اخر الاخبار

تحتفل الطبقة العاملة والأحزاب الشيوعية و الاشتراكية واليسارية و النقابات العمالية في العالم، وفي ظروف نضالية مختلفة بمناسبة نضالية عالمية. انها مناسبة الأول من أيار اليوم العالمي للطبقة العاملة.

على الرغم من تنوع الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في البلدان والمجتمعات المتعددة التي تناضل الطبقة العاملة فيها، وتفرض بالتالي الخصوصية في المهام النضالية والتنوع في أساليب الكفاح، يتسم الأول من أيار بحيوية وديمومة هويته الأممية الناجمة عن طبيعة الاستغلال الرأسمالي المعاصر وعولمته، والنظام العالمي الوليد عنه والسياسات الليبرالية والنيوليبرالية، مما يفرض ضرورة تكريس المهام النضالية للطبقة العاملة على الصعيد العالمي، وأهمية التضامن الأممي، اضافة الى كون الأول من أيار يوماً للتضامن ودعم نضال الطبقة العاملة لتحقيق أجندته النضالية ومهامه الكفاحية على الصعيد الوطني من خلال الترابط بين المهام الوطنية والمهام الطبقية، ناهيك عن عدم إمكانية الفصل فيما يخص طبيعة بعض المهام التي تتسم بطابعها الوطني والطبقي في الوقت نفسه، كالمهام المتعلقة بضمان الأمن المجتمعي وتحقيق التنمية والدفاع عن الحريات وعن حقوق النساء وغيرها.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق!

لم يكن نضال الطبقة العاملة استرشادا بالفكر الاشتراكي العلمي، معزولاً عن دراسة الواقع والمتغيرات الجارية على المجتمع، والفرز الطبقي بما في ذلك الفرز في هوية الطبقة العاملة عالمياً. لقد أخذ هذا النضال بالحسبان دراسة الظواهر الجديدة والتطورات الحاصلة في النظام الرأسمالي وعولمته وأزماته المتكررة، وما نجم عنها من نتائج كارثية كديمومة بؤر التوتر واستمرار الحروب المحلية والاقليمية والدولية، وأزمة الفقر والبطالة والبيئة، وتأتي ايضاً في مقدمة تلك الظواهر استمرار التمايز القومي وسياسات التبعية والاحتلال والاستبداد السياسي، وتزايد نشاطات التطرف الديني والتجاوز على الحريات العامة واستمرار التمايز الجندري.

ان ما أشرنا اليه من ظواهر ومتغيرات يحتم على طلائع الطبقة العاملة والمدافعين عن الخيار الاشتراكي الاستمرار في مراجعة توجهاتهم الفكرية، بما ينسجم مع نبض الواقع وما هو جديد فيه من ظواهر اجتماعية شتى، بعيدا عن الجمود العقائدي، لكي يخوضوا معترك مواجهة الأزمات الناجمة عن جشع الرأسماليين واستغلالهم، ومن أجل بلورة خطاب عقلاني متسم بالمسؤولية التاريخية وفق النظرية الثورية للطبقة العاملة وفق الخصوصيات الوطنية من أجل تحشيد الجماهير وانتهاج سبل النضال الجماهيري المدني بأشكاله المختلفة.

الحضور الكريم!

يشهد العالم تطورات نوعية ترجع أسبابها وخلفياتها الى جوهر أزمة الرأسمالية وانسداد مستقبل الليبرالية السياسية وسياسات النيوليبرالية الاقتصادية ومشاكلهما المستعصية على الحل، وآثار تلك السياسات التي تراكم الثروة لدى الأقلية وتؤدي الى افقار الأكثرية وضياع الطبقة الوسطى، وفشل النظام الدولي الحالي نتيجة القطبية الواحدة في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين. ان هذه الأسباب المشارة اليها تخلق الظروف الموضوعية للتغيير على الصعيد العالمي، غير ان العوامل الذاتية المتعلقة بالتضامن والعمل المشترك للأحزاب والقوى اليسارية والنقابات العمالية في العالم لايزال دون المستوى المطلوب لمواجهة التحديات، ولاتزال غير فاعلة لتنشيط النضال المشترك من أجل التغيير الاجتماعي المطلوب وانهاء نظام الاستغلال بأشكاله المختلفة.

اننا في لجنة العمل المشترك لليسار الكوردستاني المشارك في المنتدى اليساري الكوردستاني الذي يضم أحزاب يسارية في كافة أجزاء كوردستان، سبق وأن أصدرنا بيانا مشتركا أشرنا فيه الى مهامنا النضالية الآنية، فيما يخص حقوق الطبقة العاملة في كوردستان العراق، غير ان ما ورد من توجهات برنامجية في ذلك البيان تستكمل عبر الإشارة الى مواقفنا المتعلقة بمواضيع أساسية أخرى نهدف الى إقامة أوسع تحالف نضالي داخلي وأممي حولها. وتتجلى تلك المواقف بما يلي:

1ـ مناهضة الحروب والنضال من أجل السلم وانهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي تؤدي الى استنزاف الطاقات البشرية والاقتصادية للطبقة العاملة والكادحين في البلدين وفي المنطقة عموما. حرب لا تخدم سوى مصلحة الاوليكارشية الحاكمة في البلدين و سياسات حلف الناتو.

2ـ إيقاف حملات العنف و القمع ضد شعبنا الكوردستاني في كل من ايران وتركيا، وحل القضية الكوردستانية في ايران وتركيا وسوريا عبر الحوار الديمقراطي السلمي، وبما يضمن احترام إرادة شعبنا الكوردستاني، وإيقاف الحملات العسكرية التركية تجاه مناطق الإدارة الذاتية في شمال وغرب سوريا، ودعم نضال الطبقة العاملة في تلك الأجزاء من كوردستان ونضال الطبقة العاملة بشكل عام في تلك البلدان من أجل التحرر.

