اخر الاخبار

لا يزال العمل الصحفي في العراق يواجه تحديات كبيرة وخطيرة على صعد مختلفة؛ فعلى الرغم من مرور 20 عاما على تغيير النظام السابق المعروف بدكتاتوريته الوحشية، والسعي للانتقال الى الديمقراطية، لم تتوقف الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في فضاء الصحافة في عموم البلاد.

ولم تعد تقتصر الانتهاكات على التخويف والتضييق، بل تطورت لأشكال عديدة منها عمليات الاغتيال واستهداف عوائل الصحفيين الآمنة في منازلهم او حرق مقرات القنوات الفضائية وغلقها بالقوة. وفي واقع الحال فان استمرار هذه الانتهاكات بدون رادع يرجع الى ضعف دور المؤسسات المعنية بالشأن وهيمنة قوى السلاح المنفلت على السلطة.

ادانة تاريخية

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 تشرين الثاني يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في قرارها 68/163، وقد اختير التاريخ تنديداً باغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 تشرين الثاني ، 2013  وحثت فيه الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب. ويدين هذا القرار التاريخي جميع الهجمات والعنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام.

ويعد القتل هو أكثر أشكال الرقابة على وسائل الإعلام تطرفاً، فالصحفيون يتعرضون لتهديدات لا حصر لها، تتراوح بين الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية الأخرى إلى المضايقات، وتتسبب في مناخً من الخوف لدى الإعلاميين، ما يعيق التداول الحر للمعلومات والآراء والأفكار.

واقع مخيف

ويجد مدير مركز رؤية بغداد لتطوير الاعلام والدراسات، الصحفي محمود النجار، أن «دور المؤسسات القضائية والامنية ما زال ضعيفا جدا، في ما يتعلق بالانتهاكات التي تحدث بحق الصحفيين، من عمليات تهديد واغتيالات وتهجير وتضييق والكثير من علميات التحريض والتشويه، على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات التلغرام».

واضاف في حديث خص به «طريق الشعب»، ان الكثير من «الصحفيين تعرضوا للتهديدات وخسروا حياتهم، ومنهم من واجه التهجير من مدينته الاصلية بعد تعرضه للتهديد»، عازيا السبب الى «عدم وجود حكومات تحاول ان تحافظ على ارواح الصحفيين والمحللين والناشطين المدنيين والمفكرين والكتاب».

واردف النجار قائلا: انه لطالما «كان هنالك تواصل ما بين الصحفيين والمعنيين بالأمر فعلى سبيل المثال كانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، كثيرا ما تلتقي بهيئة الاعلام والاتصالات ونقابة الصحفيين وغيرهم من المؤسسات الامنية والقضائية، من اجل ايجاد حلول حقيقية تحمي الصحفيين من الانتهاكات والاغتيالات».

وأردف ان «النتائج كانت مخيبة للآمال وغير مرضية، ويبدو ان المؤسسات الامنية والقضائية تواجه هي الأخرى تحديات كبيرة، بسبب السلاح المنفلت الذي تسيطر عليه أجنحة القوى السياسية».

وبيّن ان هذا الوضع «يعطي مؤشرين احدهما ارتفاع سلطة السلاح فوق سلطة القانون في العراق، والاخر ضعف اجراءات الحكومة العراقية بمؤسساتها القضائية والامنية، تجاه ما يحدث من انتهاكات بحق الصحفيين واصحاب الراي المؤثر في الرأي العام».

فيما أشار الى أن تطور هذه الانتهاكات «يعكس واقعا مخيفا ومرعبا للصحافة في العراق، وبالتالي ستنتهي كل محاولات رفع القضايا الانسانية وتغطيتها بشكل احترافي، وربما ستنتهي مسألة الدفاع عن حقوق الانسان وقضايا البلد، بسبب توجيه الرصاص والكواتم باتجاه الصحفيين، وسط اجراءات خجولة جدا وضعيفة من قبل الأجهزة الامنية والقضائية».

وشدد على ضرورة ان «يتدخل المجتمع الدولي في ما يخص قضايا التضييق على الصحفيين والافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضدهم، خصوصا وان الافلات من العقاب يعتبر اليوم اخطر مؤشر لمستوى الحريات في العراق، كون الجماعات المسلحة التي ترتكب هذه الجرائم تفلت من العقاب، ويتم اسدال الستار على هذه القضايا بطريقة غريبة».

تهديد دائم

من جانبه، قال عضو مرصد الحريات الصحفية الصحفي منتظر بخيت، ان «التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون في البلاد، هي عبارة عن مسلسل ترتفع احداثه نسبيا مع الاحداث السياسية والاحتجاجات الشعبية، ونلاحظ دائما أن هناك ضحية في كل صراع سياسي، ومع الاوضاع التي تمر بها البلاد، تزداد التهديدات وتنخفض، ونفقد أرواح الوسط الصحفي، نتيجة لهذه الصراعات».

واكد بخيت في حديثه لـ»طريق الشعب»، ان هناك «تخاذلا في هذا الملف او للحد منه على اقل تقدير، بينما دور المؤسسة القضائية والامنية خجول، ولا يرتقي حتى لمستوى الجرائم والعنف الذي تعرض له الصحفيون».

واوضح انهم سجلوا «الكثير من الانتهاكات بينما لا توجد اي متابعة لها من المعنيين، انما وصلت الامور في الاسبوع الماضي الى منع الصحفيين من زيارة بعض المؤسسات، وهذا يرتبط بمسالة حق الوصول للمعلومة».

واشر بخيت وجود تماهٍ في بعض الاحيان مع «هذه الجرائم التي يتعرض لها زملاؤنا في جميع المحافظات وحتى في اقليم كردستان، والتي يمكن وصفها بانها وحشية، لان الصحفي لا يمتلك سوى ادواته البسيطة، بينما لم تسلم حتى عوائلهم من التعرض للتهديد، وشهدنا في الفترة السابقة استهدافا لمنازلهم».

وقال ان هناك ثلاث قوى تشكل تهديدا دائما على الصحفيين، وهي مؤسسات الدولة نفسها سواء قوات الامن او الوزارات او المسؤولين، والجماعات المسلحة، وثالثا العشائر التي تتعرض في بعض الاحيان للصحفيين في حال تمت تغطية نزاع عشائري مسلح «.

ووسط هذه التحديات أشار الى انه «شهدنا هجرة الكثير من الصحفيين او اضطرارهم للكتابة بأسماء وهمية، وهذا احد اسباب اختفاء الكثير من الصحفيين، والذي اعتبره المرصد ابعادا قسريا لدور الصحفي».

عرض مقالات: