اخر الاخبار

تعاني الصناعة المحلية في العراق من غياب الرؤية الاقتصادية الواضحة والدعم الحكومي اللازم للنهوض بها، حيث تراجع القطاع الصناعي على مدار ثلاثين عاما، ما أثر سلبًا في عملية تحقيق الاكتفاء الذاتي، والحد من الاعتماد على الاستيراد.

ويؤشر اقتصاديون ضعف الإجراءات لضبط الحدود، ما يسمح لدول الجوار بضخ منتجاتها بأسعار رخيصة، بينما تتحمل الصناعة الوطنية تكاليف عالية في عملية تقديم اي منتج محلي إلى السوق، الأمر الذي جعل المستهلك العراقي يعتمد على المستورد بصورة شبه كاملة.

غياب الرؤية الاقتصادية

ويذكر رئيس اتحاد الصناعات العراقية عادل عكاب حسين إن هناك خطة لرسم سياسة اقتصادية وصناعية بالتنسيق مع بعض الجهات المعنية في الحكومة، مشيراً الى ان الاتحاد سجل خلال العام الماضي ما يقارب الخمسين ألف مشروع صناعي، لكن هناك ضعف هذا الرقم من المشاريع لم يجر تسجيلها.

ويبين خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إنه “ بعد عام 2003 شهدنا العديد من المصانع التي تعمل بدون إجازة وبشكل عشوائي، إضافة الى تفشي حالة من عدم التنظيم بسبب غياب الرؤية الاقتصادية في البلد وعدم الاهتمام بتطوير القاعدة الصناعية، فضلا عن استمرار انفتاح الحدود للمستورد الأجنبي”.

أسباب تراجع الصناعة المحلية

يقول استاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، إن “القطاع الصناعي تراجع كثيراً على مدى الثلاثين عامًا الماضية”، عازيا ذلك إلى فتح الحدود وإلغاء التعرفة الجمركية، وغياب الدعم الحكومي للصناعة المحلية.

ويضيف المشهداني خلال حديثه لـ “طريق الشعب”، إن “الحكومة تمتلك رؤية لإعادة إنعاش القطاع الصناعي، لكن تأثيرها قد يكون محدودًا بسبب استمرار الظروف القائمة، مشيرًا إلى أن العراق لا يزال يعاني من تردي منظومة الكهرباء، وهو أحد عناصر الكلفة الأساسية للمنتج المحلي”، مشيرا الى ان “تكاليف القوى العاملة والأجور أحد العوامل المؤثرة ايضا في القطاع الصناعي المحلي”.

ويستدرك بالقول إن “كلفة انتاج بطارية في معمل بطاريات بابل تبلغ مليونا و600 ألف دينار عند دخول القوى العاملة، بينما هي متوفرة في الاسواق العامة بسعر 57 الف دينار”.

ويوضح المشهداني أن “الحكومة الحالية ضمنت في ميزانية 2023 مشروعا يهدف لتقديم الدعم لإنشاء خطوط إنتاجية ومعامل حديثة في محافظة الأنبار، وستموّل 80 في المئة من هذه المشاريع.

وأشار إلى أن هناك توجهات خاصة في قطاع الأدوية، اذ الحكومة مهتمة بتفعيل صناعة الدواء محلياً.

ويشير المشهداني الى وجود جهات قد تتبع اساليب بالضد من دعم المشاريع المحلية، بشكل متعمد أو لا، لكن طالما أن الحدود غير مسيطر عليها فإن دول الجوار يمكنها ضخ منتجاتها بأسعار رخيصة بالشكل الذي يهدد المنتج المحلي”، لافتاً إلى أن السوق المحلي خاضع للسيطرة النوعية بعكس المستورد الذي لا يكون خاضعاً للرقابة.

ويؤكد أن “أغلب المنتجات المستوردة رديئة وغير مطابقة للمواصفات”، مشددا على اهمية ضبط الحدود لحماية الصناعات المحلية.

تقادم المصانع والطرق

ويبين المشهداني أن القطاع الحكومي يعاني من مشكلة تقادم المصانع واستبدال العديد من العاملين دون وجود حاجة.

ويشير إلى أن قطاع الصناعة يعاني من مشاكل مماثلة وربما أكثر بسبب الروتين والمضايقات، وأن حل مشكلة الكهرباء يجب أن يكون أولوية لتحقيق التقدم في هذا القطاع.

ويتفق رئيس غرفة صناعة المثنى فالح الهتيمي مع ما قاله المشهداني، بكون معظم معامل القطاع الخاص قد بنيت منذ سنوات ومازالت تستعمل طرقاً تقليدية في عملية الإنتاج، ما ساهم في انحسار المنتج المحلي.

ويشير الهتيمي خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى ان الخلل الحقيقي في انحسار القطاع الصناعي يتمثل بارتفاع الكلف التشغيلية للمعامل: “الوقود المخصص من قبل وزارة النفط يباع للمصانع بأسعار باهظة عالية، مثل معامل الطابوق والجص والنورة وبقية منشآت القطاع الخاص”.