3ـ معالجة المشاكل العالقة بين إقليم كوردستان والحكومة الفدرالية في العراق وفق الدستور، وضمان احترام إرادة شعبنا الكوردستاني في الإقليم وحقوقه العادلة، وايقاف الحملات العسكرية والقصف بالصواريخ والمسيرات التي تستهدف المناطق المدنية والمنشئات الاقتصادية، وإيقاف التدخلات العسكرية والسياسية التركية والإيرانية في الشؤون الداخلية لكوردستان العراق، ودعم نضال الطبقة العاملة الكوردستانية والعراقية من أجل التغيير في السياسات الاقتصادية الحالية التي تخدم البرجوازية البيروقراطية و البرجوازيىة الطفيلية.

4ـ العمل على انهاء الحرب في غزة والتوجه لتطبيق قرارات الأمم المتحدة و الشرعية الدولية فيما يخص بناء الدولة الوطنية الفلسطينية في اطار حل الدولتين و ابرام معاهدة السلام بين فلسطين واسرائيل.

5ـ الترابط بين نضال الطبقة العاملة على الصعيد الوطني والأممي بنضال الحركات الاجتماعية في مجالات المساواة الجندرية وضمان حقوق النساء والحركات المناضلة ضد الفقر والبطالة و التهميش الاجتماعي والكارثة البيئية.

6ـ التأكيد على حماية الأمن العالمي والتوجه نحو مفهوم التنمية العالمية بالاستناد على حديقة الحضارات العالمية المتنوعة، والنضال من أجل مجتمع المصير المشترك للبشرية، وتجنب العودة الى منطق الحرب الباردة، والعمل على دعم التعددية القطبية خارج اطار الخيار الرأسمالي.

ايتها الرفيقات أيها الرفاق!

ان التطورات الجارية في الوضع الداخلي والتعقيدات الحاصلة في العملية السياسية في إقليم كوردستان، تفرض على أحزابنا الثلاث في لجنة العمل اليساري الكوردستاني المشترك مهاماً جديدة يجب التعامل معها بمسؤولية فائقة، عبر التأكيد على موقفنا السياسي المستقل، والاشارة الى عدم تخندقنا مع الاستقطاب الحاصل بين الأحزاب الحاكمة في الإقليم، والتأكيد باننا لا نتعامل مع المتغيرات في الوضع السياسي وفق المنطق السياسي المتناقض لاحزاب الحكومة وغيرها من القوى السياسية. ان قوانا السياسية المنضوية في لجنة العمل اليساري المشترك ستكون في خندق الشعب ومطالبه وحقوقه العادلة، والتي تتطلب تفكيرا سياسياً جديداً يدعو الى خطاب الشراكة الوطنية الفعلية للقوى الكوردستانية، مستنداً الى تقييم انتقادي لتجربة الحكم خلال أكثر من ثلاثين عاماً، وتجربة مشاركة القوى السياسة الكورددستانية في العملية السياسية التي بدأت في العراق منذ 2003، والعمل من أجل شرعية جديدة ونوعية للسلطة الكوردستانية تستند على الحوكمة والديمقراطية التشاركية، واحراز ثقة الشعب وتوسيع الحريات العامة، وتحقيق الحياة الاقتصادية الكريمة واللائقة للشعب عبر إيقاف توجهات خصخصة النشاطات الاقتصادية المتنوعة ومناهضة الفساد ومظاهر التشويه الاجتماعي.

ان العمل من أجل هذه التوجهات تتطلب السعي الدائم من أجل إقامة أوسع تنسيق وتحالف نضالي والعمل المشترك بين القوى اليسارية والتقدمية في كوردستان الجنوبية والاجزاء الأخرى من كوردستان. فنحن الآن أمام مسؤولية تاريخية تتطلب التخلي عن الانعزالية السياسة والفكرية. ومن الضروري ان تنعكس عملية أداء هذه المهمة والتوجهات المطلوبة لتنفيذها في عمل قيادة لجنة العمل اليساري الكوردستاني المشترك، وفي العمل اليومي للتنظيمات السياسية للقوى المنضوية في لجنة العمل، والتحلي بالانفتاح السياسي الداخلي ومع الغير، من أجل إيصال خطابنا اليساري الى أوسع التجمعات الجماهيرية.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق!

ان مشروعية نضالنا كقوى يسارية تنبع من مشروعية خيارنا و برامجنا و توجهاتنا السياسة المستندة على الفكر الاشتراكي والنظرية الثورية للطبقة العاملة، وهذا ما يجعلنا ان ننظر الى المستقبل بأفق واسع، متجاوزين مقولة نهاية التاريخ وانسداد المستقبل. ان التغيير الاجتماعي بمعناه الواسع ممكن، ومن الممكن إقامة عالم آخر يتم فيه ضمان العدالة الاجتماعية والمساواة والاشتراكية.

لذا من حقنا ان نبلغ خطابنا الى أصدقاء حركتنا والمناوئين لها، لنقل لهم بصوت واضح:

عاشت الاشتراكية خيارنا التاريخي والمستقبلي لنضالنا من أجل الشعب والوطن، ومن أجل حقوق الطبقة العاملة والكادحين.

عاش نضال الطبقة العاملة والمجد للأول من أيار اليوم العالمي لكفاح الطبقة العاملة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كلمة الرفيق د.كاوه محمود سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني في احتفال لجنة العمل اليساري الكردستاني المشترك، بمناسبة الأول من أيار.