اخر الاخبار

تعكس بساتين النخيل في العراق واقعًا مؤلمًا، إذ تعاني من تراجع ملحوظ في أعدادها وجودة تمورها، على الرغم من أهميتها الاقتصادية الكبيرة، إذ انها تمثل مصدر دخل للعديد من الفلاحين، الى جانب كونها رمزا معنويا وثقافيا لسكان وادي الرافدين.

عزوف

تقول سعاد عامر (فلاحة) إنها “تعلمت الفلاحة منذ أكثر من 15 عاما، وأول محصول زرعته كان لنخلة تمتد جذورها لمسافات طويلة وسعفها يشكل ظلاً تستطيع الجلوس تحته”، الا إنها تتحدث بحرجة عن سعي عائلتها الى ترك المهنة لما تسببه لهم من خسائر مادية.

وتردف كلامها لـ “طريق الشعب”، قائلةً إن “بخس أسعار البيع جعل العديد من الفلاحين يعزفون عن زراعة النخيل وترك المهنة التي ورثوها عن آبائهم، وكان من المفترض ان يورّثوها لأولادهم، بالشكل الذي يجعل هناك استدامة لزراعة النخيل والعناية به”.

وتضيف، أن “الفلاح او المزارع دائما ما يقع رهن تلاعبات التجار بسبب عدم وجود منافذ تسويقية حكومية أو مصانع خاصة بالتعليب”، لافتةً الى أن “الدعم الحكومي غائب تماما، ما يجعل أصحاب بساتين النخيل يتعاملون مع المحاصيل بالحظ: ربح او خسارة”.

واشتهر العراق بزراعة النخيل منذ القدم، وقد اظهرت المخطوطات التاريخية انه تم زراعته قبل ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد في مدينة أريدو. وكانت شجرة النخيل والمحراث والثور المجنح والشجرة المقدسة من المقدسات لدى السومريين. وأول القوانين التي تخص زراعة النخيل وإنتاج التمور ظهرت في مسلة حمورابي في العام ١٧٥٤ قبل الميلاد، والتي كانت تنص على فرض غرامة على كل من يقطع نخلة، وكذلك فرض غرامة أخرى على الفلاح الذي لا يقوم برعاية النخلة او يهملها وشروط تلقيحها، وحددت العلاقة بين الفلاح ومالك البستان.

تحويل الاراضي

رئيس جمعية الفلاحين، أحمد القيصر، يؤكد أن “العراق كان يعتبر وطنًا رئيسيًا لنخيله الشهير الذي يصل عدده إلى 32 مليون نخلة، لكن الصراعات والحروب أثرت سلبًا على الزراعة، وأخذت اعداد النخيل بالانحسار الى ما يقارب النصف.

ويضيف في حديث مع “طريق الشعب”، أن “تجريف بساتين النخيل في ثمانينيات القرن الماضي، إلى جانب إلغاء القطاع العام، تسبب في اندثار المخازن والبنية التحتية ومرافق التبريد، حيث كانت هناك دوائر معنية تشتري التمور من الفلاحين والمزارعين، وقد الغيت جميعها.

ولفت الى أن “بعض أصحاب البساتين وجهوا اهتمامهم نحو تحويل الأراضي إلى مشاريع سكنية للحصول على مكاسب مالية بدلاً من الاستمرار في الزراعة، التي باتت مكلفة، ولا تحقق موردا جيداً”.

ويعتبر القيصر، تجريف البساتين فعلا جائرا بالنظر إلى جودة تلك الأراضي الزراعية والمميزة.

تحديات

وتقول الناشطة البيئية، نجوان علي، إن “الحروب التي حدثت في زمن النظام السابق، تسببت بتجريف الالاف من بساتين النخيل، كما ان غياب الاجهزة الحديثة في إدارة بساتين النخيل وعدم وجود دعم حكومي حقيقي وشح المياه والتلكؤ في ادخال تقنيات الري الحديثة في الزراعة، سببت تراجعا كبيرا في محصول التمور”.

وتشير علي في حديث مع “طريق الشعب”، الى “إيقاف العديد من المصانع المحلية لكبس وإنتاج التمور”، معتبرة ذلك “انتكاسة كبيرة لواقع التمور في العراق”.

وتقترح علي، “إعادة العمل بمشروع تزويد الفلاحين والمزارعين بالأنواع الجيدة من الفسائل بشكل مجاني، شرط أن يعيدوا بدلها أربع فسائل بعد مرور ست سنوات، والعمل بالقانون الذي صدر عام ١٩٧٩ والذي ينص على تمليك كل فلاح او مزارع يقوم بزراعة ٥٠ نخلة الارض العائدة للدولة، إضافة الى دعم الحكومة للمنتج الوطني والسعي الى الترويج له”.

عرض مقالات: