اخر الاخبار

أكد خبراء في الاقتصاد ومكافحة الفساد، أن المبالغ التي أكدت مصادر نيابية سرقتها من الضرائب، والتي تبلغ أكثر من 800 مليون دولار، هي غير دقيقة، وما جرت سرقته أكبر بكثير.  وجرت الإشارة إلى أن فساد نظام المحاصصة يرعى سرقات ضخمة ويحميها، فيما لا يمتلك البلد وفق هذه الظروف أية ضوابط لرصد الإيرادات غير النفطية، وهي إيرادات ضخمة يجري التلاعب بها، ولا يكشف إلا عن النزر القليل منها.

وثائق تتحدث

وكشفت وثائق صادرة عن هيئة الضراب، عن سرقة 2.5 مليار دولار من حساب الهيئة في مصرف الرافدين الحكومي. وتشير الوثائق التي نشرتها وكالات انباء محلية، إلى سرقة مبلغ 3.7 تريليون دينار من قبل خمس شركات بناءً على صكوك حررتها الهيئة العامة للضرائب.

وتبيّن الوثائق، أنّ «تدقيق الحسابات يكشف بما لا يقبل الشك أنّ المبالغ قد جرى الاستحواذ عليها (سرقتها)، دون أن تذهب إلى أصحاب حق الاسترداد أو تذهب كإيراد إلى خزينة الدولة بموجب القوانين».

اعتراف رسمي

وقال أحمد طه الربيعي، عضو لجنة النزاهة البرلمانية، أن أموال الضرائب تعرضت إلى سرقة ضخمة يتجاوز مبلغها 800 مليون دولار. ووفق بيان صحفي للنائب، تابعته «طريق الشعب»، فأن «إجابات وزارة المالية الواردة لنا تؤكد وجود سرقة في إيرادات حسابات الأمانات العائدة للضريبة العامة في مصرف الرافدين والتي تتجاوز (٨٠٠) مليون دولار، ومن هنا نؤكد انه لا يمكن لأية سلطة أو جهة التغطية على هذه السرقة أو نفيها لصالح سُرّاق المال العام». وأضاف النائب: «لقد بينت الوزارة بأنها شكلت لجنة لإجراء التحقيق الإداري بالموضوع وقدمت اللجنة توصيات احترازية بحق المدراء العامين السابقين كون فقدان هذه المبالغ الهائلة من حساب الهيئة العامة الضرائب كان خلال فترة إدارتهم وتحت مسؤوليتهم وصلاحياتهم المباشرة. وأكدت الوزارة أنها تنتظر التحقيق القضائي إذ أنّ القضية معروضة أمام القضاء الذي له ولاية عامة في حماية المال العام».

داء الفساد مستشري

من جانبه، علّق الباحث في الشأن الاقتصادي علي تويج على هذه الاعترافات الرسمية بحجم الفساد وقال أنها حالة طبيعية في ظل ما قامت به القوى المتنفذة على مدار أعوام، مبينا أن الإجراءات التي قامت بها كل الهيئات منذ عام 2003 وحتى الآن هي عاجزة وفاشلة وراعية للفساد.

وأوضح تويج لـ»طريق الشعب»، أن «التردي الذي تشهده نزاهة الاقتصاد وسرقة واختلاس مئات ملايين الدولارات بهذه الطريقة هو أمر مرتبط مباشرة بداء الفساد الذي طال كل الهيئات واللجان. فهنالك مؤشرات سلبية على عمل هيئة النزاهة الاتحادية وكذلك الحال مع لجنة النزاهة النيابية وكل الجهات ذات العلاقة. أما ديوان الرقابة المالية، فهو رغم جدارته وكفاءة كوادره لكنه لا يكشف كل شيء وتقاريره تبقى طي الكتمان فيما تُمنع الصحافة من الوصول إلى مصادر المعلومات، وهنالك تضييق وإخفاء للحقائق ترعاه مؤسسات الدولة بشكل رسمي، لأن المتنفذين يسيطرون عليها»، لافتا إلى ان «غياب الشفافية في ظل نظام محاصصاتي لم يقدم الحسابات الختامية منذ سنوات طويلة». وأضح أن «مبالغ ضخمة ليست من إيرادات النفط يجري الاستحواذ عليها بشكل كبير، ومن بوابات لا تحظى بالاهتمام وتسليط الضوء».

مليارا دولار

أما الخبير في مكافحة الفساد سعيد ياسين، فيقول أن هذا الموضوع قديم وكان أحد دوافع استقالة وزير المالية السابق، مشيرا الى ان هنالك مبالغ ضخمة بحساب مصرف الرافدين الحكومي جرى التصرف بها بهذه الطريقة.

ويضيف ياسين لـ»طريق الشعب»، أن الموضوع أعلن للملأ والآن «أحيل إلى هيئة النزاهة التي صار بيدها الملفات الكاملة واتخذت إجراءات كاملة منها سحب يد الموظفين وما زال التحقيق مستمرا»، مبينا أن «الجديد بالأمر هو أن عضو اللجنة المالية النيابية، فالح الساري، أكد أن المبلغ المسروق هو ملياري دولار وليس 800 مليون كما قيل».

وقال الخبير أن «المشكلة كبيرة جدا وتبدأ من عدم امتلاك العراق أي رصد للإيرادات غير النفطية. علما أن الإيرادات النفطية مرصودة وفق (مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية) ولكن الإيرادات مثل هيئة الضرائب والكمارك والرسوم الحكومية من المرور والبلدية وغيرها غير مرصودة، ولا نعلم كم هي مبالغها سواء كانت في الأمانات أو الضرائب أو غيرها. هنالك عمل حثيث بالكمارك لأتمتة هذا القطاع وخصوصا للمنافذ الحدودية». وشدد ياسين على أن «عملية الأتمتة بالكمارك والمنافذ بدأت سنة 2019 بقرار حكومي لتأسيس بنى تحتية لها، وأن الأتمتة تحافظ على جميع المعاملات الحكومية التي لها تماس بحياة المواطنين وسهولة وانسيابية تلبيتها».

وأكد المتحدث أن «أي معاملة فيها جانب مالي ويتم التعامل معها بشكل ورقي وبطريقة مباشرة، هي معاملة تحوم حولها شبهات فساد كثيرة وهذا الرأي مبني على أساس علمي يقول بأن أكثر من 37 وظيفة هي الأكثر عرضة للفساد إضافة إلى حوالي 13 لجنة حكومية عرضة للفساد أيضا بسبب استخدام هذا النمط من العمل»، لافتا إلى أن عملية الأتمتة تحتاج إلى «تشريعات قوانين مثل العقود والمناقصات والمشتريات الحكومية وهذه تتطلب قانون عقود واليات وشروط ومعايير.

ودعا الخبير إلى «تحقيقات دقيقة والتوجه إلى أتمتة هذا السياق من العمل وتحديد المسؤولية بدقة للمحاسبة. من جانب آخر لماذا كل هذه الأموال الهائلة موجودة في حساب مصرفي تحت عنوان أمانات؟ فأين أصحاب هذه الأمانات من شركات صناعية وتجارية وأفراد وجميع القطاعات، ولماذا هؤلاء تركوها وتحت اي نفوذ؟ نحتاج من هيئة النزاهة والتحقيق الإداري ان تجيب على تلك الاسئلة».

عرض مقالات: