اخر الاخبار

أقرّ مجلس الوزراء، أخيرا، مشروع قانون حقّ الحصول على المعلومة، مؤكدا انه سيحيله قريباً إلى مجلس النواب لغرض تشريعه، وفيما اعتُبر ذلك “خطوة عامة نحو تعزيز الشفافية والنزاهة”، أبدى مراقبون قلقا بالغا من وجود مواد فيه تهدد مبدأ الديمقراطية وحقوق الانسان والعمل الصحافي وغير ذلك.

وفي مطلع أيّار من العام الجاري، نقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن مصدر حكومي، قوله: جرى اتخاذ إجراءات رادعة بحق موظفين تسببوا بتسريب الكتب الرسمية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء إلى وسائل الإعلام، وتمت إحالة بعض هذه القضايا إلى هيئة النزاهة، حيث بلغ عدد الموظفين الذين اتخذت بحقهم الإجراءات القانونية 61 موظفاً، بينهم 10 من أصحاب الدرجات الخاصة.

ملاحظات

تقول المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة، ريا الخفاجي، إن “الجمعية اشتغلت لأكثر من سنة على مسودة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، والتي عملنا على إيصالها الى مجلس الوزراء”، مردفة “للأسف الشديد لم يتم الأخذ بها”.

وتؤشر الخفاجي خلال حديثها مع “طريق الشعب”، العديد من الملاحظات التي تحتوي عليها مسودة القانون التي تم اقرارها من قبل مجلس الوزراء، منها ما يتعلق بالأحكام العامة التي جاءت “خالية من تعريف المستفيد من هذا القانون، وهو بطبيعة الحال مَن يحق له الحصول على المعلومات، سواء من المواطنين العراقيين ام من الاجانب”.

وتشير الى أن “المسودة لم تتطرق بالتفصيل للجهات المعنية بالمخاطبة بهذا القانون، ولم تأخذ بنظر الاعتبار المؤسسات غير الحكومية بكاملها، بل اكتفت فقط بالمنظمات غير الحكومية. اما النقابات والاحزاب وحتى الشركات المسجلة فلم يتطرق لها القانون بالرغم من أهميتها”.

وتزيد بالقول: إن “الأحكام العامة جاءت بتعريف مختصر ومقتضب عن المعلومات”، مضيفة أن القانون جاء خاليا من تعريف النشر، فماذا يقصد بنشر المعلومات؟ اضافة الى تعريف الموظف المختص”.

وتنوه الخفاجي بأن “المادة 8 من القانون تقيّد نظر الطلبات والموافقة عليها بالمدير الاعلى للدائرة، وهذا سياق بيروقراطي معقد”، مقترحة ان “يكون هناك موظف مختص تمنح له صلاحيات نظر الطلبات والموافقة عليها”.

كما ان المادة 9 تشير الى تقديم الطلب قبل 15 عشر يوماَ من تاريخ قبوله من الرئيس الاداري الاعلى للدائرة، وهذا ما وصفته الخفاجي بـ “التعقيد الكبير للإجراءات”. وعن الاستثناءات في الفصل الرابع، توضح الخفاجي ان “القانون ذكر الاستثناءات الواردة في حق الحصول على المعلومة بطريقة تختلف عن بقية المسودات التي تم الاطلاع عليها؛ اذ جعل عناوين الاستثناءات مطلقة ولم يتم تفصيلها مثل مفهوم “الدفاع عن الدولة والامن الوطني والسياسة الخارجية والوثائق السرية”، وهذه كلها مفاهيم عامة ومطاطة ولا تؤدي الى شيء، وفقا للمتحدثة.

وتنبه الى ان “النص القانوني يشترط الوضوح التام في مفرداته ومعانيه، فمن الذي يحدد هذه الوثيقة سرية أم لا؟ ومن هو الذي يحدد أن هذه المعلومات تتعلق بالدفاع عن الدولة والأمن الوطني وغيرها من المفاهيم؟، ماذا عن صفقات التسليح وغيرها هل ستدخل ضمن قيد الوثائق السرية أو الأمن الوطني وغيرها؟”.

وتتابع حديثها قائلة: إن “القانون أعطى مفوضية حقوق الانسان امتياز الجهة المعنية بتطبيق هذه القانون، الا أنه لم يوضح آليتها بشكل واضح في التطبيق، كما أنه لم يبين الصلاحيات الاجرائية لهذه المؤسسة في النظر بشكاوى المواطنين”.

