغاز.

برغم أن العراق يمتلك ويحرق كميات كبيرة من الغاز، الا انه يستورد حوالي 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني يومياً لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات. بالإضافة إلى عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، حيث تلبي طهران 40% من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنويًا، ما يعني أن أي خلل قد يحدث في عملية التوريد، يتسبب بنقص كبير وواضح في تجهيز الشبكة الوطنية.

ووعدت الحكومة بتنويع مصادر استيراد الغاز من عدة دول، أبرزها قطر وتركمانستان، فيما يؤكد مختصون على ضرورة استثمار الغاز العراقي، والعمل على مغادرة حقبة الاستيراد.

ما هي المعوقات؟

عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، باسم الغريباوي، يجد ان هناك خللا في عقود استثمار الغاز، محملا الحكومات المتعاقبة مسؤولية ذلك.

ويقول إن الحكومة الحالية تعمل على تصحيح الأخطاء، لكن بخطوات بطيئة.

ويضيف الغريباوي، ان هناك توجها لاستثمار الغاز المصاحب في الحقول العراقية مثل عكاز والمنصورية، بالإضافة إلى إبرام عقود جديدة مع دول أخرى، لا سيما قطر وتركمانستان، مشيرا الى ان اكثر ما يعيق استيراد الغاز من دول أخرى هو أن كلفة الغاز الإيراني أقل بكثير من غيره.

ويحذر الغريباوي من الاعتماد على مصدر واحد لاستيراد الغاز، كون ذلك يسبب مشاكل وأزمات كثيرة لا سيما في فصل الصيف، لافتا الى ان «المشكلة تكمن في عقود جولات التراخيص التي لم يكن من ضمنها استثمار الغاز المصاحب».

وفي تقرير صادر عن البنك الدولي نشر في تموز الماضي، احتل العراق المركز الثاني عالميا للسنة الرابعة على التوالي بين أعلى الدول إحراقا للغاز الطبيعي. وجاء العراق ثانيا بعد روسيا وتبعته الولايات المتحدة ثم إيران؛ حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى أن العراق أحرق عام 2016 ما مجموعه 17.73 مليار متر مكعب من الغاز، ثم ارتفع ذلك عام 2019 ليصل إلى 17.91 مليار متر مكعب يحرق في الأجواء.

ووفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية فإن كمية الغاز التي يحرقها العراق يوميا تكفي لإمداد ما لا يقل عن 3 ملايين منزل بالطاقة الكهربائية التي يعاني العراقيون من شحتها منذ سنوات.

دعوة للتنويع

من جانبها، دعت لجنة الطاقة النيابية، وزارة الكهرباء إلى تنويع مصادر استيراد الغاز، لضمان تشغيل المحطات الكهربائية بكامل طاقتها، مع اقتراب حلول فصل الصيف. 

وقال عضو اللجنة كامل عنيد، إنّ لجنته طالبت في وقت سابق وزارة الكهرباء بتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني، والبحث عن تنوع مصادر الغاز لتجنب أزمة انقطاع الكهرباء.

وحتى الآن لا يبدو أن الوزارة لديها حلول في الأفق عدا الاعتماد على إمدادات الغاز والكهرباء المستوردة من إيران.

وأضاف بالقول أن» العراق يعتمد على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد وفي حال توقف الغاز من ايران فإن العجز في الكهرباء قد يعود مجددا».

تنويع مصادر الغاز

المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد قال ان تهيئة البنى التحتية هي اهم وأول متطلب يجري العمل عليه؛ فالغاز ينقل بمواصفات خاصة، ويحتاج لناقلات خاصة، وبالتالي هذا يحتاج إلى تهيئة المرافئ وهناك حالياً تهيئة للمرافئ لاستقبال هكذا نوع من الناقلات، التي تنقل الغاز المسيل، قبل ضخه عبر الأنابيب الى داخل البلاد.

وأضاف جهاد في حديث مع «طريق الشعب»، ان «الحكومة ماضية في العمل على تنويع منافذ ومصادر استيراد الغاز». وفيما بخص الاعتماد على الغاز الايراني قال ان «ايران تعتبر اقرب مصدر للغاز، وبالتالي تقوم بتزويدنا بجزء من حاجاتنا لهذا الوقود»، مردفا «لكن في بعض الأحيان تعيق الحاجة الداخلية لإيران او الظروف الجوية الجانب الايراني عن الايفاء بالتزاماته تجاه العراق».

وأكد، أن «الغاز الذي نخطط لاستيراده من بعض الدول سيكلفنا من ناحية النقل وغيره، على عكس الغاز الذي ينقل بواسطة الانابيب حيث يعتبر افضل وأرخص وسيلة لجميع البلدان».

واشار جهاد الى ان «المباحثات مستمرة مع دول اذربيجان وقطر وتركمانستان، والعمل جارٍ على تهيئة الموانئ»، مبينا ان عملية التهيئة تشمل «توفير منصات لتفريغ الغاز عبر الانابيب، لذلك يجب ان تكون كل هذه المنصات جاهزة لاستقبال مثل هذا النوع من الناقلات».

تجدر الإشارة الى ان العراق انشأ أول منصة لاستيراد الغاز المسال في ميناء الفاو الكبير لتنويع إمدادات الوقود لتأمين احتياجات محطات الكهرباء، في ظل تراجع ضخ الغاز الإيراني من وقت لآخر؛ حيث ستكون هذه المنصة هي الأولى من نوعها في القطاع الوطني للنفط والغاز والبنى التحتية المتعلقة به.

تساؤلات

من جهته، اكد عضو المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي، عامر الجواهري، ضرورة «الاسراع في تنفيذ العقود الخاصة باستثمار الغاز».

وتساءل الجواهري في حديث مع «طريق الشعب»، عمّا اذا كان الغاز الذي يحرق «يغطي الحاجة المحلية للطاقة الكهربائية، وليس هذا فحسب بل يفترض اننا سنحتاجه في الصناعات البتروكيمياوية والحديد والصلب الذي تستخدم أفرانه الغاز الطبيعي».

وقال الجواهري، ان «استيراد الغاز من تركمانستان فيه عراقيل، وهذه العراقيل لها صلة بقضية الاتفاق على استخدام أنابيب الغاز الإيرانية».

وأكد أنه «الأحاديث الحكومية تركز على عملية تنويع مصادر الاستيراد، بينما قصة استثماره من الحقول العراقية لا تبدو واضحة»، مردفا ان عملية الاستيراد تحتاج الى بنية تحتية لاستقبال هذا الغاز الذي يأتي مضغوطا ومسيلا.