اخر الاخبار

يطلق المختصون في الشأن الاقتصادي تحذيرات من إمكانية تعرض العراق خلال الفترة المقبلة إلى أزمة اقتصادية كبيرة، في حال انخفاض أسعار النفط وعودتها إلى ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية.

وتجري الإشارة إلى أن الوفرة المالية الكبيرة التي تحققت مؤخرا من ارتفاع الأسعار، لم توجه صوب تعزيز الاستثمار الصناعي ودعم القطاعات الإنتاجية، ولا لدعم المواطنين الفقراء وتحسين معيشتهم الصعبة.

وفرة مالية بلا فائدة

مع الانخفاض المفاجئ بأسعار النفط في العام 2020 والذي أتى بشكل مفاجئ، سرعان ما ظهرت هشاشة الاقتصاد العراقي ومشاكل اقتصاده الريعي العاجز.

ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد خضير، أن “أزمة فيروس كورونا في عام 2020 عرّضت البلد لصدمة كبيرة بعدما تدهور الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار. حيث وافقت الحكومة على توصية المجلس الوزاري للطاقة رقم 39 لسنة 2020 والمتضمنة محضر اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) ومجموعة (اوبك بلس) على خفض إنتاج النفط والتزام العراق بتخفيض حصته، لتنخفض بذلك واردات العراق بشكل هائل، أحدث مشاكل لا حصر لها على الصعيد الداخلي”. ويقول خضير لـ”طريق الشعب”، أن “العراق لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية الحالية انما استفاد منها من خلال زيادة عائداته النفطية، لكن هذه الزيادة لم تنعكس على حياة المواطنين، نتيجة لعدم وجود موازنة لعام 2022”، مبينا “أنها واحدة من صور أزمات نظام المحاصصة، فهنالك وفرة مالية كبيرة تتحدث الحكومة عنها، بينما الفقر ينهك الملايين ولا يستفيد الشعب من ثرواته التي ينهبها المتنفذون”.

ويلفت الخبير إلى أن الحكومة أكدت أكثر من مرة بأن “متوسط الإيرادات النفطية للعام الحالي سيزيد بنسبة لا تقل عن 60 في المائة من إيرادات الصادرات النفطية للعام الماضي، ما يعني أنه سيكون هناك احتياطي مالي كبير متوفر للدولة في نهاية العام ربما يتخطى الـ 40 مليار دولار. ورغم حديثها عن استثمار هذه الزيادة المفاجئة في الإنفاق الاجتماعي (الرعاية الاجتماعية) وتقديم الخدمات، إلا أن ذلك لا يبدو حقيقيا وجديا”.

ومقابل هذا التقصير الواضح في الاستفادة من الفائض المالي، وجهت انتقادات واسعة للحكومة بسبب عدم توظيف الأموال المتراكمة في سد فجوة العجز في الموازنة العامة مثلا، أو دعم التوجهات التنموية وتحسين وضعية المواطن لاسيما ملف الصحة والتعليم.

وجرى التحذير من ضياع هذه الأموال بسبب الفساد الهائل وعدم وجود الحسابات الختامية ولا الموازنة، مع الإشارة إلى نماذج حية من الفساد كما جرى مع أموال الضرائب مؤخرا.

ارتفاع مؤقت ورؤية غائبة

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي صالح الهماش، ان الفائض المالي المتحقق من إيرادات النفط لا يمكن التصرف فيه لعدم وجود موازنة، وأن هذا ليس بعذر لعدم توظيف الأموال، وإنما إظهار لفداحة الصراع السياسي وأثره على مستقبل البلد وحاضره. ويؤكد الهماش خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أنه “لو جرى التصرف بهذه الوفرة المالية فلن تجدي نفعا لعدم وجود موازنة ولا رؤية سليمة للإدارة المالية فكل شيء تقريبا يدور حول حلقة الاستهلاك لا الإنتاج، لذلك فأن غياب الخطط الاقتصادية سيهدر الأموال”، مردفا انه “يجب الاستفادة من وفرة الأموال هذه في إنشاء مشاريع ذات مردود مالي كالصناعة أو شبكات الطرق والمواصلات لأنها تجذب الاستثمار بشكل كبير وهذا ما تقوم به كل الدول المنتجة”.

ويبيّن الهماش أن “الارتفاع الحالي لأسعار النفط مؤقت، أو لنقل أنها غير حقيقية. فالتقارير الدولية تقول أن الأسعار الحقيقية تتراوح ما بين 55 إلى 65 دولارا، وان أي زيادة أو نقصان في الأسعار غير طبيعي، وسرعان ما ستعود إلى وضعها الطبيعي بعد انتهاء المسببات، وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية التي لن تدوم . وأن العراق أمام خيارين بحال عادت أسعار النفط إلى وضعها وعدم استفادته من الوفرة الحالية، فأما العودة إلى التقشف أو الاستدانة من صندوق النقد الدولي”.

ويتابع الخبير قائلا ان “عودة أسعار النفط إلى أسعارها الحقيقية ستعيد المشاكل مجددا وستعكس بوضوح حجم مشكلة النظام السياسي الحالي ومدى تأثيرها على قطاعات حيوية مثل الصحة والنقل والتعليم والخدمات”، مردفا بأنه “إلى الآن لا توجد أي خطة لحالة انخفاض أسعار النفط، والسبب أن الحكومات المتعاقبة هي حكومات صدمة لا حكومات تخطيط واستعداد وعمل”، مشددا على أن “التفكير الوطني كان يحتم على أصحاب القرار الاستفادة من هذه الوفرة المالية في استثمارات اقتصادية حقيقية كبناء المصانع واستصلاح الأراضي الزراعية وتطوير المنشآت الصناعية وذات الإيرادات، ووضع خطة تنموية لا تؤثر على الضرائب والرسوم وتعظّم من إيرادات الدولة بشكل حقيقي”.

عرض مقالات: