اخر الاخبار

على إثر الأزمة المائية الحادة التي يشهدها العراق منذ أكثر من سنتين، تفاقمت مشكلة شح مياه الشرب في العديد من المدن والقرى والأرياف، وازدادت وتيرتها ابان فصل الصيف الحالي، بعد ان انسحبت على مدن أخرى عديدة كانت خارج الأزمة.

وكإجراء طارئ، خصص العديد من إدارات المحافظات والأقضية والنواحي سيارات حوضية لنقل المياه إلى المناطق المتضررة، بعد أن أصبحت محطات الإسالة فيها خارج الخدمة، بناء على انخفاض مناسيب المياه في الأنهر. وفيما يؤكد الأهالي المتضررون من الأزمة أن المياه التي تصلهم عبر السيارات الحوضية غير كافية ولا تلبي احتياجاتهم الأساسية، يرون أن هذا الحل غير مجدٍ، وأن هناك حاجة ملحة لإيجاد حلول طويلة الأمد.

ويعاني سكان الكثير من مناطق البلاد، ومنها في بغداد، شحّا في مياه الشرب، والذي ازدادت حدته خلال السنتين الأخيرتين جراء قلة هطول الأمطار، وعدم منح البلاد حصة مائية كافية من الدول المتشاطئة معها.

ومنذ شهور سجلت مناطق في محافظات عدة، منها ديالى وواسط والمثنى وذي قار، موجات من النزوح القسري، بسبب أزمة الجفاف وانخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات، وبالتالي انحسار مياه الشرب.

وتوقفت محطات الإسالة في مناطق عديدة، معظمها قرى وأرياف، الأمر الذي اضطر الأهالي إلى الاعتماد على السيارات الحوضية، سواء التي توفرها لهم الجهات الحكومية، أم التي يشترونها من القطاع الخاص. بينما توجه الكثيرون من المواطنين، من سكان مناطق ريفية ومدن، إلى حفر الآبار للحصول على المياه، رغم التحذيرات الصحية من الحفر العشوائي للآبار، والتي تؤكد أن المياه الجوفية ليست صالحة للاستعمال البشري دائما، كون بعضها ملوثا بالجراثيم والمواد الكيمياوية الضارة. 

ولم تُبدِ الحكومة أي اهتمام حقيقي بملف المياه، سواء في تفكيك الأزمة المائية مع إيران وتركيا، أم في احتواء العائلات المتضررة وتقديم الدعم لها بشكل جاد، الأمر الذي أدى إلى استفحال الأزمة، وبالتالي زاد من عدد العائلات النازحة الهاربة من العطش.

صلاح الدين تستعد للأزمة

محافظة صلاح الدين، التي تعتمد بعض مناطقها أيضاً على الحوضيات لإيصال ماء الشرب للأهالي، أصدرت توجيهات لتقنين استخدام المياه.

وقال المتحدث الرسمي باسم المحافظة، جمال عكاب، انه “وفقاً للمعلومات الواردة من دائرة الموارد المائية، والتي أشارت إلى وجود أزمة مياه خلال الأيام المقبلة، فإن صلاح الدين استعدت مبكراً لهذا الموضوع، وأصدرت تعليمات للمواطنين من أجل تخطي الأزمة”.

ودعا عكاب في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع)، المواطنين إلى “ترشيد استهلاك المياه وإيقاف الاحتياجات غير الضرورية منها”، داعيا أيضا الجهات الرسمية إلى “شن حملة على كراجات غسيل السيارات، لوقف الهدر الكبير للمياه خلال شهري تموز وآب”.

كركوك تستثمر جميع حوضياتها

من جانبها، أوعزت مديرية ماء كركوك مطلع الأسبوع الجاري، باستثمار جميع السيارات الحوضية من أجل إيصال المياه للمناطق التي تعاني شحا مائيا.

وقال مدير الماء عباس إسماعيل علي مردان، في حديث للجريدة الرسمية، أن توزيع المياه سيجري حتى خارج أوقات الدوام الرسمي، وفي أيام العطل، مشيرا إلى أن ذلك يأتي لتلافي مشكلة انقطاع مياه الإسالة، والتي تتفاقم مع تراجع تجهيز التيار الكهربائي.

وأضاف قائلا أن “المديرية عملت بالتعاون مع دائرة توزيع الكهرباء، على معالجة العارض الفني في محطة عمشة العائدة إلى مشاريع ماء الدبس. إذ إن مشكلة هبوط وتذبذب الفولتية الكهربائية أدت إلى شح الماء في المناطق التي تتغذى من المحطة، وهي تبة وفيلق وعرفة وحي بدر والعمل الشعبي”.

ويتسبب انخفاض فولتية الكهرباء وتذبذبها، في توقف عمل محطات الإسالة والمضخات الزراعية الكبيرة التي يتطلب تشغيلها تيارا كهربائيا مستقرا.

الحوضيات ليست حلا!

حال وصول السيارات الحوضية إلى المناطق التي تعاني شحا مائيا، يتسارع المواطنون، كبارا وصغارا، للتجمع حولها، من أجل الحصول على حصصهم المائية. لكن هذه الكميات لا تلبي الحاجة، خاصة في فصل الصيف. كما ان هذه الطريقة في تأمين المياه للأهالي، ليست حلا في بلد يمتلك نهرين عرف بهما منذ القدم – حسب تعبير مواطنين. 

وفي هذا الصدد يقول الحاج أبو علي، وهو من أهالي صلاح الدين، أن “إيصال المياه بالسيارات الحوضية ليس حلاً. نحتاج إلى مياه كثيرة لتلبية احتياجات المنزل، خصوصاً في الصيف”، لافتا في حديث صحفي إلى أنه “لا يمكن أن تسكت الحكومة عن الدول التي تقطع المياه عن البلاد، فتكتفي بمياه الحوضيات. نحتاج إلى حلول واقعية.. حلول طويلة الأمد، لا معالجات بسيطة”.

ولجأ الكثيرون من المواطنين في المناطق المتضررة من الأزمة، إلى حفر آبار صغيرة في باحات منازلهم، بغية الحصول على المياه، إلا أن غالبية تلك الآبار لم تكن مياهها صالحة للاستهلاك البشري.