اخر الاخبار

الحكمة في الجلاء

نشرت مجلة (فورن بولسي) مقالاً للكاتب ديفيد شينكر حول سحب الولايات المتحدة لقواتها من العراق، أشار فيه إلى أن الهجمات التي شنتها هذه القوات على مواقع وفصائل عراقية، مثلت خروجاً كبيراً عن ضبط النفس الذي تمارسه إدارة بايدن منذ فترة طويلة، مما سبّب في ردود افعال سياسية كبيرة في بغداد وأنذر بعواقب غير معروفة على الوجود العسكري الأمريكي في البلاد.

عدوان وتهديد للسلم

وتطرق الكاتب إلى تفاصيل ما حدث من هجمات متبادلة بين الطرفين، والتي أدت لردود الأفعال عليها من الأصدقاء والخصوم على حد سواء، بما فيها إدانات الحكومة العراقية للولايات المتحدة، والتي وصفت الهجمات الأمريكية بأنها عمل عدواني ضد سيادة العراق، وأن ضحاياها من شهداء الوطن، الذين أعلن الحداد الرسمي عليهم لمدة ثلاثة أيام.

كما شملت ردود الأفعال أيضاً تصريح المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية الذي أكد على أن الإجراءات الأمريكية تهدد السلام المدني وستُجبر الحكومة العراقية على إنهاء مهمة التحالف الدولي لأنه يهدد بتوريط العراق في دائرة الصراع.

وإنتقد الكاتب ما أسماه عدم إظهار بغداد الإرادة والقدرة على حماية الأفراد الأميركيين، سواء الدبلوماسيين أو العسكريين، في وقت دعت فيه مباشرة وعلى لسان رئيس حكومتها محمد شياع السوداني، إلى البدء بمفاوضات مع واشنطن لإنهاء وجود التحالف في العراق.

واعتبر الكاتب الأمر تغييراً حاداً، حيث سبق للسوداني نفسه أن صرح قبل عام في مقابلة له مع صحيفة وول ستريت جورنال، بأن العراق لا يزال بحاجة إلى القوات الأجنبية. وتساءل الكاتب عما إذا كانت الحكومة تفضل انسحاب الائتلاف أم أن تصريحاتها تهدف فقط، كما قال أحد مستشاريها لرويترز، إلى استرضاء الأطراف الغاضبة داخل الائتلاف الحاكم.

موقف يستدعي الوضوح

وأعرب الكاتب عن دهشته من الطريقة الغريبة التي تبدي فيها الحكومة العراقية رغبتها في بقاء قوات التحالف الدولي، إذا ما كان رأي مستشارها صحيحاً، خاصة مع الإشادات المتكررة التي وردت على لسان سفيرة واشنطن إلى العراق بالحكومة ورئيسها، ولاسيما بعد أن ألقي القبض على ثلاثة أفراد مسؤولين عن هجوم صاروخي موجه على السفارة الأمريكية، وهو الإجراء اليتيم الذي لم يتكرر، لأسباب داخلية وإقليمية على حد تعبير الكاتب. وذكر المقال بانه ورغم ما خسرته الولايات المتحدة من دماء وأموال كثيرة في العراق وتواصل اهتمام واشنطن بالأوضاع فيه، ورغم أن البرلمان العراقي قد فشل في عقد جلسة للتصويت على استمرار الوجود الأمريكي، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للاجتماع، فإن فمن الواضح أن الوجود العسكري الأمريكي الكبير أصبح غير مقبول، وأن بإمكان بغداد في نهاية المطاف الطلب برحيل الولايات المتحدة والتحالف، خاصة إذا ما كان بمقدوره مواجهة التهديد المستمر للإرهاب.

آن الآوان

وأكد الكاتب على أنه وبعد مرور عشرين عامًا على غزو العراق، حان الوقت لإدارة بايدن للبدء في التفكير في أفضل السبل لتقليص البصمة العسكرية الأمريكية هناك، والتخلي عن دور الشرطي الذي ينظم الحركة في المنطقة أو المقاتل الذي يحارب الخصوم على الأرض العراقية.

ورأى الكاتب بأن وجود القوات الأمريكية في كردستان العراق، كمحطة دعم لوجستي للقوات المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، لم يعّد ضروريًا أيضًا الاّ إذا ما أبقت واشنطن قواتها في سوريا لمكافحة الإرهاب.