اخر الاخبار

خلال السنوات الأخيرة، لا سيما منذ تفشي جائحة كورونا عام 2020، شهدت محافظات العراق ومدنه اتساعا في حملات التكافل الاجتماعي التي يطلقها مواطنون متطوعون ومنظمات مدنية، بهدف مساعدة الفقراء وعلاج مرضاهم. وبالفعل كان لهذه الحملات، التي تنشط بفضل تبرعات الميسورين، دور كبير في إغاثة تلك الفئات المجتمعية الأكثر تضررا، والتخفيف من معاناتها، في ظل ارتفاع نسب الفقر وتفشي البطالة وضعف الدعم الحكومي.

ولم تقتصر تلك الحملات على توفير الغذاء والكساء والعلاج للمحتاجين، إنما تعدى ذلك إلى بناء منازل للفقراء، وتأمين مبالغ سفر المرضى الذين يحتاجون إلى الخضوع لعمليات جراحية في الخارج. 

لكن هذه الحملات الإنسانية لم تسلم من جماعات النصب والاحتيال، التي باتت تستغلها بهدف التربح على حساب أوجاع الناس ومعاناتهم، ما جعل المتبرعين يترددون في تقديم الدعم، وبالتالي أضر الأمر بالحملات الصادقة.  

فبالرغم من النوايا الحسنة والغرض النبيل من هذه الجهود الإنسانية، إلا أن الشكوك بدأت تحوم حول قسم منها، بسبب تصرفات بعض الأشخاص المشبوهين الذين يستغلون الظروف الصعبة في تحقيق مكاسب شخصية.

وكثيرا ما ينصح ناشطون ومتابعون للشأن المجتمعي، المواطنين إلى التأكد من حقيقة تلك الحملات على انها بالفعل تجمع الأموال لمساعدة المحتاجين، قبل الشروع بالتبرع إليها. كما يدعون إلى إبلاغ السلطات عن الحالات المشبوهة، لغرض مكافحتها، كونها تشوّه الحملات الإنسانية الصادقة.

تاجروا بمرضه دون علمه!

تفاجأ المواطن أبو علي، وهو كفيف ومصاب بمرض كلوي مزمن، من أهالي محافظة البصرة، بقيام مجموعة من الشباب بتعليق صورته في أحد الطرق النائية، من أجل استدرار عطف الناس كي يتبرعوا بالمال لعلاج حالته المرضية!

يقول أبو علي في حديث صحفي، أن جاره أبلغه بهذا الأمر، فسارع هو بدوره إلى التحري عنه ووجد أن صورته فعلا معلقة في الشارع، لافتا إلى ان «هؤلاء الشباب يستفيدون من عرض حالتي الصحية في استحصال الأموال من المتبرعين، على أساس انهم سينفقونها على علاجي، لكنهم في الحقيقة يمتهنون النصب والاحتيال بطريقة غير مسبوقة في مجتمعنا». 

ويضيف قائلا أنه «قدمت شكوى ضد هذه العصابات لدى الجهات الأمنية الاختصاصية، لغرض ملاحقتها. كما قمت بتسجيل مقطع فيديو وبثه في مواقع التواصل الاجتماعي كي أعلن براءتي من هذه الأفعال. حيث يتم استحصال أموال من المواطنين البسطاء بسببي».

عصابات تتمتع بغطاء أمني؟!

تنقل وكالة أنباء «شفق نيوز» عن مصدر حكومي في محافظة واسط، قوله أن «التقارير الاستخبارية رصدت عصابات تقوم بإيهام المواطنين في الطرقات بوجود حالات مرضية مستعصية يتطلب علاجها ملايين الدنانير، لحملهم على التبرع بالمال لعلاج تلك الحالات».

ويضيف المصدر الذي حجبت وكالة الأنباء هويته، أن «التقارير الأمنية تبين أن بعض العصابات تتمتع بغطاء أمني من عناصر أمن وضباط».

لكن رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة واسط، حبيب البدري، يؤكد ان «الحديث عن تواطؤ ضباط مع تلك العصابات، غير صحيح اطلاقاً».

ويضيف لـ «شفق نيوز» قائلا: «نحن نمتلك معلومات كافية عن تلك الجماعات المتطوعة التي تجبي من المواطنين اموالاً لغرض علاج الحالات المرضية المستعصية. حيث أن خروجها يكون تحت غطاء امني واهل المريض يكونون موجودين ايضاً»، مشيرا إلى ان «الجماعات المشبوهة سنتصدى لها، لكن الذين ينتشرون حالياً هم اشخاص معروفون، وبالفعل انهم يجمعون الأموال لعلاج مواطنين مصابين بحالات مرضية مستعصية».

متسولون يدّعون المرض

إلى ذلك، يقول المواطن محمد علي شهاب، من قضاء الصويرة في محافظة واسط، أن هناك متسولين يدّعون المرض، ويحاولون إثبات ذلك عبر وثائق طبية مزورة، بالرغم من كون صحتهم سليمة!

ويضيف لـ «طريق الشعب» قائلا، أنه «في أحد الأيام، جاءني رجل تبدو عليه ملامح الإعياء، فطلب مني مساعدته بمبلغ 50 ألف دينار لشراء علاج من الصيدلية لا يمتلك ثمنه، مدعيا بأنه عاطل عن العمل وليس لديه أقرباء أو أصدقاء يعينونه».

ويتابع شهاب القول: «أظهر لي الرجل وثائق طبية تثبت إصابته بمرض في الكبد، وبينما كنت أقوم بمنحه مبلغا من المال، حتى سارع أحد المارة إلى تنبيهي بكون هذا الرجل كاذبا، وأنه منذ سنوات يخدع الناس بهذا الادعاء ويحملهم على مساعدته ماليا، وان الأوراق الطبية التي بحوزته مزورة»!

ويلفت المواطن إلى ان مثل هذه الحالات صارت تتكرر كثيرا، وجعلت الناس تتردد في مساعدة الذين يحتاجون فعلا إلى المساعدة، داعيا القوات الأمنية إلى ملاحقة هؤلاء النصابين.