اخر الاخبار

يعاني أهالي سنجار من معوقات كثيرة تمنع عودتهم من مخيمات النزوح إلى مناطقهم السكنية. ومن ضمن هذه المعوقات هو القصف التركي المتواصل، والذي تعجز الحكومة عن إيقافه، فضلا عن الجماعات المسلحة التي تتصارع هناك من أجل النفوذ، ولا تلتزم باتفاق تطبيع العلاقات والتهدئة والتهيئة لإعادة النازحين.

مشكلة أزلية

منذ سنوات، يتواصل القصف التركي لمناطق سنجار بسبب إدعاء أنقرة ملاحقة أو قصف مواقع حزب العمال الكردستاني. وبحسب كل الخبراء والمراقبين للشأن السياسي، فقد عجزت السياسة العراقية وصنّاع القرار عن توفير بيئة آمنة لعودة النازحين الذين ذاقوا الأمرين، حيث أن ملف انتهاك السيادة مهمل، ولا توجد ردود فعل دبلوماسية، تليق بمستوى الجرائم المتكررة.

أهالي سنجار لا يعانون من القصف التركي وحده، فهناك أزمات داخلية دفعت بالآلاف منهم إلى النزوح بسبب السلاح والصدامات بين أطراف عديدة تتواجد في المنطقة. فلم يمض الكثير على إعلان سلطات إقليم كردستان عن استقبال المئات من الأسر النازحة، وقول مدير مركز تنسيق الأزمات في وزارة داخلية الإقليم، حسين كلاري، خلال مؤتمر صحافي، إن “أحداث عنف مسلحة في سنجار يمكن اعتبارها الحملة 75 التي يتعرض لها الإيزيديون طيلة تاريخهم، والتي دفعت بأكثر من 700 أسرة، أي أكثر من 4000 شخص إلى النزوح نحو محافظة دهوك”. 

كما مضى عامان على اتفاق تطبيع الأوضاع في سنجار دون تحقيق أي فقرة من فقرات الاتفاق الذي يؤكد ضرورة إخراج الجماعات المسلحة وإعادة الأهالي إلى مناطقهم بأمان.  ويؤكد عضو تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في نينوى، غازي كاكائي، أن “القصف التركي يمنع عودة العائلات النازحة إلى قضاء سنجار، وأن الحكومة لديها تقصير كبير جدا تجاه إعادة النازحين وفرض الاستقرار في القضاء الذي تعرض إلى دمار شبه كامل”.

صراع دولي وتدمير للمكون

ويقول الناشط الايزيدي ذياب غانم، أن أسباب عدم العودة من قبل النازحين كثيرة، لكن ما يجب قوله هو أن الصراع داخل سنجار أصبح إقليميا وليس محليا فقط.

ويوضح غانم خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن لـ”إيران وتركيا مصالح كثيرة داخل القضاء وكل منهما يعتبره ضمن خطوط عمله الحيوية، لذلك يتواصل الاستهداف ويمنع الاستقرار في المنطقة وفق هذه اللوحة الدولية المعقدة”، مشددا على أن “قصف مناطق سنجار متواصل وقبل يومين قصفت الطائرات التركية منطقة رأي جبل سنجار، فيما لمحت استخبارات الإقليم بشأن إمكانية سقوط ضحايا وجرحى نتيجة القصف هذا”.

وتابع المتحدث قائلا: ان “البنى التحتية للقضاء متهالكة جدا، وملف التعويضات للمتضررين معطل. هناك الكثير من الأهالي بلا بيوت ووضعهم صعب جدا لذلك نطالب بتوفير الأمن والخدمات وبناء المجمعات السكنية للأهالي، فهم بلا مأوى والخوف من الموت يحاصرهم”، لافتا إلى أن “المنظمات المتواجدة في المنطقة من أجل بناء بعض البيوت للمواطنين، تعمل بطريقة الوساطات والمعارف، وتطلب من الآخرين القدوم للمنطقة والسكن حتى يبنون لهم بيوتا، وهذا أمر مستحيل ومكلف وغير منطقي”.

وأوضح غانم قائلا: “قبل فترة جرى تخصيص مبلغ قدره 28 مليار دينار لإعادة بناء سنجار وفق برنامج خاص برئاسة عبد القادر الدخيل نائب محافظ نينوى. وبعد فترة اختفت الميزانية والحكومة المركزية ولا أحد يتحدث عن مصير البرنامج والأموال. نحن نعتقد أن الحكومة هي من يتحمل كل هذا الخراب، وبما فيه عدم إعادة النازحين إلى بيوتهم”، لافتا إلى أن “بعض العائلات في مخيمات النزوح بدأت تبني خيامها بمواد البناء، لأنها يئست من العودة بسبب ما يجري، ولا تعلم ما هو مصيرها”.

وأفاد الناشط الايزيدي بأنه “في الشهر الثامن الماضي أوضحت منظمة (الند) المهتمة بالشباب في محافظة دهوك، بترك 3053 أيزيديا لمخيمات النزوح بسبب عدم مقدرتهم على العيش في هذه الاماكن، وبالتالي سيواجهون مصاعب كثيرة أيضا، بينما يشير رصد المنظمة إلى رغبة 83 في المائة من النازحين بالهجرة الى خارج البلاد”.

وبحسب أرقام دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، والتي تضم مخيماً لنازحي سنجار، فإن أكثر من 360 ألف كردي أيزيدي نزحوا من المدينة في عام 2014، يعيش 331 ألفاً و200 منهم داخل المخيمات وخارجها في المحافظة، فيما هاجر قسم إلى خارج البلاد، وعاد بعض آخر إلى مناطقهم.

بدوره، أوضح مدير دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك، بيرديان بير جعفر، في تصريح لمحطة إخبارية محلية، أخيراً، أن “هناك أكثر من 38 ألف عائلة من المكون الأيزيدي، نزحت من سنجار، وتعيش خارج المخيمات”، مشيراً إلى أن “إجمالي عدد الأطفال الذين ولدوا خلال السنوات الثماني الماضية هو 100 ألف طفل”.

عرض مقالات: