اخر الاخبار

أحيا العالم أمس اليوم الدولي للسلام والذي، أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت إلى «الاحتفال بمُثُل السلام وتعزيزها بين جميع الأمم والشعوب». وبعد مرور عقدين على تغيير النظام الدكتاتوري في العراق، ما زال البلد أسير العنف وسلطة السلاح المنفلت وسياسة البطش والقسوة تجاه الذين يدعون إلى تعزيز السلام والديمقراطية. ولم ينتج نظام المحاصصة الطائفية طيلة هذه الفترة سوى الدمار والخراب، ليهمش السلام ويقصي كل الفرص التي سنحت لصناعته، ما دعا الناشطين والمعنيين بهذا الجانب لأن يؤكدوا أن صورة العراق غير مرضية أمام العالم بفعل الخراب الكبير والصراع المستمر على السلطة وما آلت اليه الأوضاع.

للعراق صورتان

وتعليقا على المناسبة، يقول الناشط الحقوقي محمد السلامي لـ»طريق الشعب»، ان «العالم شهد حروبا عديدة، كانت عالمية على مستوى اوروبا، وأخرى اقليمية أو أهلية، جاء على اساسها اليوم العالمي للسلام الذي وضعته الامم المتحدة واعطت اهمية لقضية السلام، على اعتبار ان الهدف من نشأة الامم المتحدة هي الامن والسلام العالمي وحقوق الانسان والتنمية.

وبشأن موقف العراق امام المجتمع الدولي في خصوص السلام الذي تحييه هذه المناسبة، أوضح السلامي أن «للعراق صورتين تخصان السلام، احداهما تتعلق بمحاربته للإرهاب والتنظيمات الإرهابية بكل أشكالها، وكان له دور كبير جدا بمساعدة التحالف الدولي والدول الاقليمية. وأما الصورة الثانية فهي تتعلق بالسلاح المنتشر في كل مناطق البلاد، والذي يعطي صورة بان العراق دولة فاشلة بحصر السلاح قواته الأمنية الرسمية، حيث نجد ان الكثير من فئات المجتمع تمتلك السلاح».

وتابع السلامي قائلا: «المطلوب هو تنفيذ مسائل قانونية ودستورية، فالمادة التاسعة من الدستور تمنع ان تكون هنالك مجاميع مسلحة خارج إطار القوات الأمنية الرسمية، وايضا قانون الاحزاب يمنع ان تمتلك الاحزاب اذرعا مسلحة ويحظر مشاركتها بالانتخابات خلافا لذلك، فضلا عن اعلاء سلطة القانون ومنع الافلات من العقاب»، مبينا أن «البلدان النامية عندما لا تشهد تنمية وحركة اقتصادية سيلجأ الشباب الى اي مكان يوفر لهم عمل. وفي العراق للأسف اصبح حمل السلاح مهنة والاحزاب التي تمتلك السلاح وتحاول فرض ارادتها على المجتمع، تعمدت اضعاف الاقتصاد واقصاء الشباب واستغلالهم»، مشددا على اهمية «الاهتمام بالتنمية وتمكين الشباب واشراكهم في عملية صناعة السلام فهم الركيزة الاساسية لذلك».

فشل سياسي وتعزيز للعنف

وقبل عامين، أطلقت الحكومة ما يسمى «التحالف الوطني للشباب والسلام والأمن»، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وأكاديمية فولك برنادوت (الوكالة السويدية المعنية بدعم جهود السلام والأمن والتنمية).

ودعا التحالف إلى تطبيق أجندة الشباب والسلام والأمن عبر السياسات والبرامج، ودعم تمكين الشباب من المشاركة في عمليات بناء السلام والاضطلاع بأدوار قيادية خلالها.

ويقول الناشط المدني، محمد سعدالدين، إن هذه المبادرات والتحالفات الحكومية او أي صفة حملت، هي لا تمس جوهر المشكلة وتفشل دائما في صناعة السلام وتعزيزه في المجتمع الذي يعاني من إرباك أمني وهشاشة كبيرة جدا. وهذا ما جعل البلد في مراتب متأخرة بين البلدان المتنعمة بالسلام، وشوّه صورة البلد أكثر أمام المجتمع الدولي.

ويوضح سعدالدين خلال حديثه مع «طريق الشعب»، أن «نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة تبين مدى فشل النظام السياسي في مثل هكذا أمر. قرابة عام كامل يتصارع المتنفذون على السلطة وبالتالي وصل الحوار إلى استخدام السلاح وترويع المواطنين وقتل العشرات منهم داخل منطقة مليئة بالسفارات والبعثات الدولية»، مشددا على أن «السلام لا يمكن صناعته بواسطة أدوات السلطة الحالية، انما يتطلب حلا سياسيا جذريا يعتمد السلام والديمقراطية أساسا واضحا وصريحا لبرامجه من أجل التغيير».

وأكد أن «البلد يواجه تحديات كثيرة، من ضمنها الحفاظ على الاستقرار وضمان سيادة الدولة، ودعم القوى المناصرة للديمقراطية وتعزيز سيادة القانون، والنهوض بالاقتصاد وتوفير الخدمات، والتأكد من أن عملية إعادة التوزيع تلبي مطالب المواطنين بتحقيق العدالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والأكثر أهمية هو وجود تلك المجموعات البارزة من الشابات والشبان الذين يحرصون على المشاركة في مختلف عمليات إعادة الإعمار وتجاوز مرحلة الصراعات والنزاعات. وبالفعل، يضطلع نشطاء السلام الشباب الذين يتزعمون المبادرات الشعبية وزعماء المجتمعات المحلية بعدد هائل من الأنشطة على أرض الواقع بهدف المساهمة في إعادة بناء المجتمع العراقي، وهو ما يُعدّ أحد المسارات الرئيسية لتحقيق السلام المستدام، حسبما يرى كثيرون، لكن ذلك يتقاطع مع الرفض القاطع من قبل القوى المتنفذة للسلام الاجتماعي والسياسي لأنها تعيش على الازمات والطائفية والصراعات العنيفة».

ويأتي العراق دائما في مراتب متقدمة بين البلدان الأقل أمنا وسلاما، ففي عام 2020 جاء كرابع بلد يفتقر إلى السلام بعد افغانستان، اليمن، جنوب السودان والصومال ضمن مؤشر السلام العالمي.

عرض مقالات: