اخر الاخبار

ضمن سلسلة التقارير التي تعدها جريدة “طريق الشعب”، حول قطاع البيئة، والتحديات التي تعصف بواقعه في العراق، والتي تحمل اشكالا عديدة وفق ما يراه مختصون، منها ما يفرضه التغير المناخي، أو تقصير ولاأبالية الجهات المعنية والضعف القانوني الخاص بحماية وتحسين البيئة، اضافة الى غياب السياسة البيئية والتخطيط السليم في هذا الملف.

يؤكد ناشطون، ان حماية البيئة والحفاظ عليها هما مسؤولية مشتركة يتحملها كل من يعيش على ارض الوطن، وبشكل خاص الحكومة التي يجب ان تضع هذا الملف على رأس قائمة الاولويات، لان المشكلات البيئية وفق رؤيتهم بدأت تتفاقم وتتضخم، وتؤثر على حياة الناس، ما يتطلب معالجات جادة وحقيقية للحد من مخاطرها.

المعاير لا تنفذ!

في هذا الصدد، يقول الخبير البيئي د. شكري الحسن، ان معايير التخطيط الموجودة في وزارة البيئة العراقية، تصنف الصناعات حسب تأثيرها في البيئة، مثلاً بعض الصناعات مثل الكيماوية والنفطية، توجب ابعادها عن المدينة بحدود 10 كم، والصنف الاخر من الصناعات يجب ان تبتعد عن المناطق السكنية 5 كم. ومن جانب اخر هنالك بعض الصناعات التي تتواجد ضمن المراكز الحضرية، لكن بشروط معينة.

ويضيف الخبير في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “هذه التعليمات والقوانين موجودة، لكننا نعاني من مشكلة تطبيقها، علاوة على ذلك لا يلتفت احد الى الاعتبارات البيئية في عملية التخطيط، لذلك بدأت تظهر لدينا هذه المشاكل في البيئة من تلوث واحتباس حراري وغيرهما، حتى اصبحت لدينا مجتمعات محلية بأكملها ملوثة، لأنه لا يوجد اي اعتبار لهذه المعايير”.

ويلفت إلى ان العراق يعاني من اشكال تلوث مختلفة، فالماء والهواء والبيئة تقاسي التلوث، والتربة أيضا ملوثة بالنفايات، والمدن تلوثها الضوضاء وغيرها.

وفي ما يخص المعالجات يوضح الحسن بقوله: “نحن نفتقر الى سياسة بيئية في البلاد، لذلك يجب ان تكون هنالك سياسة او استراتيجية بيئية تكون ملزمة لأي حكومة، اضافة الى الزام الوزارات بهذه المعايير، كل منها بحسب تخصصه وواجباته المناطة به”.

ويشير الحسن الى أنه: “اذا ما اردنا إصلاح واقعنا البيئي فنحن بحاجة الى مثل هذه السياسة، لكن للأسف لا يوجد في الوقت الحاضر سياسة بيئية في العراق، لذلك نرى ان هناك تخبطا وعدم وضوح في الرؤية، وهو ما ساهم في مفاقمة وتراكم المشكلات البيئية، التي يكون مفعولها اشد وطئاً على البيئة”.

ويخلص الى ضرورة ان يكون هناك “توجه جدي في الالتفات الى ملف البيئة ومعالجته، لان المشكلات البيئية بدأت تكبر وتؤثر اكثر على صحة وحياة الناس وتشكل تحديات، واذا لم نلتفت الى هذا الملف، ونستعد له بشكل جيد ونبدأ بمعالجته والحد من مخاطره، فإن المستقبل القادم قاتم”.

تفتك بحياة الناس

وعلى صعيد متصل، أشّر الناشط البيئي، أرشد ميرزا، نقصا كبيرا واهمالا لموضوعات البيئة في عمليات التخطيط، إذ يقول ان اغلب المصانع نجدها قريبة من المحتشدات السكانية، والكثير من المعامل تنتشر على ضفاف الانهر، مثل معامل الرمل والحصى في الانبار، والتي على حد وصفه متجاوزة على الانهر الفرعية، وهذا التجاوز يسبب تلوثا لمياه هذه الانهر التي تغذي محافظات العراق وصولاً الى شط العرب.

وتابع قائلا لـ “طريق الشعب”، ان الخطورة تتجسد بشكل كبير في “ملوثات المصانع والشركات النفطية، فهي باتت تؤثر بشكل كبير على ارواح الناس، وقبل ايام توفي طفل في محافظة البصرة، متأثراً بملوثات الشركات النفطية والتي تسبب السرطان لأبناء المحافظة، وهذه واحدة من الكثير من الحالات المتأثرة بهذا النوع من التلوث”.

وعلل الناشط في سياق حديثه تفاقم المشكلات البيئية “بغياب التوجه الحكومي الجاد، لمعالجة ملوثات البيئة التي لا حصر لها اليوم، فاذا لم تكن السلطة التنفيذية صارمة في التعاطي مع هذا الملف، لا يمكن الحديث عن المعالجات او تغيير الواقع البيئي، بل ان الكثير من المؤسسات تساهم بقصد او بدونه بتلويث البيئة، كما في بلدية الحلة التي تعمل على تقليص الجزرات الوسطية والغائها”.

وطالب في ختام حديثه بأن “تضع الحكومة هذا الملف ضمن اولويات عملها، لان البيئة هي الاساس، ولدينا اليوم وزارة كاملة معنية بالشؤون البيئية، لكن لا نرى عملها على ارض الواقع، اضافة لذلك يجب ان يكون هناك انفاذ صارم للقوانين على مؤسسات الدولة واصحاب المصانع والمواطنين ايضاً”.

واكد ان “البيئة وحمايتها والحفاظ عليها هي مسؤولية مشتركة بين الجميع، سواء كانت جهات حكومية او مواطنين، ككل يعمل من موقعه، لذلك لا بد من انفاذ وتطبيق قانون حماية وتحسين البيئة الذي من شأنه ان يضمن على اقل تقدير الحفاظ على ما تبقى لنا من بيئتنا التي تعاني اليوم”.

عرض مقالات: