اخر الاخبار

طريق التنمية: الآفاق والمعوقات

على ضوء حوار أجراه مع أحد باحثي مركز كارينغي لدراسات الشرق الأوسط حول “طريق التنمية” الذي سيربط الخليج بتركيا عبر العراق، كتب مايكل يونغ، أحد ابرز العاملين في المركز، مقالاً أشار فيه إلى أن أهمية هذا الطريق تكمن في التنامي الدراماتيكي لمشاريع تطوير طرق جديدة للتجارة الدولية عبر الحدود، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، مما جعل من الشرق الأوسط اليوم ساحة للمنافسة الجيواقتصادية بين مختلف المشاريع، التي راحت تتشابك ليس في ممرات التجارة بين الدول والأقاليم فحسب، بل وأيضاً مع التحالفات الجيوسياسية.

اهتمام حكومي متميز

وأكد المقال على أن للمشروع أهمية كبيرة للعراق، حيث من المتوقع أن يعزز مكانته كممر تجاري يؤمن له دخلاً مالياً جيداً. ونوّه إلى أن الحاكمين في العراق يسعون منذ فترة لإقامة مشاريع عملاقة، تساهم في تنويع اقتصاد البلد ومصادر دخله بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط، ومن أجل التخلي عن الاقتصاد المخطط والإندماج في الاقتصاد العالمي وتوسيع قطاعات الخدمات، إضافة إلى محاولة البحث عن مصادر جديدة للشرعية، بعد سنين من الإنقسامات العرقية والطائفية. لكن الكاتب استدرك بالقول إن هذا المشروع وأهدافه وكلفته لا يحظى، رغم ذلك، بإجماع المؤسسات الحاكمة، لاسيما في ظل غياب دراسات جدوى كافية، للتأكد من القيمة الاستراتيجية له.

صعاب وعوائق

وأوضح المقال بأن هناك عوائق كثيرة أمام تحقيق المشروع، مما يوحي بأن طموحات بغداد قد تبدو غير واقعية، مشيراً إلى أن من بين تلك العوائق، مشاكل الفساد المستشري، وسوء الإدارة، ومحاولات الجماعات المتنافسة الاستيلاء على الدولة ومواردها بطرق تؤدي إلى تفتيت مؤسساتها وتمنع قدرة الحكومة على تنسيق التخطيط والتنفيذ السلس. وأضاف بأن الطبيعة الفئوية للسياسة العراقية والتقلبات المتكررة في البلاد تسهل الحسابات قصيرة المدى، والتي تميل إلى تهميش المشاريع بعيدة المدى. وتساءل الكاتب عما إذا كانت بعض الأحزاب المهيمنة في البرلمان، ستكون متحمسة لتخصيص الأموال للمشروع، في وقت تسعى فيه للحد من شعبية رئيس الحكومة قبل أن يحل موعد الانتخابات التشريعية القادمة.

هل التمويل الذاتي ممكن؟

وشكك المقال بقدرة العراق على تمويل المشروع من وارداته الخاصة، حتى بعد أن تجاوزت عائداته 9 مليار دولار شهرياً، وذلك بسبب مستوى الفساد السائد على الصعيد الوطني، وتذبذب الاستقرار الأمني والسياسي، وهو ما أدى إلى إبعاد المستثمرين أو الدول التي تسعى إلى الاستفادة من طريق التنمية. ومع ذلك، وجد المقال بأن الفرصة لما تزل سانحة امام الحكومة لمعالجة مواقف المشككين في المشروع، إذا ما أضفت طابعاً مؤسسياً على إدارته وخلقت شراكات شفافة مع الأطراف المانحة والقطاع الخاص.

سياسات ناقصة

واشار الكاتب إلى أن حكومة بغداد الحالية، والتي أطلقت على نفسها “حكومة الخدمات”، تريد أن تمنح الأولوية للاقتصاد، لكنها تعجز حتى الآن عن تقديم نموذج تنموي يخلق تحولاً جذرياً في سياسات إعادة التوزيع، أو تطوير السياسات التعليمية وبناء القدرات للشباب، أو إنجاح برامج الخصخصة، مما يجعلها تركز على كسب تأييد الشرائح السياسية عبر تنفيذ المشاريع العملاقة التي تجلب الهيبة، بدلاً من حل المشاكل الاقتصادية الفعلية.

ممولون محتملون

ورغم أن الكاتب قد أعرب عن اعتقاده بوجود صعوبة في حصول بغداد على دعم إقليمي أو في تمكنها من جذب الدول الأخرى لكي تستثمر في المشروع أو تستفيد منه بنفسها، فإنه توقع وجود اهتمام خليجي بالطريق، خاصة من قطر، التي تتمتع بعلاقات قوية مع تركيا، والتي مازالت مخاوف محاصرة جاراتها لها قبل سنوات، تؤرقها وتدفعها للبحث عن طريق بديلة للتجارة. كما اعتبر المقال الإمارات شريكاً محتملاً أيضا، بعد أن كُلفت بإدارة ميناء الفاو، الذي يمثل حجر الزاوية في المشروع، مستبعداً مساهمة كويتية للخلاف بين البلدين حول التأثير السلبي المتبادل بين ميناء الفاو العراقي وميناء مبارك الكويتي.