اخر الاخبار

تعيش مهنة الصيدلة حالة من التحديات والمشاكل التي تزعزع الثقة بسمعتها المهنية، وذلك بسبب تزايد الدكاكين الوهمية التي تحمل اسم “صيدلية”؛ إذ تبدأ مشروعها باستئجار إجازة فتح صيدلية، ليديرها أناس لا علاقة لهم بهذا التخصص، وفي احسن الأحوال يكون هؤلاء ممرضين أو طلبة في كليات الصيدلة الاهلية والحكومية.

ويتطلب استحصال إجازة قانونية لفتح صيدلة من قبل نقابة الصيادلة، العديد من الاجراءات ويسبقها تدرج وظيفي للصيدلي، الا ان من يتخرج حديثاً يتجاهل هذه الخطوات، ويتجه نحو “سماسرة” تلك الاجازات لشراء او استئجار إجازة.

دكاكين وهمية

وتتزايد المخاوف في العراق من انتشار دكاكين الصيدليات الوهمية، حيث يؤكد نقيب الصيادلة العراقيين، مصطفى الهيتي، أن عدد المؤسسات الصحية في البلاد لم يزد علة 10 بالمئة منذ عقد الثمانينات. بينما ارتفعت نسبة السكان بنسبة 120 بالمئة خلال نفس الفترة.

وفي حديثه مع “طريق الشعب”، يُنبِّه الهيتي إلى “وجود محال وهمية تدعي أنها صيدليات، وقد تم غلق ما يقرب من 220 دكاناً وهمياً تدعي أنها “صيدلية”، وتبيع الأدوية من دون ترخيص قانوني، وتكثر هذه الدكاكين في محافظة الأنبار، حيث رُصد وجود 500 محل خلال السنتين الماضيتين”.

ويضيف الهيتي، أنّ أغلب هذه الصيدليات لا يوجد فيها أشخاص ذوي اختصاص صيدلي، ما يجعل هناك خطورة على صحة المواطنين، الذين يلجؤون الى تلك المحال عند تعرضهم الى أبسط وعكة صحية.

ويبين أنّه “عندما ترصد الفرق الجوالة التابعة للنقابة عدم وجود صيدلي متخصص في صيدلية ما، فإن أول عقوبة تقرها النقابة هي غلق الصيدلية لمدة أسبوع. وفي حال تكرار الحالة لمرة ثانية يتم غلق الصيدلية لمدة شهر. ويرسل كتاب الى وزارة الصحة لبيان الأسباب إذا تكررت الحالة لمرة ثالثة”.

ويوضح الهيتي، أنه “يوجد في العراق خمس كليات حكومية تتضمن اختصاص الصيدلة، ولا يوجد فيها عميد يحمل شهادة الدكتوراه في الصيدلة”.

تحايل لكسب المال

احمد التميمي، بكالوريوس صيدلة، ويعمل مساعدا صيدليا في محافظة بغداد، يقول إن “بعض الصيادلة يفكرون بكسب الاموال بطريقة مريحة؛ اذ يستأجرون إجازاتهم لشخص اخر قد يكون صيدليا او لا، مقابل الحصور على اجر شهري مضمون”.

“ويفترض إن صاحب الإجازة هو المالك الشرعي للمحل بكافة محتوياته وأي اتفاق يخالف ذلك يعتبر باطلا بحسب القانون العراقي، وبالتالي فإن الصيدلاني الذي يمنح اجازته لشخص اخر أو يتحايل بالأمر يسجن 3 سنوات”، بحسب ما اوضح التميمي لـ “طريق الشعب”.

ويؤكد أن “منح إجازة لفتح صيدلية ليس بالأمر السهل؛ اذ تسبقه مراحل عديدة مثل الكشف على المكان من قبل فريق النقابة وفحص المسافة والمساحة ومعلومات عن صاحب الصيدلية ومادة البناء في الصيدلية، ويشترط ألا تكون من مواد البناء الجاهز”.

“هذه الافعال الفردية تهين وتضعف الجانب الصحي في البلاد وتجعله يتجه نحو الهاوية، لما يرافقه من تداعيات سلبية؛ اولها ما يقع على المواطن من خطورة في اقتناء دواء من محال وهمية. وثانيا ما يعكس الضعف الرقابي والمتابعة من قبل الجهات المعنية”، على حد قول التميمي.

تهين المهنة!

وفي السياق ذاته، يؤكد زيد الامير صاحب صيدلية في محافظة النجف، إن وثيقة التخرج من الجامعات العراقية او الاجنبية المعترف بها لدى وزارة التعليم، تعد أهم شرط لفتح صيدلية، اضافة الى سند يضمن ملكية الارض إذا كان العقار ملكا لصاحب المشروع، او وجود عقد ايجار بين صاحب الملك والصيدلاني”.

ويتطرق اللامي الى بعض الشروط الاخرى، مبيناً اهمية ان يكون الصيدلاني قد اتم مرحلة التدرج الوظيفي حيث يبدأ بعد التعيين بوصف وظيفي (صيدلاني متدرب، صيدلاني تدرج، صيدلاني ممارس)، فعندما يصل الصيدلاني الى لقب الممارس، يحق له فتح صيدلية.

ويجد أن انتشار المحال الوهمية تحت مسمى “صيدلية”، يعود لضعف رقابة الجهات المعنية، موضحاً أن “الأمر يتطلب تتظافراً لجهود أصحاب المهنة، وتفعيل دور نقابة الصيادلة بشكل أكبر، والحث على ضرورة تعاونها مع الامن الاقتصادي لملاحقة هذه الظاهرة التي تسيء لمهنة الصيادلة، وتزيد من حالات المخاطر الطبية كون هذه المواد هي كيميائية، وبالتالي اي تداخل دوائي يؤدي الى الوفاة”.

ويتابع قائلاً ان هناك “ضرورة في تعديل قانون نقابة الصيادلة بالشكل الذي يستطيع معه معالجة هذه المشكلة، كون الموضوع تحول الى تجارة بامتياز”.

وينتقد اللامي مخرجات وزارة التعليم العالي وتكاثر الكليات الاهلية التابعة للأحزاب المتنفذة، التي ساهمت في تفاقم اعداد الصيادلة.

ويشير اللامي إلى وجود عدد ليس بالقليل من الصيادلة الذين يقومون بتأجير اجازاتهم الى صيدلاني آخر، فهذا الامر أثر بشكل كبير على المهنة.

عرض مقالات: