اخر الاخبار

يصنف العراق ضمن البلدان الأكثر هدرا للطعام، وتتصدر العاصمة بغداد قائمة المحافظات الأكثر إفرازا للنفايات الصلبة نظرا للزيادة السكانية والاستهلاك الفردي المتزايد، ويرتبط ذلك بطبيعة العادات والتقاليد الاجتماعية، حيث تمثل بقايا الطعام نحو 43 في المائة من إجمالي النفايات في البلاد.

وبلغت كمية النفايات المرفوعة حسب إحصائية لوزارة البيئة، 11 مليون طن سنويا.

وتتطلع الوزارة إلى التعاون مع الجهات المعنية لتنفيذ مشروع صديق للبيئة، يسعى الى استثمار النفايات وجعلها موردا اقتصادياً.

وتتصدر العاصمة بغداد المحافظات العراقية في إفرازات النفايات الصلبة، بسبب الزيادة السكانية، التي ساهمت بزيادة الاستهلاك الفردي.

   

ثقافة مجتمعية

ويؤكد حمادة زهير (45)، صاحب مطعم صغير في بغداد، إن العراق يفتقر لمعامل تدوير النفايات التي يمكن استثمارها كثروة اقتصادية للبلاد، وهذا ما تفعله العديد من الدول الصناعية”.

ويزعم زهير أنه يسعى لأن لا يهدر طعاماً في مطعمه؛ اذ يقول لـ طريق الشعب، في نهاية كل يوم يتم توزيع ما تبقى من الطعام الصالح للأكل على العاملين. وفي بعض الأحيان يتم إعطاؤه لبعض المارة المحتاجين، مؤكدا ابتعاده عن هدر الطعام.

ويلفت إلى أن الطعام في بعض الأماكن وحتى في المنازل يقدم في صحون كبيرة جدا تزيد على الحاجة، ثم يرمى باقي الطعام من دون أي فائدة. وهذا يعود للتقاليد الاجتماعية التي أسست ظواهر سلوكية غير منضبطة لا يمكن التخلص من تبعاتها بسهولة”.

 

خسائر اقتصادية

الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، يوضح أن هدر الطعام يشكل جزءًا من سلوكيات المجتمع العراقي تحت مسمى إكرام الضيف؛ إذ نجد أن الاسر العراقية تطبخ كميات أكبر من حاجة الأسرة بشكل يومي، تحسباً لوجود ضيوف غير متوقعين”.

ويُرجع المشهداني هذا الهدر إلى أنه يتسبب في خسائر كبيرة للعراق، خاصة أنه يستورد المواد الغذائية بمبالغ ضخمة نتيجة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً”.

ويضيف المشهداني في حديثه لـ طريق الشعبأن كمية الطعام المهدورة يوميا في العراق تصل إلى 20 ألف طن، وقيمتها تصل إلى 400 دولار للطن الواحد من الحبوب، وبناءً على هذه الأرقام، تتجاوز الخسائر اليومية للعراق 8 ملايين دولار، بالإضافة إلى الخسائر الأخرى الناجمة عن ذلك”.

ونظراً لهذا الوضع، يشدد المشهداني على ضرورة تعزيز الثقافة المجتمعية، وتضمين المناهج المدرسية تعليم كيفية التعامل مع الغذاء النادر.

ويرجح، أن هذا الإجراء سيسهم في ضمان ديمومة الحياة وصيانة حقوق الأجيال القادمة.

ويشير إلى أن المناسبات الدينية والزيارات المليونية في البلاد تسهم سنويًا في هدر الآلاف من الأطنان من بقايا الطعام الفائض التي يتم التخلص منها في النفايات.

 

مشاكل بيئية

ولا تقتصر مشكلة هدر الطعام في البلاد على حدوث خسائر مادية فقط، بل تنذر بعواقب بيئية خطيرة تهدد الصحة العامة. وبشأن ذلك يحذر الخبير البيئي أحمد صالح نعمة من ارتفاع معدلات نفايات الطعام المهدر في العراق، معتبراً ذلك من السلوكيات الخاطئة ومظاهر التشوه البصري في المدن.

ويؤكد نعمة في حديثه مع طريق الشعب، أن تحلل النفايات بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، يؤدي إلى انبعاث غاز الميثان وبعض السموم، ما يهدد البيئة العراقية بانتشار أنواع البكتريا الضارة، ويرفع معدل التلوث”. ويلفت الى أن رمي بقايا الطعام في مجاري الأنهار يؤدي لزيادة تلوث المياه ويضر بالتنوع البيولوجي، حيث يؤثر على البكتريا الحميدة وبيوض الأسماك والكائنات الحية الأخرى، ويزيد من انتشار الأمراض مثل التنفسية والصدرية والجلدية”.

ومن هنا يدعو نعمة إلى الحفاظ على البيئة من خلال تدوير هذه النفايات وتحويلها إلى مادة الكومبوست، التي تستخدم كتسميد زراعي، وتساهم في إثراء التربة بالعناصر الغذائية المفيدة، مشدداً على أهمية التحول إلى هذه العملية للمحافظة على البيئة والصحة العامة ولتفادي التداعيات البيئية السلبية لهذه الظاهرة المتنامية”.

 

مشروع مكافحة

رئيس مهندسين، بيداء حسين، في وزارة البيئة، توضح أن مكبات النفايات تكون على نوعين؛ الأول، نظامي تابع لأمانة بغداد، مثل موقع الطمر الموجود في منطقة النهروان والحسينية. والنوع الثاني هو غير نظامي يتم إنشاؤه من قبل أهالي المناطق، لعدم إمداد منطقتهم بالخدمات أو لقلة التخصيصات المالية”.

وتردف كلامها لـ طريق الشعب، قائلةً إن مواقع الطمر غير النظامية لا تكون ضمن مسؤوليات امانة بغداد، وهناك اجراءات يتم اتخاذها من قبل وزارة البيئة بحقهم، من ضمنها مخاطبة البلديات لإزالة هذه المكبات”.

رئيس شعبة التغيرات المناخية، م. سرمد يوسف يقول: إن الوزارة تمتلك عدة مشاريع لخطة التكييف الوطنية. اما في ما يخص النفايات، فيوجد مشروع مرتقب صفر نفاياتالصديق للبيئة، وهو في طور إعداد دراسة الجدوى”.

ويؤكد في حديثه مع طريق الشعب، ان المشروع سيمثل حلقة مهمة ضمن إستراتيجية العراق لمكافحة التغيّر المناخي لتقليل الانبعاثات السلبية، مثل غازات الاحتباس الحراري وملوثات الهواء، كاشفاً عن وجود مشاورات مع الجهات المعنية بهذا الشأن.

عرض مقالات: