اخر الاخبار

احتلت أخبار مرض كوفيد 19 في المحطات الفضائية، على وجه الخصوص، المرتبة الثانية بعد الأخبار السياسية في أغلب بلدان العالم، إن لم يكن في جميعها. فبعد تفشي المرض للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في أوائل شهر كانون الأول عام 2019. أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا في 30 / كانون الثاني /2020، إن تفشي الفيروس يشكل حالة طوارئ صحية تبعث على القلق، وأكدت تحول الوباء إلى جائحة يوم 11 /آذار/2020. ومع تفشي المرض عالميا، وفشل المساعي المحمومة لإيقافه أو الحد منه، والتي ذهبت أدراج الرياح جميعها أو كادت، دخلت العديد من البلدان الآن الموجة الرابعة من الوباء وسط أجواء محفوفة بالفزع من الدلتا المتحورة، في حين أن العراق لا زال في ذروة الموجة الثالثة، وقاربت الإصابات اليومية 13000 إصابة، وهذا جعله يتبوأ المركز الـ 22 عالميا والرقم مرشح للزيادة في الوفيات أيضا، ولا ندري ماذا تخبئ لنا الموجة الرابعة. وهذا يستدعي من المواطنين التحوط والتحرز لحماية أنفسهم وعوائلهم والآخرين من الإصابة بمتحور دلتا الجديد، الأسرع انتشارا والأشد فتكا. ويتطلب هذا من المواطنين ما يتطلب التقيد باشتراطات الوقاية المتمثلة بلبس الكمامة، والتباعد الاجتماعي، وتحاشي المصافحة والتقبيل، وغسل اليدين بالصابون وتعقيمهما، والابتعاد عن تجمعات الأعراس والمآتم. وما انتقادات الناطق الرسمي لوزارة الصحة أو اعضاء لجنة الاعلام، في لقاءاتهم مع المحطات الفضائية، سلوك اللامبالاة لدى المواطنين، وعدم خشيتهم من المرض إلا لكونه السبب الرئيس وراء ارتفاع الإصابات، ووراء تلويح خلية الأزمة بفرض حظر كامل للتجوال محتمل إذا ما تفاقم المرض. وفي الوقت الذي ننحي فيه باللائمة على المواطنين لفقدان أغلبهم الشعور بالمسؤولية. فاننا أننا نعلم أن جانبا مهما من مستلزمات التصدي لهذا الوباء يقع على جانب المؤسسات الصحية، وهم يتحملون الوزر الكبير في مقارعته، فهل نهض القائمون على هذا الأمر بمتطلبات دورهم؟ وما عساهم أن يقوموا به من رصد ومتابعة ومراقبة لحيثيات عمل مؤسساتهم بالرغم من اقرارنا بتهالك البنية التحتية لهذه المؤسسات في عموم البلاد؟

إن المؤشرات الميدانية، تشير، وللأسف، الى الضد من هذا، فأغلب منافذ التطعيم بائسة وينقصها الشيء الكثير رغم بساطة احتياجاتها بعد تزايد اقبال المواطنين على التلقيح، ونحن ندعو الأخوة الأعزاء في لجنة الإعلام المركزية، أو من هم في لجان إعلام المحافظات، زيارة عينات عشوائية من منافذ التطعيم لا ليقفوا على صحة ما نزعمه، بل ليقفوا على ما يجري، ويتداركوا الأمر، ويتفادوا ما هو أعظم قولا وفعلا. وإن ما ندعوهم إليه، ليس ببعيد عن واجبهم المهني، ولا هو خارجه، ولا يتعارض مع توجهاتهم الإنسانية ، ولا بأس أن يستعينوا بزملائهم للوقوف على ما ندعيه. إن ما دعاني للكتابة في هذا الشأن هو السعي للحد من شيوع المرض وتفشيه، والتنبيه لما يوجد من ثغرات في منظومتنا الصحية، والدعم والتضامن مع الجهود المتفانية التي نهض بها جيشكم الأبيض، وتثميننا العالي لجهودكم التي بذلتموها في ظروف مركبة وبالغة التعقيد، ولما تقاسوه من وطأة الدوام وخطورته.

ويمكن تقسيم المعوقات إلى شقين:

الأول: مهني

 *ويندرج تحته ضيق الأمكنة المخصصة للتطعيم، فأغلب عمليات التلقيح تتم في مكان مجتزأ من البناية الأم، إن كانت مستشفى أو مركزا صحيا، واللجنة محشورة فيه حشرا لضيقه، وتفتقد عناصر السلامة والتباعد.

* قلة الكراسي، واكتظاظ الغرف والممرات بالمراجعين، وانعدام التهوية والتبريد، وانقطاع الأنترنيت وتوقف عمل الحاسبة بين الحين والآخر، وهذه الأجواء من الأسباب الطاردة للتلقيح، وقد تكون بؤرة لانتشار الوباء وتفشيه.

 * من اشتراطات التطعيم، الاتصال بمنصة الوزارة، وملء الاستمارة بالمعلومات المطلوبة، والغريب في الأمر، أن على المراجعين عند الذهاب إلى المنفذ مراجعة الحاسبة أولا للتحقق من اتصالهم وورود أسمائهم ، وهذا يستدعي انتظارهم، وعند اتمام هذه المهمة ينبغي الوقوف في طابور آخر لملء الاستمارة من جديد، وعليهم الانتظار مرة أخرى لإجراء البصمة أمام موظف آخر، في حين أن هذا الأمر لا يحتاج إلى ثلاثة موظفين بل  موظف واحد، أو أكثر من موظف في حالة الازدحام، والانتظار بعدها حتى ينادى عليك ليتم تطعيمك في ظروف تفتقد لاشتراطات الوقاية، ما عدا الكمامة، قد تمتد لأكثر من ساعة أو ساعتين، وقد تكون سببا في اصابتك بالوباء اللعين. وهذا يدعونا للتساؤل عن جدوى ملء الاستمارة الكترونيا، أليس الغرض منها أصلا اختزال الوقت والإسراع في عملية التلقيح وتلافي الاختلاط؟ فلم هذا التعقيد، نرجو الاسترشاد بتجارب الدول الأخرى كالسعودية مثلا.

 الثاني: إداري

*العمل على ايجاد أماكن مناسبة تستوعب اعداد الملقَحين والتي يمكن أن تطبق فيها شروط الوقاية كالقاعات والمسارح وما سواها، والتي تتوافر فيها وسائل التهوية والتبريد، وضمان التباعد على الأقل في مراكز المحافظات، أو حيثما تتوافر مثل هذه المنشآت.

*توجيه أعمام لمدراء المستشفيات والمراكز الصحية لتبليغ منتسبيهم بعدم التوسط لأقاربهم وأصدقائهم والتقيد بالنظام واحترامه، فأسبقية التطعيم لمن حضر، ويرجى الابتعاد عن احراج زملائكم في اللجنة أمام المراجعين. وما زال التطعيم متاحا للجميع، فاللجوء لمثل هذا السلوك يجعل المنتسبين تحت طائلة المساءلة.

*تتعكز بعض المراكز الصحية على أن يوم الجمعة هو عطلة رسمية، والجميع يعرفون أن الدوام فيها 50% إسوة بالدوائر الخدمية والأمن الداخلي، أو أن الأمر الوزاري لم يفعل، في حين نحن الآن في سباق مع الزمن للحيلولة دون انهيار منظومتنا الصحية، فلم التقاعس؟

عرض مقالات: