اخر الاخبار

واشنطن: ماذا بعد الانسحاب من العراق

لموقع (Responsible Statecraft) كتب الباحثان الأمريكيان آدم وينشتاين وستيفن سيمون مقالاً حول مستقبل مصالح الولايات المتحدة في العراق بعد انسحاب قواتها من أراضيه، أشارا فيه إلى أن انسحاب هذه القوات من هناك في 2011، كان بمثابة انتصار لإدارة أوباما، قبل أن يتحول إلى كابوس حين هيّمن تنظيم داعش على المنطقة بعد ذلك بثلاث سنين. كما أن بقاءها بعد انهيار هذا التنظيم أصبح عرضة لمخاطر تبادل النار مع فصائل مسلحة عراقية، حفظاً لماء الوجه، في أغلب الأحيان.

وجود مرفوض

وأشار المقال إلى أنه ورغم حجم الأموال التي صرفتها الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، ومنها 1.25 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي للفترة 2019-2023، وما مجموعه 3.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية بعد 2014، وعشرات الملايين من الدولارات لصيانة سد الموصل والحفاظ على المواقع التاريخية والثقافية وتمويل التعليم العالي، فإن قادة واشنطن لم يكسبوا احتراماً كبيراً، حتى أن وزير خارجيتها قد إرتدى درعاً واقياً أثناء زيارته لبغداد في تشرين الثاني الماضي.

وإلى جانب حادثة المطار، فإن قضايا أساسية أخرى سببت وتسبب هذا الاستياء المستمر، منذ السنوات الأولى للاحتلال الأمريكي (الذي لا يتذكره جيل الشباب)، والانتهاكات الحقيقية والمتخيلة للسيادة، والفجوة الكبيرة بين توقعات العراقيين العاديين من التزام الولايات المتحدة بتقدم بلادهم وبين المستوى الفعلي للاستثمارات وما حدث على أرض الواقع.

مواقف متباينة

ورأى الكاتبان بأن الرفض الشعبي للوجود العسكري الأمريكي قد لا يسري على الجميع، حيث هناك من يستفيد من هذا التواجد، رغم رفضه العلني له، من خلال المساعدة في احتواء داعش والحصول على المساعدات والتغطية على الفساد وتوفير فرص لتضخيم الذات، على حد تعبيرهما، إضافة إلى استفادة الحكومة من التأثير الذي يمارسه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على اقتصاد البلاد، التي تفتقد لنظام مصرفي فعال.

ولعل هذه الأسباب مجتمعة، كانت وراء عدم اتخاذ بغداد قرار بطرد القوات الأمريكية، رغم رفضها لضرباتها العسكرية باعتبارها انتهاكاً لسيادة العراق، مما يصبح معه السؤال مشروعاً عن أفضل ترتيب يتبناه صانعو السياسات الأمريكية.

تكتيك مختلف

وأعرب الكاتبان عن اعتقادهما بأن واشنطن، التي لايمكنها أن تحصل على كل شيء في العراق، قادرة وبشيء من الابداع والواقعية، أن تحمي مصالحها بفاعلية أفضل وكلفة أقل، بعد مغادرة قواتها هذه البلاد. ولكنهما استدركا بالقول إن واشنطن تفتقر للقدرة والإرادة السياسية وتعاني من ضعف كامل في فهم الواقع.

وأكد المقال على أن العراقيين، بشكل عام، يريدون أن يكونوا مستقلين عن الضغوط التي تمارسها واشنطن أو طهران، ولكنهم إذا ما اضطروا إلى الاختيار، فسيلعب الموقع الجغرافي دوراً في المفاضلة، لاسيما مع وجود ركائز هامة، متعددة الأشكال للجوار في واقع البلاد. ولهذا رأى الكاتبان أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة في العراق يجب أن يتمحور حول بقائه مستقراً سياسياً وتجنيبه العنف الطائفي، وعدم النظر إليه كخصم.

قلق العراقيين

وعلى ضوء استطلاعات الرأي التي اشارت إلى أن التنمية الاقتصادية والفساد يشكلان مصدر قلق للمواطن العراقي العادي اليوم أكثر من الأمن، أعرب الكاتبان عن إعتقادهما بأن عدداً كبيراً من العراقيين يريدون أن تتخذ واشنطن موقفاً أكثر حزماً ضد الفساد، ومشاركة أكبر في مبادرات التنمية، وانتقاداً أكثر صراحة لأوجه القصور في نظامهم السياسي. ولهذا دعا المقال واشنطن للإستفادة من نقاط قوتها، في إنشاء أطر قوية لمكافحة غسيل الأموال وتنفيذ المشاريع الفنية والحفاظ على البنية التحتية وتعزيز التنمية البشرية، لأنها مساعدات أكثر تأثيراً من الجهود الأخرى المخصصة لرعاية وسائل الإعلام أوالمجتمع المدني، أو إنفاق مليار دولار سنوياً على نشاط السفارة.