اخر الاخبار

طريق التنمية  فضائل ومعوقات

لصحيفة (الدبلوماسية الحديثة) كتب جون كاليبريس مقالاً حول العلاقات العراقية التركية، أشار فيه إلى مذكرات التفاهم الأربع والعشرين التي وقعها الرئيس التركي أثناء زيارته الأخيرة لبغداد، والتي كان من أبرزها اتفاقية مبدئية تضم العراق وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، للتعاون في مشروع طريق التنمية، والذي تم تصميمه منذ الثمانينيات باسم ممر القناة الجافة، الممتدة لما يقرب من 1200 كم بين ميناء الفاو العراقي والعاصمة أنقرة.

مشروعان عملاقان

وذكر الكاتب بأن العراق قام في العقد الأخير بإطلاق مشروعين رئيسيين لتعزيز أهميته الجيوسياسية، هما ميناء الفاو الكبير ومبادرة طريق التنمية. ففي عام 2020 تم توقيع عقد بقيمة 2.6 مليار دولار مع شركة دايو للهندسة والإنشاءات الكورية الجنوبية لبدء المرحلة الأولى من المشروع الأول، والمتعلقة ببناء الميناء، لتعقبها المرحلة الثانية التي ستشمل إنشاء منطقة صناعية تضم مصفاة ومصنعًا للصلب وبعض المرافق الصناعية، ثم المرحلة الثالثة التي تتضمن إنشاء مدينة الفاو الجديدة، التي تضم سكنًا ومركزًا تجاريًا ومدرسة ومساجد. أما مشروع طريق التنمية فسيتكون من ثلاث مراحل، تنجز الاولى بحلول عام 2028، تليها المرحلة الثانية في عام 2033، والمرحلة الثالثة في عام 2050. وبصرف النظر عن الخدمات اللوجستية، فإن المشروع تم تصميمه لتعزيز التنمية الحضرية، مع توقع ظهور مدن جديدة ومراكز صناعية على طول الممر.

شكوك ومخاوف

وأكد المقال على أنه ورغم اتسام تاريخ العلاقات بين البلدين بالكثير من التوترات، فإن تعاون العراق وتركيا في مشروع طريق التنمية جزء لا يتجزأ من سعيهما لتعزيز العلاقات الثنائية. لكن نجاح تنفيذ المشروع لا يتوقف فقط على التعاون والتنسيق بينهما وإنما أيضًا على التغلب على جملة من التحديات الأخرى. ورأى الكاتب بان هناك العديد من الشكوك المحيطة بالمشروع نفسه، من أهمها صعوبة اقناع الصين وغيرها من الشركاء التجاريين الرئيسيين بالتخلي عن النقل البحري بين آسيا وأوروبا والذي يعّد خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالطرق البرية. كما يبدو التفاؤل بقدرة الحكومة العراقية على تغطية حصتها في المشروع بأموالها او بجلب إستثمارات أجنبية، غير واقعي، لاسيما في ظل السجل غير المشجع لحكومات ما بعد عام 2003 في إدارة مشاريع البنية الأساسية واسعة النطاق، سواء في ضعف الكفاءة أو الفساد أو البيروقراطية أو غياب الهوية الوطنية واعتماد منظومة المحاصصة والمحسوبية.

كما اعتبر المقال الخلافات القائمة بين بغداد وأنقرة، حول تقاسم المياة في نهري دجلة والفرات وتصدير النفط عبر الموانئ التركية واختلاف الأولويات بين الطرفين، حيث يعطي العراق الأولوية لتعزيز التجارة فيما تهتم تركيا بالتعاون ضد حزب العمال الكردستاني، من العقبات التي قد تؤثر سلباً على المشروع.

مواقف المستبعدين

وادعى الكاتب بأن التصميم الأولي للطريق قد استبعد المدن الكبرى في إقليم كردستان بسبب الصعوبات الفنية وزيادة التكاليف والجداول الزمنية الطويلة للمشروع، مما أثار الجدل، ودفع بوزير النقل في حكومة إقليم كردستان آنو جوهر أن يعرب عن اعتقادة بعدم امكانية انجاز الطريق بدون كردستان، إلى جانب سعي أربيل لإحياء مشروع قديم لمد سكة حديد تربط بين إيران وتركيا.

ورأى الكاتب بأن استثناء طريق التنمية لإيران سيقلل من الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها طهران من المشروع، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية، يبدو بان وزير الخارجية التركي كان مدركاً لها حين صرح بأن أنقرة ترغب في إشراك إيران في طريق التنمية بشكل ما.

كما تطرق المقال إلى عدم وضوح المشاركة الخليجية والصينية حتى الآن، مؤكداً على أن رغبة روسيا بالمشاركة في المشروع تصطدم بقوة بالعقوبات المفروضة عليها جراء الحرب في أوكرانيا.