اخر الاخبار

لم تتمكن السلطات من حسم ملف الألغام، حتى الآن، برغم مرور نحو 5 سنوات على الموعد المحدد لإزالتها عن كامل الأراضي العراقية، بحسب الالتزامات الدولية، إذ لا تزال تلك المخلفات تحصد أرواح العراقيين، لا سيما في المناطق الحدودية، بسبب قلة “التخصيصات المالية”، بحسب التبريرات الحكومية.

ووفقا لإحصائيات رسمية، فإن عدد الضحايا يزيد على 30 ألف شخص.

ويعد متخصصون ومهتمون ملف الألغام بانه “تحد بيئي وأمني مزمن” يؤثر في تنمية المناطق المتأثرة بها وسكانها.

وتأمل وزارة البيئة إطلاق التخصيصات المالية لهذا الملف من الموازنة الاتحادية، اذ أنها تخطط لحسم الملف بحلول 2028.

ومن الجدير بالذكر ان العراق كان من المفترض أن يحسم ملف الألغام المضادة منذ العام 2018، وفق 3 اتفاقيات دولية، إلاّ أنّ الأزمات الأمنية والسياسية حالت دون ذلك.

خطر بيئي وأمني

تقول بنين الزاملي، تعمل في إحدى المنظمات المعنية بإزاحة الألغام في محافظة الأنبار، إن “الحروب المتعاقبة التي شهدها العراق، خلفت تلوثا واسعا من الألغام في مختلف مناطق البلاد، ولا سيما الحدودية منها. وعلى أثرها سقط العديد من الضحايا، وبعضهم من الأطفال”.

وتؤكد الزاملي في حديثها لـ “طريق الشعب”، ان “ملف الألغام يعتبر أحد التحديات الأمنية والبيئية المزمنة”، مشيرةً الى ان العديد من المناطق، خاصةً الحدودية تحولت لحقول موت وخراب ما انعكس سلبا على تنمية وتطوير تلك المناطق، وحتى المحيطة بها”.

وتعمل الزاملي حاليا ضمن فريق منظمتها في تنظيف بقعة جغرافية من الألغام، خلفها تنظيم داعش الإرهابي.

تقول، إن “هناك العديد من الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم بسبب هذه الألغام، والبعض الآخر لم يستطع النجاة منها”، مبينةً ان اغلب الأراضي الملوثة بالألغام هي زراعية، وأصحابها يطالبون بتنظيفها لأجل إعادة زراعتها”.

وتعتقد الزاملي ان سبب عدم إنهاء ملف الألغام في العراق مرتبط بقلة التخصيصات المالية؛ إذ يعتبر ضعف التمويل والدعم البشري أبرز العوائق للانتهاء من خطر الألغام بالشكل الصحيح، مشيرة الى أن العراق ملتزم باتفاقيات دولية، تتضمن حسم ملف الذخائر العنقودية والعبوات الناسفة بحلول 2028.

فقدوا أطرافهم

وكشفت ادارة مستشفى تأهيل المعاقين وصناعة الأطراف الصناعية في ميسان، عن وجود أكثر من 5 الاف مواطن فقدوا طرفا أو أكثر من أجسامهم إثر تعرضهم لحوادث انفلاق مخلف حربي او لغم او تفجير، مؤكدة انهم يتلقون جميعا الخدمات المجانية داخل المستشفى.

وقال مدير المستشفى مصطفى شامخ، إن “المستشفى يقدم سنويا قرابة 400 طرف صناعي بالمجان لمواطنين فقدوا طرفا او أكثر، بحسب ضوابط وإجراءات صحية تجرى لهم قبيل تسليمهم الطرف”، لافتاً إلى إنه وفقا لقاعدة بيانات المستشفى فان هناك أكثر من 5 الاف مواطن تعرضوا لإعاقة بسبب فقدانهم طرفا أو أكثر نتيجة المخلفات والألغام.

تخصيصات مالية

فيما يذكر مصطفى حميد مدير الإعلام والتوعية في دائرة شؤون الألغام التابعة لوزارة البيئة، إن “ملف الألغام يعتبر من الملفات الهامة بالنسبة للعراق والمجتمع الدولي، نظرا للخطر الكبير الذي يسببه، إذ لا يزال هناك استنزاف بالضحايا”، مشيرا الى ان هذا الملف يبزر بعض التحديات المتعلقة بالإعمار والاقتصاد والتنمية في البلاد.

ويوضح حميد في حديث خص به “طريق الشعب”، إن “غالبية المنظمات الدولية العاملة في العراق كانت تحصل على منح مالية من الخارجية الأمريكية، أو الاتحاد ودول مانحة أخرى، تدعم هذا الملف، ثم تحصل على ترخيص دائرة شؤون الألغام للعمل على مسألة إزالتها ورفع مستوى التوعية ومساعدة الضحايا، وفقًا للمعايير والضوابط الدولية”، مشيراً إلى أن “الجهد الحكومي عمل على رسم خارطة طريق تؤشر أماكن تواجد الألغام، وتوصل لوجود نحو 6 آلاف كيلومتر مربع ملوثة على مستوى العراق، أخطرها محافظة البصرة نتيجة الحروب”.

ويضيف ان الجهود السابقة أثمرت حتى الآن عن تطهير 50 في المائة من تلك المساحات، مع بقاء نحو 2600 كيلومتر مربع، ما يزال بعضها يشهد أعمال كشف وإزالة، وأخرى تنتظر التمويل لإطلاق عمليات تطهيرها.

وبالحديث عن التخصيصات المالية، يبين حميد، إن “الموازنة الحالية تتضمن مبالغ جيدة لملف الألغام ونتأمل خيرا، ونحن في انتظار إطلاقها فقط”، متوقعا حسم جزء كبير من الملف في العام ٢٠٢٨ في حال إطلاق هذه التخصيصات وتأمين البيئة الإدارية والقانونية التي تتيح إنفاق الأموال بصورة شفافة ومرنة.

ويؤكد ان “الاتفاقيات الدولية توجب على العراق العمل بجدية على هذا الملف لأجل إنهائه”.

وسجل القسم المختص بمساعدة الضحايا ضمن دائرة شؤون الألغام أكثر من 30 ألف ضحية في عموم العراق، اعتماداً على إحصائيات وزارة الصحة، بوصفها المعنية بتسجيل الوفيات والمصابين بالألغام.

يشار الى ان عمل دائرة شؤون الألغام محصور بالإشراف على الجهات المنفذة لأعمال إزالة المخلفات الحربية.

عرض مقالات: