اخر الاخبار

يواجه ملايين العمال في العراق، خطر الموت تحت لهيب الشمس خلال فصل الصيف، في ظل تقاعس حكومي عن حمايتهم وإنقاذهم من الانتهاكات السافرة التي تطاول جهودهم وقواهم وحقوقهم.

ولم تستثنَ المرأة العاملة من هذه المعاناة المريرة. إذ أجبرت الظروف المعيشية الصعبة في البلاد، الكثير من النساء على العمل في مهن شاقة لا تناسب قدراتهن الجسدية، وأبرزها مهنة “الحمْالة” في معامل الطابوق.

ويُعَدّ العراق من أكثر البلاد العربية التي تتعرض فيها حقوق العمال لانتهاكات خطيرة، جراء غياب الضمانات والتشريعات التي تجنبهم الإصابة بالأمراض، كضربات الشمس الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، أو التعرض للدغات الزواحف السامة والحرائق والصعقات الكهربائية في أماكن العمل، في الوقت الذي لا يلتزم فيه معظم أرباب العمل بشروط السلامة.

وتشهد محافظات البلاد هذه الأيام حرارة شديدة جدا تصل في بعض المناطق إلى أكثر من 50 درجة مئوية. وتحت هذا اللهيب يواصل العمال أعمالهم الشاقة من أجل تأمين ما يسدون به رمق عائلاتهم.

بيئة عمل مناسبة

من جانبها، تنتقد الخبيرة القانونية راقية الخزعلي، عدم تناول مسألة تنظيم ساعات العمل في بنود قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015.

وتقول في حديث لوكالة أنباء “العربي الجديد”، أن “قانون العمل لم يتطرق إلى تنظيم ساعات العمل خلال أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة، إلا أنه ألزم أصحاب العمل بتوفير البيئة المناسبة للعاملين”، مشيرة إلى أن “هناك قصورا في الجانب التشريعي لهذا القانون، الذي يفتقد الكثير من أساسيات حقوق العمال في جميع مستوياتهم وطبيعة أعمالهم”.

وتشدد الخزعلي على “أهمية أن تأخذ وزارة العمل دورها في إصدار قرارات تلزم أصحاب العمل بتوفير البيئة المناسبة وشروط السلامة الكاملة للعاملين”، مشيرة إلى ان “العامل الذي يتعرّض لإصابة خلال عمله ولم يحصل على تعويض أو حقوق من صاحب العمل، يمكنه رفع دعوى قضائية لمقاضاة صاحب العمل ومطالبته بالتعويض المادي عن الضرر الذي لحق به”.

الحرارة تقطع سبل المعيشة

وخلّف الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة آثاراً جانبية انعكست على الواقع المعيشي للعمال من ذوي الأجر اليومي والأعمال الشاقة، الذين اضطر الكثيرون منهم إلى التوقف عن العمل جراء تعرضهم المباشر للشمس.

وفي هذا الصدد، يقول عامل البناء أحمد مخلف، انه ومجموعة من العاملين معه توقفوا عن العمل لعدم استطاعتهم مواجهة الحر الشديد، حيث تصل الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية.

ويلفت في حديث صحفي إلى ان عائلته تعتمد على مصدر دخله الوحيد، وانه منذ أيام لم يتمكن من الخروج للعمل بسبب الحر الشديد، موضحا أن إصابته بحالة مرضية جراء الحرارة، تعني انقطاع مصدر عيشه، في ظل غياب الدعم الحكومي وعدم توافر فرص التعويض أو التأمين الصحي.

لا رأفة ولا شفقة!

الباحث الاقتصادي أحمد عبد الله، يقول في حديث صحفي أن “الكثيرين من أرباب الأعمال يتمسكون بفرض أوقات عمل لساعات طويلة، حتى خلال فترات الذروة، دون أن تأخذهم في العاملين رأفة وشفقة”، مضيفا أنه “ليس هناك تطبيق لفقرات القانون المدني التي تؤكد ضمان سلامة وصحة العاملين في جميع المجالات.

كما ان هناك ضعفا في ثقافة الضمان الصحي والسلامة المهنية”.

للمرأة العاملة حصة من الشمس!

إلى ذلك تقول المزارعة أم أنور (34 عاماً)، انها أوصدت أبواب دارها وتركت أرضها في محافظة الديوانية، فتوجهت إلى محافظة المثنى بحثا عن فرصة عمل جديدة، شأن العديد من الفلاحين الذين توقف نشاطهم الزراعي بسبب الجفاف.

وتضيف، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال أيتام، انها كانت تكسب قوتها من زراعة الباميا واللوبياء، وبسبب أزمة المياه، اضطرت إلى ترك مهنة الزراعة، فتوجهت للعمل في معمل طابوق في المثنى.

وتلفت أم نور في حديث صحفي، إلى انها اليوم تقاسي البطالة.

إذ انها تركت العمل حتى في معمل الطابوق، بسبب الحرارة الشديدة وظروف العمل الشاقة.