اخر الاخبار

تواجه إسراء مؤيد (38 عاما) مع أطفالها الثلاثة، ظروف حياة قاسية بعد وفاة زوجها قبل ثلاث سنوات إثر مرض مفاجئ.

وتقول إسراء لـ ”طريق الشعب”، بعد وفاة زوجي أجبرت على العودة إلى دار أهلي الذين تحملوا رعاية أبنائي قدر الإمكانيات على الرغم من الدخل المادي القليل الوارد إليهم من عمل والدي الذي يعمل بائعا في أحد المراكز التجارية.

وتذكر أن أهل زوجها تخلوا عن تقديم أي شكل من اشكال الدعم لأبنائها بعد وفاة والدهم، بل وصل الحال إلى انقطاع التواصل وحتى السؤال البسيط.

وبخصوص أحقية شمولها بالرعاية الاجتماعية تفيد أن “راتب الرعاية الاجتماعية الذي يمنح للأرامل قليل ولا يسد شيئا من متطلبات المعيشة اليومية الصعبة، كما أن إجراءات المعاملة معقدة وتحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لإنجازها، إضافة إلى معارف شخصية (واسطات) تسهل إجراءات المعاملة”.

وتلفت إلى أن ظروف الحياة الصعبة بعد وفاة زوجها ورغبتها بتربية وتعليم أبنائها أجبرها على العمل في إحدى الحضانات الأهلية للأطفال مقابل مبلغ مالي 200 ألف دينار شهريا.

ومر اليوم العالمي للأرامل الذي يصادف في 23 حزيران من كل عام مرور الكرام هذا العام، ولم تلتفت السلطات إلى اتخاذ أي قرارات للارتقاء بواقع حال هذه الشريحة الواسعة من النساء الأرامل وهن يواجهن ظروف حياة قاسية بعد غياب المعيل.

غياب الإحصائيات

ولا تملك وزارة التخطيط إحصاءً دقيقا حول عدد الأرامل، إذ يقول المتحدث باسمها عبد الزهرة الهنداوي إن “الأرقام التي نمتلكها قديمة، وهي لا تظهر نتائج تتطابق مع الواقع الحالي، لكن الوزارة تعتزم العمل على مسح جديد لإحصاء هذه الشريحة، بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”.

ويتوقع الهنداوي أن “عدد النساء الأرامل يتخطى حاجز المليون أرملة، خاصة بعد أزمة كورونا التي حصدت أرواح الكثير”، منبها إلى أن “النسبة الأكبر من الأرامل هي للترمّل الطبيعي، أي النساء التي يتعدين أعمار الخمسين عاما”.

وتعود آخر إحصائية رسمية إلى 2016 إذ أكدت وزارة التخطيط أن عدد الأرامل في العراق من سن 12 عاما فما فوق بلغ 850 ألف أرملة، لافتة إلى أن هذا العدد لا يشمل محافظتي الأنبار ونينوى، غير أنه شمل محافظات إقليم كردستان أيضاً.

العدد أصبح أكبر

في السياق تؤكد الناشطة النسوية هناء إدور في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “معظم الإحصاءات تعود إلى وقت بعيد، وجرى تقدير عدد الأرامل آنذاك من مليون إلى مليوني أرملة”، لكنها تتوقع أن “العدد أصبح أكبر خلال العقد الماضي لما شهده من حروب وجائحة وبائية”.

وتضيف إدور أن “الكثير من الأرامل في العراق شابات ويمتلكن أطفالا صغارا، إذ يمررن بظروف قاسية في ظل التقاليد والأعراف التي تقيد وتحجر المرأة الأرملة في البيت، مما يغيب عنها الكثير من حقوقها ويغلق عليها أبواب الفرص، حتى أن بعض الأرامل لا يملكن مستمسكات رسمية لأطفالهن”.

وتكمل، أن “الأعراف التي يتبعها الأهالي هي مصادرة لحقوق المرأة، تؤدي إلى حرمانها من العمل وتحصيل الدخل إضافة إلى حرمانها من حق تقرير مصيرها، إذ يتم إجبارها أحيانا على الزواج من شخص لا ترغب به، أو القبول بآخر يتخذها كزوجة ثانية، فالمجتمع يشجع على أن يكون الزواج الثاني من أرملة”.

دعم حكومي غير كاف

وعن دور الدولة تجاه النساء الأرامل، تفيد إدور “وزارة العمل موجودة، وتخصص منحا لهذه الشريحة، لكن معظمهن لا يتملكن إمكانية الخروج والتنقل لاستحصالها، وحاولنا كمجتمع مدني قدر الإمكان مساعدة هؤلاء النساء لاسيما ممن يسكنَّ القرى والأرياف واستطعنا مثلا في الشرقاط ومناطق صلاح الدين الأخرى جمع 100 امرأة وجرى تسجيلهن في برنامج الحماية الاجتماعية، على الرغم من أن هذه المنح تكفي لسد الجوع فقط، لكن العوز موجود على أي حال”.

وتشير إدور أن “الأرامل يحتجن إلى تأهيل إضافة إلى دعمهن بفرص عمل يمكنهن من إعالة عوائلهن بعد فقدان شريك حياتهن”.

من جهته، يفيد مستشار وزير العمل والشؤون الاجتماعية كاظم العطواني في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب” أن “عدد النساء المستفيدات والمسجلات على منح الحماية الاجتماعية أكثر من 467 ألف مستفيدة غالبيتهن من الأرامل، وهناك فئات أخرى من النساء موزعة بين المطلقات وزوجات السجناء والمفقودين والمهجورات وغير المتزوجات ممن تجاوزت أعمارهن 35 سنة”.

استقبال الطلبات مستمر

وينبه إلى أن “كافة الأرامل مشمولات بالحماية الاجتماعية، لا سيما ممن ليس لديها راتب أو تقاعد أو مصدر رزق ثابت، وان استقبال طلبات الشمول ما يزال مفتوحا بالرعاية الاجتماعية”، حسب قوله.

في السياق تفيد الناشطة رجاء الفرطوسي أن “النساء الأرامل في العراق هن الأكثر معاناة في دول المنطقة، بل وأن الكثير منهن يتعرضن إلى أبشع أنواع الاستغلال، وهناك حالات تم تزويجهن رغما عنهن من أخ الزوج المتوفي بتبرير الستر على زوجته وتربية الأبناء”.

وتقول الفرطوسي لـ”طريق الشعب” إن النساء مهما كانت الظروف التي تمر بها هي ضحية المجتمع وعاداته المتخلفة، وخاصة وأن الحكومة لا تمتلك أي نوع من أنواع السلطة على حماية الانسان من الانتهاكات المجتمعية التي تفرض عليه”.