حطت الذكرى الرابعة لواحدة من ابشع المجازر التي ارتبكت بحق منتفضي تشرين عام 2019، رحالها في بيوت الشهداء الذي سقطوا مطالبين بإصلاح النظام السياسي وإحداث تغيير شامل، بعد عقدين من الفشل والعجز عن إدارة شؤون البلاد بالطريقة التي تلبي تطلعات العراقيين.
مطالب حقة ومشروعة رفعها الشباب قابلتها قوى المحاصصة والفساد بوابل من الرصاص الذي قتل الأبرياء بدون جرم أو ذنب، في مشهد عنفي غير مسبوق رسخته تلك القوى التي كانت مسعورة ولا تهتم سوى لبقائها في السلطة والاستئثار بالسلطة على حساب معاناة الناس.
في انتفاضة تشرين المجيدة شهد العراقيون العديد من المجازر في المحافظات المنتفضة آنذاك، تختلف أماكنها وتسمياتها الا إنها تتشابه من ناحية تعاطي السلطة مع مطالب مواطنيها، وتشترك جميعها ايضاً بعدم كشف الحقائق ومحاسبة الجناة ومن يقف خلفهم.
صورة مأساوية
وأحيا المئات من الناشطين وذوي الشهداء والجرحى مجزرة جسر الزيتون في محافظة ذي قار، أول أمس، الذكرى الرابعة لها، من خلال إقامة تشييع رمزي بمسيرة راجلة من ساحة الحبوبي إلى جسر شهداء الزيتون.
وجدد المستذكرون للمجزرة مطالبهم بمحاسبة القتلة، مؤكدين انه برغم مرور 4 سنوات الا انه لم تتم محاسبة المتهمين على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بهذا الشأن، مؤكدين استمرار رفضهم المنظومة السياسية، والمضي على نهجهم حتى تحقيق التغيير المنشود.
مجزرة سياسية بامتياز
وفي هذه المناسبة اصدر تحالف قيم المدني، الجناح الانتخابي لقوى التغيير الديمقراطية، بياناً تساءل فيه عن موعد محاسبة مرتكبي مجزرة جسر الزيتون.
ووصف البيان الذي تسلمته “طريق الشعب”، فاجعة مجزرة جسر الزيتون في ذي قار، التي وقعت عامَ ٢٠١٩، بأنها “صورة مأساوية لتعامل السلطة السياسية والامنية مع المدنيين الأبرياء، وذلك بعد ما استُخدم السـلاح بشكل وحشيّ ضد المُتظاهرين السلميين العزل، ونتج عن ذلك عشرات الشهداء والجرحى”.
واكد التحالف “ايمانه بضرورة انهاء مظاهر السلاح المنفلت وحصره بيد القوات الرسمية الدستورية”، مبينا ان مجزرة “الزيتون وغيرها الكثير من المجازر والأفعال الوحشية كانت سياسية بامتياز في محاولات بائسة لقتل الروح الوطنية الطامحة للتغيير”.
وشدد البيان على ضرورة “كشف القتلة وداعميهم ومن أباح لهم سفك دماء الشعب، وتقديمهم للعدالة، واستكمال الإجراءاتِ القانونية بحقهم والعمل على كشف ملفات القتل والتصفية الجسدية والتغييب التي تعرض لها العراقيون ما بعد عام ٢٠٠٣”.
عرقلة كشف الحقائق
من جانبه، قال رئيس مركز التفكير السياسي، د. احسان الشمري، ان “كل هذه الممارسات جرت في ظل نظام يفترض ان يكون ديمقراطيا”، مردفا ان “طبيعة الاعدامات الميدانية وطبيعة عدد الضحايا والشهداء الذين سقطوا، هزت النظام الديمقراطي بشكل كبير جداً، وما مجزرة جسر الزيتون في الناصرية الا واحدة من صور مستوى الافراط باستخدام القوة من قبل الحكومة آنذاك تجاه المتظاهرين”.
واكد الشمري في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “قضية الافلات من العقاب لا تزال تمثل احدى الركائز الأساسية في عدم تحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا الذين طالبوا بإصلاح النظام السياسي واستعادة الديمقراطية في البلاد، وعلى الرغم من تشكيل لجان تقصي حقائق لدى حكومتي الكاظمي والسوداني، الا انه على ما يبدو أن هناك إرادة سياسية تعيق عملية كشف الحقائق او ملاحقة المتورطين بهذه المجزرة”.
وأوضح الشمري بالقول: ان “هذه العرقلة تستهدف منع الوصول الى الجناة الحقيقيين المتورطين في هذه المجازر التي ارتكبت بحق الشباب والشعب العراقي”.
اسوأ موجة عنف
من جانبه، دعا مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية في ذكرى مجزرة الزيتون، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الى الايفاء بالتزاماته وإعلان “نتائج التحقيق بأحداث تظاهرات تشرين قبل نهاية العام 2023”.
ووصف المركز في بيانه الذي طالعته “طريق الشعب”، هذه المجزرة التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى بانها أسوأ موجة عنف شهدتها التظاهرات.
وأضاف انه في هذه المناسبة “نُذكّر السيد رئيس مجلس محمد شياع السوداني، بما ألزم به نفسه بإعلان نتائج التحقيق بأحداث التظاهرات وقتل المحتجين والصحفيين قبل نهاية العام الحالي 2023، معربين عن أملنا بأن تكون نتائج التحقيق منصفة وتدين جميع المتورطين بما جرى خلال تلك الفترة”.
استمرار الافلات من العقاب
الى ذلك، قال رئيس مؤسسة حق لحقوق الانسان، عمر العلواني، لـ”طريق الشعب”، ان “المشكلة الحقيقية التي يتحدث فيها المجتمع الدولي والامين العام للأمم المتحدة وممثلة بعثة يونامي في العراق، الا وهي الافلات من العقاب، لم تجد السلطات حلا لها”، مؤكداً انها “رافقت النظام السياسي منذ التغيير في 2003 وحتى الان”.
وأضاف العلواني: ان “الكثير من القضايا تحمل ادلة ومعلومات حتى في ما يخص الحالات الخطف كانت هنالك الكثير من المعطيات والادلة، لكن للأسف لم تكن هنالك محاسبة”.
وواصل حديثه “نتأمل ونتمنى ان يبقى هناك تأثير للرأي العام فهو السلاح الوحيد المتبقي لدى الناشطين والمنظمات التي تدفع باتجاه احداث تغيير حقيقي ومحاسبة القتلة”.