وتذكر أيضا ان القانون “لم يتطرق الى حماية الخصوصية في هذا القانون واستخدام المعلومات بطريقة مخالفة للقانون، كما أنه جاء خاليا من اسلوب حماية الموظفين الذين يبلغون عن انتهاكات وقضايا غير قانونية داخل دوائرهم وهذا يعد ايضا جزءا من فكرة المعلومات”.

قمع حرية التعبير

يعزو رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين مصطفى ناصر، قلق بعض الصحفيين والمدافعين عن حرية التعبير بشأن قانون حق الحصول على المعلومة، الى وجود تجارب سابقة، حيث شهدنا عددًا من مشاريع القوانين التي وافقت عليها الحكومات لكنها تناقضت تمامًا مع الدستور، وأُطلقت تحت مسميات تظهر براقة لكنها في الواقع تقوم بقمع حرية التعبير.

ويبين ناصر في حديثه لـ “طريق الشعب”، أن “هذا القانون يُعتبر مهمًا للغاية، الا انه ولسنوات عديدة تجاهلت المجالس الوزارية السابقة اقراره بالرغم من وجود مطالب من قبل الصحفيين والمراقبين والمواطنين الراغبين في بناء مؤسسات الدولة بشكل رصين ومهني”.

مسوّدة مبهمة!

وعن السبب الرئيس لتخوف اصحاب المصلحة، ينوه ناصر بأن مسودة القانون التي ستقرأ بمجس النواب، لم يطلعوا عليها حتى الان، لافتاً الى وجود مفاوضات عديدة حصلت بالسابق بين الجمعية التي كانت تملك مسودة قانون وبعض منظمات المجتمع المدني والتي ايضا لديها مسودات اخرى وبين هيئة المستشارين، مضيفا ان “المسودات لا يوجد بينها فرق كبير بالمواد الاساسية، وبالتالي فان المفاوضات التي جرت كانت تسعى لتوحيدها بمسودة واحدة”.

ويضيف أن “من المفترض ان تناقش المسودة في مجلس رئاسة الوزراء مع اصحاب المصلحة، ثم ترسل الى مجلس النواب لأجل تعديلها وايضا فتح باب التفاوض مجددا مع اصحاب المصلحة للوصول الى نسخة مقبولة وتصب بصالح الجميع”.

ويتوقع ناصر ان لا يشرع هذا القانون خلال الدورة الحالية “سيركن كبقية القوانين، كون مجلس النواب الحالي يملك اسلوبا مغايرا، فهو لا يملك جدية بتشريع مثل هكذا قوانين”.

مواكبة التطور

يقول رئيس جمعية النضال لحقوق الإنسان، المحامي علي العاني، أن هذا القانون يحمل فائدة كبيرة للمجتمع خاصة من جانب تحقيق التنمية المستدامة، بالنسبة للباحثين والصحفيين الذين يعتمدون على البيانات والمعلومات في عملهم.

ويشير العاني خلال حديثه مع “طريق الشعب”، الى وجود بعض “الإجراءات التقليدية والورقية المرتبطة بتقديم طلبات الحصول على المعلومات”، لافتا الى انها إجراءات تعتبر “تقليدية وغير حديثة، خاصة في ظل توجه العالم نحو السرعة والحداثة في تبادل المعلومات والبيانات الضخمة”.

ويقترح العاني أن يتم استبدال هذه الإجراءات بوسائل إلكترونية وطرق حديثة تسهل عملية تبادل المعلومات.

وفي ما يتعلق بالجهة المشرفة على تنفيذ هذا القانون، وهي مفوضية حقوق الإنسان، يطرح العاني بعض الملاحظات حول كيفية إدارة ملف حقوق الإنسان في العراق في ظل ضعف المفوضية، منوها الى غياب مجلس مفوضين يدير أعمال المفوضية بشكل فعال، وهذا الأمر قد يؤثر على قدرتها على تحقيق حقوق المواطنين، وما يحدث اليوم هو وضع وكلاء لإدارتها.

ويدعو العاني إلى ضرورة تحقيق النزاهة والشفافية في عمل المفوضية لضمان أداء فعال لمهامها المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها قانون حق الحصول على المعلومة.

عرض مقالات: