اخر الاخبار

أثارت الاحاطة الأخيرة التي قدمتها ممثلة الامم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، انتقادات لاذعة من قبل مختصين ومعنيين بالشأن السياسي، حيث قدمت الى مجلس الأمن إحاطة وجدوها بعيدة كل البعد عن الواقع الذي يعيشه العراقيون، مشيرين الى انها “تلمع صورة القوى المتنفذة”

وتساءل مراقبون بسخرية: هل تحاول بلاسخارت أن تتسلم منصبا حكوميا في العراق؟

وأشاروا الى ان الإحاطة الأخيرة تتناقض بشكل تام مع الإحاطة التي سبقتها، واعتبروا ان الممثلة الأممية لم تقل  الحقيقة وتماهت مع مواقف القوى المتنفذة في البلاد.

لماذا تغيرت وجهة نظرها؟

يقول استاذ العلوم السياسية، احمد عبد الجبار، ان هناك “اشكالية على كل مبعوث اممي يرسل الى العراق؛ فالمبعوث الاممي عادة هو عامل مساند وداعم للمسارات التالية: توجيه واعطاء معايير للأعراف والقواعد الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وكرامة المواطن والعمل الديمقراطي والمؤسساتي وتشجيع الشفافية والمسؤولية، ومن ثم تقديم اطار داعم لكل مسارات الحكم بشكل عام بغض النظر ان كان العراق او غيره”.

وتابع عبد الجبار في حديث مع “طريق الشعب”، ان “المبعوث الاممي يساهم في تقريب وجهات النظر بين الاطراف المختلفة او المتنازعة، وارشادهم الى طريق حل صراعاتهم بطريقة سلمية وهذا هو السياق العام. وتختلف طريقة عمل المبعوث ما بين منطقة واخرى وبحسب طبيعة المنطقة والنزاع”.

وقال ان “الاحاطة الرسمية التي قدمت لمجلس الامن كانت بتوقيت ميت حيث العالم منشغل بغزة، بعكس الاحاطات السابقة. ومن الملاحظ ان بلاسخارت تارة تنتقد الفساد وتارة أخرى تنتقد النخب السياسية بمصطلحات بعضها شديد”.

وتابع انها “في موضع انتقادها بالإحاطة بعد ساعات او ايام نجد انها تجلس مع القيادات التي وجهت لهم النقد”، متسائلا “ما الانطباع الذي سيكون لدى المواطن العراقي حين يرى ذلك؟”.

وتساءل في السياق حول: “هل تعمل بلاسخارت كمبعوث محايد للأمم المتحدة، ام كطرف من اطراف العملية السياسية، وبالتالي فان ذلك ينفي الحاجة لوجودها في العراق”، مؤكداً ان “بلاسخارت تغير وجهة نظرها حين تتعرض لضغوط السلطة الحاكمة”.

تعمية لما يحدث في العراق

ولفت الى انه من الاجدر في الاحاطة الاخيرة لبلاسخارت التي قالت فيها ان “الحكومة تعمل على مكافحة الفساد وهو شعار عام، ان توضح طبيعة هذا العمل ان كان حقيقيا وموثوقا، فهي مؤتمنة على حقوق وكرامة العراقيين في خيارهم الديمقراطي، وهي بهذه الطريقة حجبت اي امكانية للانتقاد من المعارضين واصحاب وجهات النظر من خارج المنظومة السياسية الحاكمة، بحجة ان الحكومة تعمل على ذلك!”.

واشار الى ان الاحاطة “تكاد تكون تغطية وتعمية على ما يجري في العراق، وستكون الاحاطة وثيقة يسترشد فيها من الفاسدين والقابضين على السلطة الذين سيحيلوننا الى احاطتها”، مشيرا الى ان “الانتقالات والتحولات عند بلاسخارت تجعلنا نشكك باتجاهاتها كمبعوثة للأمم المتحدة، فهي تعرف الواقع جيداً”.

وأردف متسائلا: “اين المسارات الحقيقية لمكافحة الفساد فجميعهم طلقاء واحرار خارج القضبان؟”، مؤكدا ان “تباين وتناقض إحاطاتها المتعددة خلال فترة زمنية وجيزة، يعنيان انها تتخاذل في قول الحقيقة”.

تقرير لحظي ووصفي!

على صعيد متصل، وصف رئيس مركز التفكير السياسي، احسان الشمري، الاحاطة التي قدمتها بلاسخارت بأنها كانت وصفية ولحظية، لطبيعة ما يدور في المشهد السياسي العراقي، مؤكدا انها كانت متناقضة ولم تتناول قضايا عديدة مهمة.

وقال ان الاحاطة “حملت مؤشرات واقعية، منها ما يرتبط بانعدام الثقة بمؤسسات الدولة، نتيجة السلاح المنتشر في الدولة، وايضاً تجذر الفساد بشكل كبير جداً على مستوى الدولة العراقية ومؤسساتها، وتحذيرها من قضية انهيار اقتصادي بما ان الاقتصاد ما زال يعاني من تحديات كبيرة يمكن ان تدفع باتجاه مزيد من التراجع وغياب مؤشرات التنمية”.

وأضاف الشمري قائلاً لـ “طريق الشعب”، ان الاحاطة الاخيرة “متناقضة بشكل كبير، فهي سبق وان اتهمت هذه المعادلة السياسية واحزابها، بأنهم كانوا مسؤولين عن الفوضى وسوء الادارة وحتى وصفتهم بفصائل مسلحة خارجة عن إطار الدولة، والان تعود مرة اخرى لتعكس غير ذلك، لهذا نقول إن التقرير كان لحظيا ووصفيا أكثر مما هو واقعي، وهذا يدخل التقرير في باب التناقض”.

وأردف بالقول، ان بلاسخارت لم تكن منصفة، لأنه رغم اشارتها الى تحديات اقتصادية ووجود سلاح يزعزع الثقة بالدولة، لكنها لم تتطرق مثلا الى قضايا مثل انهيار سعر الدينار وسوء الخدمات وانعدامها وملاحقة حرية الرأي وعدم كشف القتلة، ملاحظا أنها “فضلت الحفاظ على الاستقرار السياسي الهشّ على كشف الواقع السياسي”.

وخلص رئيس مركز التفكير السياسي إلى انه “على الأمم المتحدة ان تسائل الممثلة برغم ان بعثتها في اخر ايامها كما سمعت، لكن هذا لا يبرر لها ان لا تكشف حقيقة الواقع العراقي على مستويات التراجع”.

تضليل وغياب الموضوعية

عميد كلية العلوم السياسية د. عامر حسن فياض قال ان “منظمة الامم المتحدة وجدت لخدمة النظام الرأسمالي، وعليه فأن خطابها يتناغم مع مصلحة رأس المال دون النظر لمصالح الشعوب. وبالتالي من غير الممكن ان يكون خطاب ممثليها واحاطتهم وتقاريرهم موضوعية”.

وأشار فياض الى ان “التضليل وعدم قول الحقيقة يشكلان ربما قاعدة من قواعد كل ممثلي الامم المتحدة ليس في العراق فحسب بل في كل دول العالم”، منوها الى ان “الامم المتحدة حالياً هي ممثلة عن القلة الرأسمالية في العالم، وعلى هذا الاساس فان الموضوعية ستكون غائبة”.

عرض مقالات: