اخر الاخبار

في ظل حادثة انهيار سد درنة في ليبيا، أصبحت التساؤلات تتزايد حول سد الموصل في العراق ومدى احتمالية وقوع حادث مشابه. يرى خبراء معنيون أن السد لن ينهار مادام لا يملأه الماء.. فكيف إذا كان الشتاء ذا مطرا غزير؟

حذر تقرير نشرته شبكة ناشيونال جيوغرافيك الأميركية من تكرار كارثة مدينة درنة الليبية في العراق، وذلك نتيجة مخاوف من حيال احتمال انهيار سد الموصل، أكبر خزانات العراق المائية الواقع على نهر دجلة شمالي البلاد.

 ويعتبر سد الموصل أكبر سدود العراق والرابع على مستوى الشرق الأوسط ويتمتع بموقع استراتيجي مهم كونه يؤمن لأكثر من مليون إنسان في البلاد الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى مخزون المياه التي يخزنها والتي تقدر بـ 12 مليار متر مكعب لأغراض الشرب والزراعة ويشكل جزءا من نظام التحكم الإقليمي بالفيضانات.

السد يعود تاريخ بنائه إلى عام 1984 مما يجعله قديما، لذا فهو يعاني من مجموعة من المشاكل الفنية التي تتعلق ببنيته الأساسية، فهو قد أنشئ على تربة هشة وغير صلبة وتحتاج إلى عملية تدعيم بشكل مستمر.

غير دقيقة

يُعبّر المستشار والخبير البيئي، عادل المختار، بقوة عن انتقاده لما نُشر في قناة ناشيونال جيوغرافيك، ويصف المعلومات التي تم نقلها بأنها غير دقيقة تمامًا وذلك لقدم المصادر المعتمدة من قبل القناة، والتي تعود لعام ٢٠٠٦.

ويؤكد خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “الأرض التي تم بناء السد عليها غير مناسبة للإنشاء”، لافتاً إلى أن حالة السد تدهورت بشكل كبير بعد عام ٢٠٠٣ بسبب توقف عمل الوزارات الحكومية وسوء الوضع العام.

وعلاوة على ذلك، أوضح أن “الفيلق الأمريكي في عام ٢٠٠٦ أصدر تقريراً وصف سد الموصل بأنه واحد من أخطر عشرة سدود في العالم” مضيفاً أن “الوضع أصبح أسوأ بعد احتلال داعش للمنطقة”.

بعد تحرير المنطقة، اُقتُرحت العديد من الحلول لتحسين وضع السد، مثل إكمال سد بادوش أو بناء جدار قاطع، لكن هذه الخطوات لم تُنفّذ بسبب تكاليف الإنتاج العالية. وفيما بعد، تم اختيار شركة إيطالية من قبل الفيلق الأمريكي لصيانة السد، وتمت العملية بأعلى جودة.

ويشير المختار إلى وجود أكثر من ١٥٠٠ مجساً في السد لرصد أي تشقق أو أضرار، مما يجعله نقطة أمان لأي تهديد محتمل”.

وختم حديثه بالقول إن السد حاليًا خالٍ من المياه، وهذا ما يجعله لا يشكل تهديداً إلا إذا امتلأ بالمياه. وبالرغم من التوقعات بأمطار غزيرة في الشتاء القادم، إلا أنه لا يعتقد أن السد سيمتلئ بالكامل.

ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، إن “سد الموصل يعتبر أحد اهم منشئات التخزين المائي في العراق، وتصل سعته الخزنية إلى أكثر من 11 مليار متر مكعب”، لافتاً إلى انه الآن يحتوي على اقل من 3 مليار متر مكعب وهذا ما يؤكد عدم وجود صحة للتقارير التي تصرح بوجود خطر”.

 ويشير شمال في حديث خص به “طريق الشعب”، إلى أن “عمليات الصيانة والمتابعة مستمرة منذ لحظه دخول السد حيز الخدمة، وهو يحظى باهتمام وزارة الموارد المائية، اذ تعمل كوارد الوزارة بشكل يومي بعمليات حقن أرضية السد بمادة الاسمنت وبعض المواد الكيمائية الأخرى”.

ويردف شمال قائلاً: “قبل سنوات تم إجراء صيانة متقدمة من قبل شركة إيطالية وبإسناد فيلق الامريكان، وهو مؤمن بشكل كامل ولا مجال لوجود مقارنة بينه وبين سد درنة في ليبيا”.

ماذا عن بادوش؟

وبالحديث عن سد بادوش، يبين شمال أن العمل به توقف عام 2003، كاشفاً عن وجود توجيهات من قبل رئيس الوزراء ووزير الموارد المائية بالنظر لهذا السد، وبناء لتلك التوجيهات ناقشت هيئة الرأي في الوزارة إمكانية اكماله او تبديل تصاميم تنفيذ جزء منه، وتم التوصية بأعداد دراسة وتقييم للسد بشكل أولي”.

غياب الإجراءات الاحترازية

يقول الخبير المائي تحسين الموسوي، إن “سد الموصل أنشأ بالرغم من وجود العديد من الملاحظات على أرضية السد”، مشيرا إلى أنه تعرض للتصدع والشقوق فوراً بعد افتتاحه في ثمانينيات القرن الماضي”.

ويكشف الموسوي في حديث لـ” طريق السعب” عن وجود العديد من الاقتراحات من وقتها بشأن تفادي خطورة انهيار السد، منها بناء سد بادوش ليكون سد الأمان”.

وبسبب كون الأرضية التي تم بناء سد الموصل عليها كلسية وهشة، يتم حقنها يوميا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بمواد تساعدها على الصمود بحسب ما أضاف الموسوي، الذي أشار إلى أن عمليات التحشية اليومية لا يمكن إيقافها أبداً.

ويرى الموسوي أن العراق لا يستمع إلى التحذيرات الصادرة من الشركات المكلفة بمتابعة وضع السد والتي تتفق جميعها على أن جيولوجيا الأرض لا تناسب بناء سد عليها، كما أنه لا يتعامل مع الأزمة إلا في أثناء وقوعها، وهذا ما يعبره الموسوي “خطاً كبيراً”.

ويلفت إلى غياب “الاستعدادات الاحترازية لتفادي الأزمات، حيث كان هناك حديث منذ سنوات عن إقبال العراق على الجفاف”.

وعن وضع سد الموصل الحالي يؤكد الموسوي انه “آمن لسببين؛ عدم وجود مياه كثيرة في السد، واتمام عمليات الحقن بشكلها الصحيح”.

وبالرغم من تأكيد الموسوي على أن الوضع الراهن آمن ولا توجد خطورة إلا إنه يُظهر أن انهيار السد يمكن ان يتسبب بكارثة بيئية وانسانية لأكثر من مليون عراقي وسيتضرر عدد كبير من المحافظات، والحل يكمن بحسب الموسوي باتخاذ التدابير الخاصة وإكمال سد بادوش.

عرض مقالات: