اخر الاخبار

تقول الأمم المتحدة أن “الأسبوع الدولي لنزع السلاح” يُراد منه تعزيز الوعي وتحسين الفهم بمثل هذه القضية الهامة والحساسة. وستنطلق فعاليات هذا الأسبوع ابتداءً من يوم غد وهي الذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة. وفي غضون إحياء هذا الأسبوع، يقف العراق عاجزا أمام السلاح المنفلت الذي أصبح لاعبا أساسيا في العملية السياسية وصياغة القوانين والتحكم بمصير الانتخابات النيابية التي فقدت ثقة المواطنين. ويتحدث ناشطون ومختصون في هذا الشأن عن معوقات كثيرة تجعل من حصر السلاح أمرا صعبا، مؤكدين أن العملية السياسية لن تشهد أي استقرار دون حل هذه المشكلة وبشكل جذري.

أسبوع دولي مهم

وجاءت الدعوة إلى الاحتفال السنوي بهذه المناسبة لأول مرة في الوثيقة الختامية لدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الاستثنائية بشأن نزع السلاح التي عقدت في عام 1978. وفي عام 1995، دعت الجمعية العامة الحكومات، وكذلك المنظمات غير الحكومية، إلى مواصلة المشاركة بنشاط في فعاليات أسبوع نزع السلاح (القرار 50/72 باء، المؤرخ 12 كانون الأول/ ديسمبر 1995) لإذكاء وعي الجمهور بقضايا نزع السلاح.

وتشدد الأمم المتحدة على أن أبرز أسباب الدعوات لنزع السلاح تتعلق بـ”صون السلم والأمن الدوليين، ودعم مبادئ الإنسانية، وحماية المدنيين، وتعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز الثقة بين الدول، ومنع النزاعات المسلحة وإنهائها. كما تساعد تدابير نزع السلاح والحد من التسلح في ضمان الأمن الدولي والإنساني، وبالتالي يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من نظام أمن جماعي موثوق به وفعال.

وفي العراق، يعاني المواطنون ومنذ عقود من انتشار السلاح المنفلت وخصوصا خلال الفترة التي تلت الاحتلال وتعزيز نظام المحاصصة هذه الظاهرة المدمرة.

ويقول محمود الهيتي، سكرتير المنتدى الاجتماعي: إن ظاهرة انتشار السلاح “تغلغلت بشكل كبير داخل المجتمع وأصبحت شائعة جدا لدرجة أن إجراءات فرض القانون بخصوصها أصبحت مستحيلة وفق الظروف الحالية”.

ويوضح الهيتي لـ”طريق الشعب”، أن نظام المحاصصة الطائفية “يُدار بواسطة قوى مسلحة لها نفوذ وتستخدم المال والسلاح لفرض أجنداته؛ وبالتالي فإن هذا السلوك قوّض عمل الدولة والبرلمان وأصبحت محافظات الوسط والجنوب أسيرة هذا السلاح. يموت الناس هناك بأشكال كثيرة مثل النزاعات والاغتيالات وغيرها، بينما في المناطق الغربية تكون حدة الأمر أقل بسبب الإرهاب الذي أجتاحها ودمرها، فهي ليست بحال أفضل”.

ويوضح سكرتير المنتدى الاجتماعي في العراق، أن “رصيد القوى المتنفذة هو السلاح المنفلت، فهي لا تمتلك جمهورا ثابتا وأن عملتها السياسية هي سلاحها الذي يغير أحيانا من الحسابات داخل المعادلة السياسية، تستخدمه عندما تشعر بالخطر وتكون مصالحها مهددة، ويمكن ملاحظة ذلك عندما تشابكت أطراف سياسية قبل أسابيع بالسلاح الخفيف والثقيل لتوضح ما يمكن أن تتسبب به للبلد والشعب”، مبينا أن “المحاصصة نفسها جعلت دور المؤسسات الأمنية ضعيفا في مواجهة هذه الظاهرة، فطبيعة تشكيلها حزبية وليست مهنية. لذلك صارت هيبة الدولة مفقودة تماما والسلاح هو لغة الحوار”.

مستويات عدة للخطر

أما محمد السلامي، رئيس جمعية المواطنة لحقوق الإنسان، فيرى أن الحديث عن السلاح “يجب أن يكون على عدة مستويات لتوضيح حجم المخاطر الهائلة”.

ويبيّن السلامي خلال حديثه لـ “طريق الشعب”، أنه وفي مناسبة الأسبوع الدولي لحصر السلاح، لا بد من الحديث على هذا الأمر وفق ثلاثة مستويات: أن “المستوى الأول يتعلق بالجانب القانوني والدستوري. لا يوجد نص يتيح لأي جهة أن تمتلك السلاح خارج إطار الدولة. وأن المادة التاسعة في الدستور تمنع أي مجموعة من حمل السلاح ولا تسمح بذلك أبدا، لكن ما يجري هو عكس ذلك”.

أما الجانب الثاني بحسب السلامي فهو “عدم الاستقرار الأمني للعراق والحروب المستمرة منذ عام 1980 وحتى الآن مع توقفات بسيطة، فهذه الفترة عززت العنف بشكل كبير وجعلت الأكثرية من العراقيين يتدربون على السلاح وبالتالي أصبحوا يعرفون كيفية استخدامه، بينما قبل تلك الفترة لم تكن هناك اهتمامات اجتماعية بهذا الشأن. إذن أن الظروف جعلت الناس يحفظون السلاح في الحروب للدفاع عن أنفسهم في ظل دولة ضعيفة وهشّة ولا تهتم بحقوق الإنسان للأفراد والجماعات ولا تحقق العدالة غالبا عند وقوع الاعتداءات”.

وأوضح أن المستوى الثالث هو “الحرب الطائفية التي جرت بعد الاحتلال، فقد عززت فكرة أهمية الحصول على السلاح والاعتماد عليه، لا الدولة. كما أن دخول تنظيم القاعدة في حينها أتى بكميات هائلة من السلاح عبر الحدود، نشره بين الأفراد وساعد على انتشاره وتحولت تجارة السلاح إلى ظاهرة لافتة بين العراق ودول الجوار”.

وتابع السلامي قائلا: انه “في هذه المناسبة أقول أن أي دولة تريد أن تعمل تنمية مثمرة، وتثبت الديمقراطية، لا بد أن تحل مشكلة السلاح وتجعله بيد المؤسسات الأمنية المختصة حصرا. لأن تأثيره يهدد العملية السياسية برمتها، فلا بد من أن تجد الدولة وسائل لجمعه من الناس وذلك عبر مقايضة المناطق الريفية بأدوات زراعية مهمة، أو توفير فرص عمل للعاطلين داخل المناطق العشائرية؛ فمثل هذه الأساليب وغيرها طبقتها دول أفريقية ونجحت فعلا بسحب كميات كبيرة من السلاح”.

عرض مقالات: