اخر الاخبار

ثلاث سنوات مرت من عمر الدورة البرلمانية الخامسة، التي لاقت انتخاباتها عزوفا كبيرا من الناخبين الذين لم يعودوا مؤمنين بالمنظومة السياسية الحاكمة، التي لم يقدم نهجها الا الفشل والإخفاقات ومراكمة الأزمات، نتيجة الصراعات والتناحر بين القوى المتنفذة على حساب مصالح ومعاناة الناس.

ويعيش البرلمان حالة من عدم الاستقرار في ظل تأخر انتخاب رئيس جديد للبرلمان، الامر الذي انعكس سلبا على أداء مجلس النواب ودوره الرقابي لعمل الحكومة وتشريع القوانين المهمة.

ان الشرخ الكبير بين الشعب والمتنفذين والمهيمنين، الذي رافق الانتخابات النيابية الأخيرة، كان يفترض أن يجري العمل على ردمه ومعالجته وإعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها، إلا ان ما يحدث هو العكس تماماً: استمرار مسلسل فشل البرلمان بأداء المهام المناطة به.

أسباب عديدة

في هذا الصدد يحدّد النائب أمير المعموري، جملةً من الأسباب التي تقف في طريق تشريع العديد من القوانين التي تلامس حياة الناس، مبينا أن هناك «جملة من القوانين المهمة والمعطلة منذ فترة طويلة إضافة الى بعض القوانين المؤجلة منذ دورات برلمانية سابقة، بسبب الخلافات السياسية وعدم التوافق عليها».

ويجد المعموري في تصريح خصّ به «طريق الشعب»، أن «الخلافات والتناحر بين الكتل السياسية المتنفذة داخل البرلمان، هي ما يعرقل تشريع الكثير من القوانين»، مشيراً الى ان «هناك قوانين سحبتها الحكومة ولم تعِد إرسالها للبرلمان لغرض تشريعها رغم كل المخاطبات الرسمية للإسراع في ذلك».

أداء مخيّب للآمال

من جهته، قال السياسي والنائب السابق د. وائل عبد اللطيف ان مجلس النواب في دورته الخامسة سجّل فشلا كبيرا في القيام بالدور التشريعي والرقابي، في الوقت الذي غابت فيه التشريعات المهمة التي تستكمل الدولة فيها مؤسساتها الدستورية مثل مجلس الاتحاد والهيئة الوطنية لتوزيع الموارد المالية بين الاقاليم والمحافظات.

وأضاف عبد اللطيف في حديث مع «طريق الشعب»، أنها «مؤسسات دستورية، لكن البرلمان يمتنع عن تشريعها، بينما ركنت القوى المتنفذة اهم مبدأ قام على اساسه النظام في العراق الا وهو ان الشعب هو مصدر السلطات واساس شرعيتها».

ونوه عبد اللطيف الى ان «القوى السياسية لا تريد أن تفهم أو تعي انها قوى سياسية وليست تشريعية، وان دورها ينتهي بمجرد وصول ممثليها الى مجلس النواب، وعدا ذلك ينبغي ان يكون دورها محصوراً بالتواصل مع ممثليها لا التأثير على عمل المؤسسات».

وفي ختام حديثه، أكد عبد اللطيف انه لا يعول على البرلمان بتشكيلته الحالية في شيء: «ما شهدناه حتى اللحظة هو فشل مستمر». 

تعطيل للدور الرقابي

رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، د. إحسان الشمري، وصف أداء البرلمان بانه «لم يكن بمستوى الطموح برغم أن ائتلاف إدارة الدولة، هو من يسيطر على البرلمان. كنّا نتوقع أن يدفع هذا البرلمان بمشاريع قوانين معطّلة من دورات سابقة».

ويعتقد الشمري في حديث مع «طريق الشعب» ان «الدورة البرلمانية الحالية قد تكون اكثر إخفاقا من الدورات السابقة، لا سيما ان المصالح السياسية والصراع بين القوى والأحزاب لا يزالان يسيطران على المشهد، وان المحاصصة بين القوى السياسية، انعكست على عمل البرلمان ودوره الرقابي. حيث أن البرلمان والحكومة اصبحا وجهين لعملة واحدة، لا يصلح معها العمل الرقابي، انما التخادم بين الجانبين يجري على قدم وساق».

ويواصل المتحدث القول بأنه «البرلمان لم يعمل على مراقبة وتنفيذ البرنامج الحكومي، لأن المصالح ومحاولة الحصول على مساحة نفوذ وامتيازات تقف بوجه أي عمل رقابي حقيقي».

ويشير الشمري إلى ان الكتل المتنفذة «منشغلة الآن في إعادة هيكلة وجودها داخل السلطة التنفيذية»، مردفا كلامه بأن «خلافات عميقة أخذت تطفو على السطح بين الكتل السياسية المتنفذة: هناك صراع موازين قوى وصراع فرض إرادات ومحاولة تهميش كتل سياسية أخرى، وهذا برأيي يسهم في عرقلة تشريع القوانين».

مجلس متناحر ومعطل

فيما يقول الخبير القانوني أمير الدعمي، ان «مجلس النواب لم ينجح بعمله»، واصفاً الدورة النيابية الحالية بانها «الافشل من بين الدورات التي مرّت علينا بعد العام 2003، فالمجلس لم يكن حريصاً على تشريع القوانين المهمة التي تلامس حياة المواطن».

ويضيف الدعمي في حديث مع «طريق الشعب»، ان المجلس النيابي الحالي «متناحر وغير متجانس. هناك صراعات داخل المجلس وهي ما يتحكم بكل شيء، في ظل غياب رئيس البرلمان وتأخر انتخاب رئيس جديد؛ حيث أصبح البرلمان مشلولاً، ولا يمثل إرادة وتطلعات الناس».

ويشير الدعمي إلى أنه في ظل كل هذه المعطيات «لا يمكن القول ان مجلس النواب كان على قدر المسؤولية او بالمستوى المطلوب الذي يرتقي لتطلعات الناس»، معتبرا التشريعات التي جرى تمريرها من قبل الدورة النيابية الحالية بأنها «مجرد حشو. اغلبها لا يلامس معاناة المواطنين وما يحتاجونه».

ويخلص الى القول: ان ابرز التشريعات التي يخدم إقرارها مصلحة الشعب هي «قانون النفط والغاز، المؤجل من دورات سابقة، وقانون المحكمة الاتحادية المنقوص والقوانين المتعلقة بالقطاع الخاص والاستثمارات، والعديد من التشريعات التي تخدم المواطن والمجتمع، والتي لم نرَها على طاولة المجلس».