اخر الاخبار

شهد العراق خلال السنوات الأخيرة، قفزة كبيرة في أعداد الصيدليات الخاصة، وسط تزايد أعداد خريجي كليات الصيدلة، الذين لا يجدون غالبا فرص عمل في المؤسسة الحكومية، فيضطرون إلى التوجه للقطاع الخاص. ووصل عدد الصيدليات الخاصة في البلاد، عدا إقليم كردستان، إلى أكثر من 15 ألف صيدلية، تغلق السلطات المتخصصة باستمرار عددا منها لمخالفته الشروط المطلوبة. ولم تساهم زيادة أعداد الصيدليات في خفض أسعار الأدوية، إنما على العكس من ذلك، فلا تزال الأسعار تواصل ارتفاعها، رغم مساعي نقابة الصيادلة إلى وضع تسعيرة ثابتة ومحددة للدواء في عموم البلاد. وأصبح ارتفاع أسعار الأدوية، من المشكلات المزمنة التي يعانيها العراقيون، لا سيما الفقراء وذوو الدخل المحدود، الذين لا تسعفهم إمكاناتهم المادية المحدودة في توفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى، في وقت تعاني فيه المستشفيات الحكومية نقصا حادا في الأدوية، حتى الأساسية منها. ويتحمل المرضى وأهاليهم تكاليف شراء الأدوية من الصيدليات الخارجية، وهي باهظة جدا، وخلاف ذلك سيواجه المريض مضاعفات في حالته المرضية، وصولا إلى الموت!

 

تجارة غير منظمة

يرى العديد من الصيادلة أن الجانب المادي الربحي هو الذي يدفع إلى العمل في تجارة الأدوية، مشيرين إلى أنه بسبب اشتداد المنافسة بين الصيدليات وكثرة خريجي الصيدلة العاطلين عن العمل، تصبح هذه التجارة فوضوية، وهنا يتطلب أن يكون لوزارة الصحة والنقابات المعنية، دور في تنظيم العمل. ويؤكد الصيادلة عبر وسائل إعلام، أن زيادة المعروض لم تصل بالبلاد إلى خفض سعر الدواء، بسبب إقدام الصيدليات على زيادة هامش الربح من أجل تغطية تكاليف إيجار المحل وأجور الكهرباء ورواتب العمال”.

 

إغلاق صيدليات مخالفة

وكان نقيب الصيادلة العراقيين مصطفى الهيتي قد كشف في وقت سابق عن عدد المخالفات المرصودة في الصيدليات الأهلية منذ مطلع العام الحالي. فيما لفت إلى أنه تم إغلاق 900 صيدلية خلال 27 ألف حملة تفتيش على مدى العامين الماضيين”.

وأوضح في حديث صحفي أن المخالفات تتمثل في عدم وجود صيدلي داخل الصيدلية، وبيع أدوية مخالفة لما هو منصوص عليه في اللوائح الطبية، إلى جانب عدم الالتزام بالتسعيرة”.

 

هل بالإمكان السيطرة على سعر الدواء؟!

في العام الماضي كشفت نقابة الصيادلة عن سعيها لوضع تسعيرة للأدوية المحلية والمستوردة، تكون ثابتة ومحددة في عموم البلاد، ولا يمكن تجاوزها من قبل أصحاب الصيدليات.

وفي المقابل، يرى عدد من ذوي المهنة، أنه من غير الممكن ضبط أسعار الأدوية وتحديدها، لكون غالبية هذه المواد لا تستورد عن طريق الحكومة، إنما عن طريق تجار” – حسب هيثم عادل، وهو صاحب مذخر أدوية في بغداد.

ولفت عادل في حديث صحفي، إلى أن التجار هم من يتحكمون في الأسعار، وحسب العرض والطلب، ووفقا لسعر الدولار، مشيرا إلى أن قيمة الدواء تختلف حسب الشركة المصنعة، لذلك لا يمكن وضع سعر محدد لنوع واحد من الأدوية تنتجه شركات متعددة”.

 

مهنة مخترقة

من جانبه، قال عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية، باسم الغرابي، أن أعداد الصيدليات في العراق تتصاعد باستمرار، وذلك بسبب زيادة أعداد خريجي الصيدلة، موضحا في حديث صحفي أنه سابقاً كان لدينا 200 إلى 300 صيدلي، أما اليوم فالخريجون تتراوح أعدادهم بين 6 و7 آلاف صيدلي”.

ولفت إلى أن مهنة الصيدلة مخترقة، وفيها الكثير من الدخلاء، وهذا ما تعمل نقابة الصيادلة على رصده، مؤكدا أن أعداد الصيدليات الموجود في البلاد اليوم، عدا إقليم كردستان، تصل إلى نحو 15690 صيدلية”. ومع ازدياد أعداد الجامعات الأهلية، تضاعفت أعداد خريجي الأقسام الطبية، ومنها قسم الصيدلة، بشكل كبير، لا سيما أن معدلات القبول في هذه الجامعات أقل مما في الجامعات الحكومية، ما يدفع الطلبة من ذوي المعدلات غير المقبولة في المؤسسة الحكومية، إلى التقديم على تلك الجامعات.

 

المضمّد الصيدلي!

في السياق، أفاد الصيدلي علي حسين، بأن الكثيرين من خريجي الصيدلة يلجأون إلى فتح صيدليات بعد منحهم إجازة ممارسة المهنة، مشيرا في حديث صحفي إلى أن الكثيرين من غير أصحاب المهنة يمارسون اليوم دور الصيدلي.

إذ يعمل المضمد الذي لديه محل صغير على صرف دواء من دون الرجوع إلى الطبيب الاختصاصي أو من دون وصفة طبية أصلا.

كما أن هناك البعض من أصحاب محال بيع الأعشاب، يتاجر بالدواء..

هذه الخروقات كثيرا ما أدت إلى مضاعفة حالات المرضى أو وفاتهم، بسبب صرف الدواء الخاطئ لهم”.

 

ماذا عن المستشفيات الحكومية؟!

ومع تراجع القطاع الصحي في البلاد، وعدم كفاية أعداد مؤسساته وضعف خدماتها وتدهور بناها التحتية، تأتي مشكلة نقص الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية، لتزيد من الطين بلة! وكثيرا ما يشكو مواطنون عبر وسائل الإعلام، من عدم توفر الكثير من الأدوية، حتى البسيط منها، في المستشفيات الحكومية، ما يضطرهم إلى شرائها من الصيدليات الأهلية بأسعار مرتفعة.  وفي هذا الصدد قال المواطن ثامر سالم، أن غالبية أصحاب الصيدليات يستغلون ثغرة نقص الدواء في المؤسسة الصحية، فيعمدون إلى رفع أسعار أدويتهم بشكل مبالغ فيه، مبينا لـ طريق الشعب، أن المشكلة لا تتوقف فقط على نقص الدواء، إنما تشمل أيضا نقص الأجهزة الطبية والتحليلات المختبرية.

فالكثير من هذه المتطلبات الأساسية غير متوفر في المؤسسة الحكومية، ما يضطر المريض إلى مراجعة القطاع الخاص، وبالتالي تترتب عليه أجور باهظة”.وتساءل سالم: “ماذا عن القطاع الصحي الحكومي، هل ستنتفي الحاجة إليه بعد أن أصبحنا نشتري حتى أبسط العلاجات من الصيدليات الأهلية؟!”.